2 فدان من الأراضي الزراعية ذات المحاصيل المتنوعة يعمل عليها الروبوت فيلد سكاناليزر، أكبر روبوت زراعي في العالم، كل يوميوجد بالروبوت فيلد سكاناليزر مجموعة من العيون الإلكترونية التي تقيم درجة حرارة المحاصيل وشكلها ودرجة لونها وزاوية كل ورقة«مع هذا الروبوت لدينا فرصة لمعرفة الأشياء الأكثر أهمية، أو الأشياء التي لم نكن نعرفها من قبل، أو مجموعات مختلفة من الميزات الزراعية الجديدة» آبي ستايليانو - الأستاذ المساعد في علوم الكمبيوتر بجامعة سانت لويس على عينة خضراء في صحراء أريزونا، يقوم روبوت يزن 30 طنا بفحص النباتات الذي يمكن أن يساعد في إطعام البلدان الفقيرة وتزويد السيارات الأمريكية بالوقود. ويقول باحثو المشروع إن الروبوت العملاق الذي يبلغ ارتفاعه 70 قدما، والذي يطلق عليه اسم «فيلد سكاناليزر Field Scanalyzer»، سيكون أكبر روبوت زراعي في العالم.ويشبه الروبوت الجديد سقالة كبيرة الحجم بعلبة تطفو في وسطها، ويعمل يوميا على مساحة 2 فدان من المحاصيل المختلفة، بما في ذلك الذرة الرفيعة والخس والقمح، وملحق به مجموعة من العيون الإلكترونية، التي تقيم درجة حرارة المحاصيل وشكلها ودرجة لونها وزاوية كل ورقة.ويرسل الروبوت سكاناليزر تلك البيانات، التي يصل حجمها إلى 10 تيرابايت في اليوم - أي ما يعادل حوالي 2.6 مليون نسخة من رواية «الحرب والسلام» للكاتب الروسي ليو تولستوي - إلى أجهزة الكمبيوتر في إلينوي وميسوري.ولا يمكن تحليل نطاق وعمق البيانات الناتجة إلا باستخدام خوارزميات التعلم الآلي، وفقا لعلماء البيانات في جامعة جورج واشنطن George Washington وجامعة سانت لويس St. Louis، حيث يقوم الباحثون بإدخال المعلومات لأجهزة الكمبيوتر لتحديد الروابط بين جينات معينة وسمات نباتية يلاحظها الروبوت سكاناليزر.ويقول الباحثون إن التعلم العميق، وهو شكل من أشكال الذكاء الاصطناعي يستخدم الاستنتاجات من البيانات لزيادة تحسين النظام، ويمكن أن يساعد أيضا في تحديد كيف قد تختلف بعض أنواع النبات عن بعضها البعض بطريقة قد لا يتوقعها علماء النبات أنفسهم.ويعتبر هذا الجهد جزءا من مشروع مدته خمس سنوات بقيمة 26 مليون دولار تقريبا، وتم بتمويل من وزارة الطاقة الأمريكية ومؤسسة بيل وميليندا جيتس، ويهدف إلى مساعدة المزارعين على تحديد الخصائص والعلامات الجينية، التي تشير إلى أصناف المحاصيل الأكثر كفاءة ومرونة.ويسعى الباحثون إلى تطوير المحاصيل التي يمكن أن تنتج الوقود الحيوي، مما يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري. ويمكن أن تساعد أيضا في تحديد المحاصيل الغذائية، التي يمكن أن تزدهر في ظروف أكثر جفافا وحرارة مع تغير المناخ.وتقول آبي ستايليانو Abby Stylianou، الأستاذ المساعد في علوم الكمبيوتر بجامعة سانت لويس، التي تعمل على تطوير الروبوت الجديد: «مع هذا الروبوت لدينا فرصة لمعرفة الأشياء الأكثر أهمية، أو الأشياء التي لم نكن نعرفها من قبل، أو مجموعات مختلفة من الميزات الزراعية الجديدة»، مشيرة بذلك إلى نماذج التعلم التي يعمل عليها المشروع.وأضافت: ربما نتمكن من جمع المعلومات عن أوراق النباتات العريضة والمثيرة، التي تتوافق مع بعض النتائج المعينة، التي نهتم بها في مجال تطوير الزراعة.ويستخدم العلماء في الفترة الحالية أيضا مجموعات البيانات أيضا لاختبار أدوات الذكاء الاصطناعي التي يمكن تطبيقها على البحث في شيخوخة البشر، أو في حالات تطور المرض، كما يقول روبرت بليس Robert Pless، رئيس علوم الكمبيوتر في جامعة جورج واشنطن، الذي عمل على بيانات سكاناليزر منذ بداية المشروع.وتقوم بعض الشركات الزراعية بالفعل بدمج الذكاء الاصطناعي في جهودها المستمرة منذ عقود لإنتاج بذور أفضل أداء للمزارعين، وتقول شركة باير إيه جي Bayer AG، أكبر مورد لبذور المحاصيل في العالم، إنها طورت خوارزمية ذاتية التعليم للتنبؤ بأداء بذور المحاصيل، مما يساعد الشركة على التوسع في خط أنابيب تطوير بذور الذرة بأربعة أضعاف مقارنة بمستويات عام 2012، وفول الصويا بمقدار ستة أضعاف، مع توفير عام من وقت البحث.وقال الباحثون أيضا، إن برنامج سكاناليزر بدأ كجزء من برنامج تموله الحكومة يسمى موارد طاقة النقل من الزراعة المتجددة، والذي يهدف إلى المساعدة في حل تحديات الطاقة على المدى الطويل.