أشار عدد من الخبراء المشاركين في إحدى جلسات المؤتمر الافتراضي للقمة العالمية للصناعة والتصنيع، والتي اختتمت أعمالها هذا الأسبوع، إلى أن التوجه الداعم لتطوير الهيدروجين كمصدر للطاقة سيساهم في إعادة صياغة سلاسل الطاقة العالمية وخلق فرص للدول النامية للعب دور مهم في هذا القطاع. وقالت إليزابيث وينكلماير بيكر، أمين دولة للشؤون البرلمانية في الوزارة الاتحادية للشؤون الاقتصادية والطاقة في ألمانيا: "تهدف سياستنا الصناعية إلى تحويل الصناعة الأوروبية إلى صناعة أكثر التزامًا بالبيئة، وبالتحول الرقمي وأكثر قدرة على التعامل مع الأزمات. ولا شك أن سلاسل القيمة الأوروبية المبتكرة والاستراتيجية والتي توظف أرقى التقنيات الرقمية ستلعب دورًا أساسيًا في تحقيق هذا الهدف. ونحن مصممون على مواصلة تعزيز الانتقال نحو الطاقة النظيفة. ويسمح الهيدروجين الذي يتم إنتاجه بطريقة صديقة للبيئة بخفض انبعاثات الكربون بنسبة كبيرة، لا سيما في الصناعة والنقل." ويرى العديد من الخبراء أن إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة قد يكون الطريقة الوحيدة الأكثر فعالية للحد من انبعاثات الكربون الضارة ومعالجة تحدي التغير المناخي. ويتوجب على دول العالم لتتمكن من تحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ الاهتمام بشكل أكبر بإيجاد حلول تساهم في الحد من انبعاثات الكربون الضارة. كما يتوجب على الشركات العاملة في القطاع الصناعي الدفع بهذا الاتجاه. وشهدت السنوات القليلة الماضية تنامي الاهتمام بالهيدروجين ومشتقاته كبديل للوقود الأحفوري في القطاع الصناعي، وذلك لتمكنيه من لعب دوره في تحقيق الأهداف المناخية المنصوص عليها في اتفاق باريس. وأشارت الدكتورة كيرستن ويستفال إلى أن مصادر الطاقة المتجددة غيرت مشهد الطاقة العالمي وأن الهيدروجين يمكن أن يكون له تأثير مماثل في المستقبل. وقالت: "كثيرًا ما يشار إلى الهيدروجين على أنه "نفط المستقبل"، لكن علينا أن نقطع شوطًا طويلًا قبل أن نرى سوقًا عالمية للهيدروجين تماثل سوق النفط الحالية. وفي حال تم إنشاء سوق عالمية للهيدروجين، فاعتقد بأنها ستكون مختلفةً كليًا عن أسواق النفط، خاصة وأن الهيدروجين يمكن إنتاجه باستخدام الطاقة المتجددة، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تطوير سلاسل قيمة للطاقة توفر العديد من الفرص لكل من الدول الغنية بالطاقة المتجددة وللدول المتقدمة في مجال تكنولوجيا الطاقة." وأضافت: "يوفر الهيدروجين الكثير من الفرص، وستشكل الشراكات العالمية وطبيعتها عاملًا حاسمًا في الطريقة التي سيتم من خلالها الاستفادة من هذه الفرص، وهذا أمر مهم للغاية من وجهة النظر السياسية والجغرافية الاقتصادية، ويتطلب تحديد المشاريع المشتركة عبر سلاسل الطاقة العالمية. أما بالنسبة للنفط، فالأمر مختلف كليًا، حيث يلعب الموقع الجغرافي والموارد الطبيعية والبنية التحتية الدور الرئيسي في تشكيل سوق النفط العالمية. وقد استغرق العالم وقتًا طويلًا لبناء نظام عالمي لتجارة النفط، ولذلك آمل أن يتم تطوير بناء نظام عالمي لسوق الهيدروجين بسرعة أكبر وبطريقة مختلفة." وأشار أرمين شنيتلر إلى أن حوالي %20 إلى 25% فقط من الاستهلاك العالمي للطاقة موجه لإنتاج الطاقة الكهربائية، مؤكدًا أنه يمكن تلبية هذه النسبة من الاستهلاك باستخدام مصادر الطاقة المتجددة مما يساهم في خفض نسب انبعاثات الكربون. ويمكن أن نزيد من استخدام الطاقة المتجددة لتصل نسبة ما تغطيه من احتياجات الطاقة العالمية إلى ما يقرب من 50%. ولكن سيبقى علينا أن نغطي حوالي نصف إجمالي استهلاك الطاقة العالمي باستخدام مصادر غير متجددة للطاقة مما يزيد من حاجتنا إلى ابتكار حلول صديقة للبيئة. ولا شك في أن الهيدروجين يساهم في سد هذه الفجوة إذا ما استطعنا خفض تكلفة الإنتاج لتشجيع القطاع الصناعي على التحول من الاعتماد على الوقود الأحفوري إلى الهيدروجين لتقليل الانبعاثات الكربونية. وستعتمد هذه الجهود على تقليل تكلفة الطاقة المتجددة باستمرار مع زيادة إنتاج الهيدروجين. وقال دانييل ميلز: "تشهد الطاقة المتجددة نموًا كبيرًا وتكتسب حصة أكبر من سوق الطاقة، إلا أن إنتاج الكهرباء باستخدام مصادر الطاقة المتجددة غالبًا ما يتم خلال النهار، عندما يكون الطلب على الكهرباء في أدنى مستوياته، وهو ما يشجع على استخدام الفائض من الكهرباء التي تم توليدها لإنتاج الهيدروجين." وأضاف ميلز: "على الصعيد الآخر، تشهد أسعار الطاقة ارتفاعًا كبيرًا خلال فترة ما بعد الظهر، وهو ما يشكل تحديًا كبيرًا للقطاع الصناعي وخاصة الصناعات التحويلية. ونهدف إلى استخدام الهيدروجين كآلية للتخزين للمساعدة في استغلال الفائض الكبير لمصادر الطاقة المتجددة خلال النهار للاستفادة منه لاحقًا لتغطية احتياجات القطاع الصناعي والمنازل من الطاقة." وتنعقد الدورة الثالثة الافتراضية للقمة العالمية للصناعة والتصنيع، المبادرة المشتركة بين دولة الإمارات العربية المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)، يومي 4 و5 سبتمبر 2020، تحت عنوان "العولمة المحلية: نحو سلاسل قيمة عالمية أكثر استدامة وشمولية"، وبمشاركة حوالي 100 متحدث من قادة القطاع الصناعي من القطاعين العام والخاص، والذين يشاركون في أكثر من 20 جلسة افتراضية لمناقشة دور توظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في بناء سلاسل قيمة عالمية أكثر مرونة والمساهمة في تحقيق التعافي والازدهار في مرحلة ما بعد الوباء. بالإضافة إلى 4 مجموعات عمل تتناول دور المرأة في القطاع الصناعي، والسلامة الصناعية والأمن، ومؤشرات الأداء الصناعي التي تقوم بقياس أداء الشركات والحكومات بناءً على التزامها بالبيئة والمسؤولية الاجتماعية والحوكمة، والقيادات المستقبلية للقطاع الصناعي.
مشاركة :