طالب الدبلوماسي البريطاني المخضرم والمسؤول البارز سابقاً في مجال مكافحة الإرهاب في المملكة المتحدة السير إيفور روبرتس بتوسيع نطاق تفويض قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان «يونيفيل»، بما يمنحها القدرة على كبح جماح ميليشيات «حزب الله» الإرهابية واغتنام الفرصة الراهنة لإنهاء خطر هذه الجماعة الطائفية المسلحة. وحذر روبرتس من أن «التفويض الحالي الذي تعمل بموجبه القوة عفا عليه الزمن، ولم يعد كافيا، لكي تتمكن اليونيفيل التي تشكلت عام 1978، من أداء مهامها بكفاءة، ومواجهة الأنشطة التخريبية التي ينخرط فيها حزب الله وخاصة في المنطقة الحدودية، من قبيل شق أنفاق على طول الحدود، بما يمثل انتهاكاً لوقف إطلاق النار الساري هناك منذ سنوات». وأكد السير روبرتس الذي كان سفيراً لبريطانيا في إيطاليا وإيرلندا ويوغوسلافيا السابقة، أن الوقت الحاضر يشكل «اللحظة المثالية لتحرير لبنان من نفوذ حزب الله ذلك التنظيم الذي يمثل شريكاً رئيسا للقوى المتطرفة في الشرق الأوسط، وسبق له تنفيذ عشرات العمليات الإرهابية منذ تأسيسه في ثمانينيات القرن الماضي، سواء على الأراضي اللبنانية أو خارجها، وكان مسؤولاً عن اختطاف رعايا غربيين وقتلهم قبل عقود في بيروت». وشدد الدبلوماسي البارز على أن الأزمة السياسية والاقتصادية المتفاقمة في لبنان حالياً، والتي قد تؤدي إلى الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة قد تمثل فرصة ذهبية استثنائية أمام القادة الأوروبيين، للإجهاز على «حزب الله» ونفوذه وإبعاده عن الساحة السياسية اللبنانية بشكل كامل وإلى الأبد. وقال في تصريحات لصحيفة «ذا جورنال» إن إنجاز هذه المهمة بنجاح، يصب في صالح القارة الأوروبية على نحو مباشر، بالنظر إلى أن ترك «حزب الله» يعيث فساداً في لبنان لن يؤدي إلى شيوع الخراب في هذا البلد فحسب، وإنما سيقود أيضا إلى تشكيل تهديد جيوسياسي حقيقي للاتحاد الأوروبي، وباقي دول الغرب. وأكد أن ذلك يدعو دول الاتحاد كافة، إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة حيال هذه الميليشيا الطائفية، من أجل تعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط بوجه عام، وعلى التراب اللبناني بشكل خاص، وهو ما يعني مضي باقي البلدان الأوروبية، على درب بريطانيا وألمانيا وهولندا، في حظر أنشطة «حزب الله» بشكل كامل، دون تفرقة غير مبررة بين ما يُوصف بجناحه السياسي وجناحه العسكري. وأشار السير روبرتس إلى أن هذا «التمييز المصطنع مرفوض، حتى من جانب قيادات الحزب أنفسهم، ويشكل خرافة يستغلها قادة ذلك التنظيم الإرهابي لتمكينه من مواصلة أنشطته التخريبية في مختلف دول الاتحاد الأوروبي، بما يشمل عمليات غسل الأموال وتهريب المخدرات والجريمة المنظمة، بجانب الهجمات الدموية بطبيعة الحال». وفي الآونة الأخيرة، أكدت وكالة تطبيق القانون التابعة للاتحاد الأوروبي «يوروبول» أن عدم حظر الاتحاد للجناح السياسي ل «حزب الله»، يكبل يد محققيها، ويجعل من الصعب عليهم إثبات أن الأموال التي تجمعها المنظمات التي تعمل واجهة لهذا التنظيم الإرهابي في أوروبا تُكرس لتمويل جناحه العسكري. ومن هذا المنطلق، أكد المسؤول البريطاني السابق عن مكافحة الإرهاب في تصريحاته أنه يتعين على القادة الأوروبيين ألا يمنحوا «حزب الله» الفرصة للإبقاء على نفسه جزءاً من النسيج السياسي للبنان، وأن يستمر في ممارسة هيمنة مبالغ فيها على حكومة بيروت، والاضطلاع بدور بارز على صعيد توجيه سياسات البلاد، بما قد يقود إلى جره في الكثير من الأحيان للتورط في حروب مدمرة. تزامنت تصريحات السير روبرتس مع تقرير نشرته صحيفة «جلوب آند ميل» الكندية، أكدت فيه أن «حزب الله» يمثل العائق الحقيقي أمام استعادة الأمن والنظام في لبنان، وأن ممارسات قادته تجعل من مهمة إنقاذ هذا البلد مهمة مستحيلة، لا سيما بعد الانفجار الهائل الذي ضرب مرفأ بيروت مطلع الشهر الماضي، في غمار أزمة اقتصادية هي الأسوأ من نوعها منذ عقود، وفي ظل توترات طائفية تُنذر بتجدد الحرب الأهلية بين القوى اللبنانية.
مشاركة :