وتمتد أرجل الروبوت الضخمة على شريط بعرض 92 قدما وطول 1200 قدم من الحقول المروية، باستخدام عجلات مثبتة على مسارات لاجتياز الصفوف بسرعة بضعة سنتيمترات في الثانية.وبين الساقين يتم تعليق صندوق مليء بالعدسات وأجهزة الاستشعار ومعدات المسح الأخرى، التي تتعقب معدل نمو كل مصنع وارتفاعه وتطوره وصلابته، والتقاط صور بتفاصيل أدق مما يمكن للبشر اكتشافه بالعين المجردة.ويمكن لصفيف المستشعرات حساب الآفات على الأوراق الناتجة عن المرض، وكيف يمكن أن تؤثر زاوية الورقة بالنسبة للساق على عملية التمثيل الضوئي.وبعد بناء الروبوت في عام 2016، أمضى الباحثون السنوات القليلة الأولى في اختبار أنواع مختلفة من الذرة الرفيعة، وهي نوع من أنواع الحبوب التي يمكن أن تزدهر في الظروف الحارة والجافة، من أجل الأبحاث التي تمولها وزارة الطاقة الأمريكية في المحاصيل الجديدة لمصادر الوقود البديلة. وعادة ما تتطلب الذرة - المحصول الأساسي المستخدم في صناعة الإيثانول الأمريكية - المزيد من المياه والأسمدة.وفي عام 2017، تعهدت مؤسسة غيتس Gates foundation بتقديم أكثر من مليون دولار لتدريب عين سكاناليزر على المحاصيل الغذائية، مثل الحبوب المناسبة للمناطق النامية مثل أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وقام الباحثون مؤخرا باختبار الروبوت على أصناف القمح والخس.يعد تغير المناخ من بين أكبر التحديات التي تواجه الزراعة العالمية، حيث تدفع التغيرات في درجات الحرارة وهطول الأمطار بعض المحاصيل إلى الظهور في مناطق جديدة، وتقليل الغلات والجودة في أماكن أخرى.ويقول ديوك باولي Duke Pauli، الأستاذ المساعد لعلوم النبات في جامعة أريزونا، الذي يساعد في إدارة أنشطة سكاناليزر اليومية: في ولاية أريزونا الأمريكية، لدينا مناخ المستقبل الآن.وفي حين أن بيئة أريزونا القاسية أحيانا مناسبة لاختبار مرونة النباتات، إلا أنها يمكن أن تشكل تحديات للروبوت نفسه، حيث يتسبب الغبار أحيانا في تعطيل أجهزة الروبوتات الإلكترونية، كما تقوم الطيور في بعض الأحيان ببناء أعشاش تحجب أجهزة استشعارها.وظهر هذا بوضوح في عام 2019، عندما تسبب عطل في إنسان آلي زراعي في ترك الماسح الضوئي متوقفا عن الحركة بعد مرور المنطقة بعاصفة رعدية. واستخدم العمال شاحنتين صغيرتين لسحب الروبوت بين مجموعة من الأعمدة التي تحميه من ضربات الصواعق.ويقول تود موكلر Todd Mockler، الباحث الرئيسي في مركز دونالد دانفورث Donald Danforth لعلوم النبات في ضواحي سانت لويس، والذي يساعد في تفسير نتائج سكاناليزر: بالتأكيد ستعاني من متاعب كثيرة عندما تترك روبوتا فولاذيا كبيرا في وسط الصحراء.ويرى البعض تحديات الصورة الأكبر حول المشكلات التي تواجه الروبوتات الزراعية.ويقول جيفري وايت Jeffrey White، عالم فسيولوجيا النبات المتقاعد بوزارة الزراعة الأمريكية والذي عمل في المشروع، إن الطائرات بدون طيار منخفضة التكلفة قادرة بشكل متزايد على إجراء العديد من عمليات الفحص نفسها.ولكن على الرغم من ذلك، ففي الوقت الحالي، يقول الباحثون إن الطائرات بدون طيار غير قادرة على مطابقة وضوح وتفاصيل الصور التي تم إنشاؤها بواسطة نظام سكاناليزر.على الجانب الآخر، واجهت أبحاث الوقود الحيوي في أماكن أخرى عقبات مختلفة، لا سيما في التجارب التي تتجاوز تطبيق طرق استخراج الإيثانول المعتمدة من محاصيل الذرة الأكثر شيوعا.وانسحبت شركة دوبونت DuPont Co في عام 2018 من التجارب العلمية طويلة الأمد، التي تم إجراؤها لإنتاج الإيثانول من سيقان وأوراق الذرة، وباعت الشركة مصنعها في ولاية أيوا الأمريكية بعد أن ثبت أن الربح المنتظر من وراء هذه التجارب لا يزال بعيد المنال.وفي نفس الإطار، أوقفت شركة بويت إل إل سي Poet LLC، وهي شركة رئيسية أخرى لإنتاج الإيثانول، في أواخر عام 2019 مشروعا مشتركا مماثلا كانت تقوم به بالتعاون مع شركة رويال دي أي أم Royal DAM، وسرحت بعض العمال.ويقول موكلر إن البحث طويل المدى الذي يمكن إجراؤه باستخدام سكاناليزر سيساعد في التغلب على تحديات تطوير الوقود الحيوي.ويقول باولي مختتما: لم يقم أحد على الإطلاق ببناء واحد من هذه الروبوتات، ولا أحد يعرف كيف ستعمل، مضيفا: كل يوم يمثل تحديا جديدا لنا.
مشاركة :