أعلنت الكويت أنها ستكون آخر دولة تعمل على التطبيع مع إسرائيل، وتكون هنا قد قامت برمي الكرة في ملعب الآخرين، كما أن هناك لجنة شعبية لمحاربة التطبيع في الكويت، وأطلق الاتحاد الوطني لطلبة جامعة الكويت ورابطة شباب لأجل القدس حملة تحت شعار «كويتي ضد التطبيع» لمناهضة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وهناك شخصيات كويتية مرموقة ترفض التطبيع وكذلك رجل الشارع البسيط.ولا يبدو أن هناك اتفاقاً محدداً على اتخاذ قرار التطبيع بين الدول العربية، فهناك مَنْ يرفض وهناك مَنْ يشجع وهناك مَنْ في حالة تردد، خصوصاً أن هناك دولاً عربية لديها علاقات قديمة مع إسرائيل لكنها لم تعلن ذلك.إن الشعب الكويتي الأصيل لا يمكن أن يفرط بالقضية الفلسطينية مهما كانت الظروف، خصوصاً أن الكويت قدمت الكثير من الدعم للقضية الفلسطينية، وقد تأسست منظمة التحرير الفلسطينية في الكويت، كما أن الكثير من القيادات الفلسطينية عاشت في الكويت وأبدعت في مجالات عدة، وقد تسامت الكويت فوق جراحاتها عندما وقف ياسر عرفات مع الاحتلال العراقي للكويت، فلم تغيّر موقفها الداعم للقضية الفلسطينية، لأنها مسألة مبدأ ديني وقومي، وإن كان هناك بعض الأصوات التي تساند الادعاءات الإسرائيلية وهي لا تمثل ألّا نفسها.وهو الأمر الذي سيضع الكويت تحت ضغط دولي كبير، خصوصاً أن السواد الأعظم للشعب الكويتي يرفض فكرة التطبيع بتاتاً.وأستذكر هنا موقف السلطان عبدالحميد الثاني، عندما عرض عليه «ثيودور هرتزل» في عام 1896م إغراءات مالية كبيرة مقابل أن يتنازل أو أن يسمح لليهود بالهجرة إلى فلسطين، مقابل أن يقوم بسداد ديون الدولة العثمانية كاملة، إلّا أنه رفض وقال كلمته الشهيرة في وثيقة رفضه بيع فلسطين: «إني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من الأرض، لأنها ليست ملك يميني بل ملك شعبي، ولقد ناضل شعبي في سبيل هذه الأرض ورواها بدمه».وبعد أن يئس هرتزل من السلطان دعا إلى عقد مؤتمر لليهود في عام 1897م في مدينة «بال» السويسرية، حيث تم اعتماد بعض البنود الرئيسة وهي جعل فلسطين بلداً خالداً أبدياً لليهود، وتشكيل المنظمة اليهودية العالمية بقيادة ثيودر هرتزل لتجميع اليهود في جميع أنحاء العالم، وتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين، واتخاذ السُبل للحصول على تأييد دول العالم وتشكيل الجهاز التنفيذي «الوكالة اليهودية» لمتابعة تنفيذ قرارات المؤتمر.ولم يخف ذلك عن السلطان عبدالحميد الثاني، الذي أصدر مذكرة قانونية بمنع بيع الأراضي العثمانية لليهود، وحدد لليهود أوقاتاً معينة لزيارة فلسطين.إن الخطاب الديني والسياسي والقومي والثقافي في الكويت، لهو دليل على موقف الكويت المشرّف للقضية الفلسطينية ويكفي أن أذكر كتاب الشاعر الدكتور خليفة الوقيان «القضية العربية في الشعر الكويتي»، الذي صدر في عام 1977م ثم أعيدت طباعته في عام 2012م، وهذا الكتاب للذكر وليس للحصر، فهناك الكثير من الأعمال الإبداعية إضافة إلى بعض الأعمال الفنية، مثل مسرحية «باي باي لندن» للفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا، ومسلسل شارونيات للفنان داود حسين، الذي أثار غضب الإسرائيليين في وقتها، إضافة إلى إبداعات الفن التشكيلي من رسم ونحت وقصائد، وقصة قصيرة وروايات وكتب أخرى.وأخيراً ستبقى فلسطين قضية الأمتين العربية والإسلامية، سواء كان هناك تطبيع أو لم يكن، ومهما كان الوضع فإن إسرائيل أمام تحديات كبيرة إقليمية، ولسوف تعود القدس لنا.
مشاركة :