ندّدّ الكرملين الاثنين بمحاولات "عبثية" لاتهام روسيا بتسميم المعارض الأبرز للكرملين أليكسي نافالني الراقد في غيبوبة في مستشفى في ألمانيا، فيما تدرس أوروبا إمكان فرض عقوبات. ومَرِض نافالني (45 عاما)، وهو ناشط محارب للفساد وأحد أشد معارضي الرئيس الروسي، خلال استقلاله طائرة في سيبيريا الشهر الماضي، وخضع للعلاج في البداية في مستشفى في سيبيريا قبل نقله إلى برلين. واعلنت الحكومة الألمانية الأسبوع الفائت أن هناك "أدلة قاطعة" على أن نافالني تعرّض لعملية تسميم من جانب روسيا بغاز أعصاب سام من مجموعة "نوفيتشوك" التي تمّ تطويرها في الحقبة السوفياتية لأغراض عسكرية. وهي المادة نفسها التي استخدمت في الهجوم على العميل السابق سيرغي سكريبال، الذي تعرّض لحادثة مشابهة في مدينة سالزبري الإنكليزية عام 2018. وقال مساعدو نافالني إنّ استخدام نوفيتشوك يظهر أن أجهزة الأمن الروسية وحدها مسؤولة عن الهجوم، لكن الكرملين نفى ذلك بشدة. وصرّح المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف الاثنين "كل محاولات ربط روسيا بأي طريقة كانت بما حصل (مع نافالني) غير مقبولة في نظرنا". وأكد أن هذه المحاولات "عبثية". واتهم مسؤولون روس ألمانيا بالتباطؤ في نشر نتائج تحقيقاتها رغم طلب من النيابة العامة الروسية. واتّهمت روسيا من جهتها برلين بـ"تأخير عملية التحقيق التي تطالب بها" عبر عدم إحالة الوثائق الموجودة في الملف على السلطات الروسية. وبحسب بيسكوف، فإن موسكو لم تتلقَ بعد هذه العناصر لكنها تنتظر أن تقدّم ألمانيا المعلومات اللازمة لروسيا "في الأيام المقبلة". وأضاف "ننتظرها بفارغ الصبر". واشتدت المواجهة الألمانية الروسية بشأن نافالني الأحد بعدما وجهت برلين انذارا الى موسكو بفرض عقوبات إذا لم تقدّم الأخيرة "في الأيام المقبلة" توضيحات حول قضية تسميمه. وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس "تحديد مهل أمر لا يساعد أحدا، لكن إذا لم يساهم الجانب الروسي في الأيام القليلة المقبلة في توضيح ما حدث، فسنضطر إلى مناقشة ردّ مع شركائنا". وأضاف أنه إذا ما تقرَّر فرض عقوبات فلا بد من أن تكون "محددة" الأهداف. كما أكّد أنّ "اي استبعاد مسبق" لتداعيات محتملة لقضية نافالني على مشروع خط الغاز نورد ستريم 2 بين روسيا واوروبا "سيكون امرا خاطئا". -نورد ستريم عند مفترق- والاثنين، أعلن الناطق باسم المستشارة الألمانية أن أنغيلا ميركل لا تستبعد أيضا أن تكون هناك تداعيات على مشروع أنابيب غاز "نورد ستريم 2". ومشروع "نورد ستريم 2" هو خط أنابيب غاز بكلفة عشرة مليارات يورو بات انجازه وشيكا تحت بحر البلطيق، يفترض أن يضاعف شحنات الغاز الطبيعي الروسي إلى ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا. وانتقدت واشنطن مرارا الدول الاوروبية لاعتمادها على الطاقة من روسيا. وتقود الولايات المتحدة منذ سنوات حملة كثيفة لمحاولة إفشال المشروع. وأعرب قادة غربيون عن قلقهم حيال ما وصفه حلفاء نافالني بأنه أول استخدام معروف للأسلحة الكيميائية ضد معارض بارز على الأراضي الروسية. وقال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب الاحد لشبكة سكاي نيوز "من الصعب جدا" التفكير في تفسير آخر "معقول" غير ذلك مضيفا "من الواضح أن نوفيتشوك قد تم استخدامه". وتسميم نافالني هو الأحدث في سلسلة طويلة من محاولات اغتيال معارضين للكرملين. وتخضع موسكو لعقوبات غربية واسعة النطاق تم فرضها بسبب ضمها لشبه جزيرة القرم عام 2014، فضلاً عن آثار جائحة كوفيد-19 بالإضافة إلى انخفاض أسعار النفط، وهي حريصة على تجنب أي ضغوط أخرى على اقتصادها. مَرِض نافالني بعدما استقل طائرة في سيبيريا الشهر الماضي، حيث أشار مقرّبون منه إلى اشتباههم بأنه تناول كوب شاي احتوى على مادة سامة في المطار. وخضع للعلاج في البداية في مستشفى في سيبيريا، حيث قال الأطباء إنهم لم يعثروا على أي مواد سامة في دمه، قبل أن يُنقل إلى برلين في 22 آب/اغسطس. ولا يزال المحامي الذي تلقى تعليمه في جامعة ييل الأميركية في وحدة العناية الفائقة موصولا بجهاز التنفس الاصطناعي.
مشاركة :