المدير الإقليمي للصحة العالمية لـ”المواطن”: تطعيمات الإنفلونزا لا تمنع كورونا

  • 9/8/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

كشف المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط الدكتور أحمد بن سالم المنظري، أن بعض البلدان شهدت مضاعفة عدد حالات الإصابة المؤكدة بمرض كوفيد-19، ومن المرجح أن تكون أعداد الحالات الحقيقية أعلى بكثير نظرًا للنقص الحاد في الاختبارات والقدرات المختبرية. وقال في حوار خاص لـ”المواطن”: خطط دول الإقليم في مجملها جيدة، واتسمت بالشمول والعمل على مسارات متعددة، والجهود الحثيثة لاكتشاف الحالات وإجراء الاختبارات وتتبع المخالطين، وتوفير فرص العلاج للحالات المكتشفة من خلال تطبيق بروتوكولات العلاج المتعارف عليها. وفيما يلي نص اللقاء:زيادة حالات كورونا *مقارنة بالشهور السابقة، هل زاد انتشار كورونا أكثر من السابق، وما أسباب ذلك؟ ** يقترب “إقليمنا” من بلوغ مرحلة جديدة تبعث على القلق مع تجاوز أعداد الحالات فيه المليوني حالة، فمع نهاية الأسبوع الأول من سبتمبر، زاد العدد التراكمي للحالات في الإقليم إلى 2020815 حالة، في حين بلغ العدد التراكمي للوفيات 53332 وفاة. (حتى تاريخ 7 سبتمبر 2020). ونحن نشعر بقلق بالغ إزاء الزيادة المفاجئة الجديدة في الحالات المسجَّلة في عدد من بلدان الإقليم، الأمر الذي يسلط الضوء على العواقب السلبية لعدم الالتزام بتدابير الصحة العامة. وهناك أحداث جسام شهدتها بعض البلدان أثرت سلبًا في الالتزام بتدابير الصحة العامة مثل التفجير المدمر الذي شهدته بيروت، والذي ألقى بأعباء أخرى على النظام الصحي الذي يعمل فوق طاقته، وأثقل كاهل القوى العاملة الصحية الـمُنهَكة أصلًا. وفي بلدان أخرى ارتبطت غالبية حالات الإصابة التي وقعت مؤخرًا باحتفالات الزفاف وتجمُّعات الأعراس والتجمُّعات الدينية والثقافية، والتواجد في الأماكن العامة التي لا تطبق تدابير مكافحة العدوى.   وقد شهدت بعض البلدان مضاعفة عدد حالات الإصابة المؤكدة بمرض كوفيد-19 ، ومن الـمُرجح أن تكون أعداد الحالات الحقيقية أعلى بكثير نظرًا للنقص الحاد في الاختبارات والقدرات المختبرية. وتدعم المنظمة الجهود التي تبذل لزيادة عدد اختبارات كوفيد-19، وتتبع المخالطين، وتعزيز تدابير العزل، والتدبير العلاجي للحالات المتوسطة والوخيمة، وتعمل عن كثب مع سائر الشركاء على إزالة الوصم المرتبط بالإصابة بهذا المرض، وبيان أن هذا الفيروس قد يصيب أي فرد في أي مكان. وتعمل المنظمة الصحة العالمية على تعزيز الترصُّد من خلال توفير الموارد البشرية اللازمة، وتعزيز التحري في المطارات عن طريق توفير الموارد التي تحتاج إليها طواقم التمريض، وتقديم الدعم الفعال لزيادة القدرات المختبرية، كما توصي بالجدية في تطبيق الإجراءات والتدابير الوقائية.خطط مواجهة كوفيد19 * كيف ترون الخطط التي تطبقها الدول لمواجهة كورونا؟ ** خطط دول الإقليم في مجملها جيدة واتسمت بالشمول والعمل على مسارات متعددة والجهود الحثيثة؛ لاكتشاف الحالات وإجراء الاختبارات وتتبع المخالطين وتوفير فرص العلاج للحالات المكتشفة من خلال تطبيق بروتوكولات العلاج المتعارف عليها، كما تضمنت تعزيز التوعية بتدابير الوقاية من العدوى بين الأفراد والمجتمعات.   وقد كان يمكن للالتزام بالخطط التي تم إعدادها بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية أن تحقق النتائج المثمرة المرجوة منها، وأن تواصل أعداد الإصابات وحالات الوفاة الانخفاض على النحو الذي حدث في مرحلة من الجائحة إلا أن التعجل في رفع القيود وتخفيف الإجراءات الاحترازية وفتح كافة الحدود دون التأكد من توافر الاشتراطات والمعايير الملائمة أدى إلى ارتفاع الإصابات مرة أخرى في بلدان عديدة في الإقليم مرة أخرى، ونوصي بالالتزام على وجه السرعة بالخطط الموضوعة وعدم التراخي في تطبيق التدابير الوقائية.التعامل مع المتطوعين * كيف يتم التعامل مع المتطوعين لتجارب لقاحات كورونا، وهل هناك مكافآت مالية ترصد لهم؟ ** المشاركة في التجارب السريرية للقاحات المضادة لكوفيد-19 هو عمل تطوعي يتم خلاله اختيار المشاركين وفق معايير فنية وطبية وأخلاقية مع توافر مستويات أمان لمنع حدوث آثار جانبية جسيمة، ويتم متابعة هؤلاء المتطوعين من قبل القائمين بالتجارب السريرية لقياس رد فعل لجهاز المناعي لكل منهم على اللقاح الخاضع للتجربة وعلى الفيروس، وكل دولة أو جهة بحثية هي المنوط بها تنظيم التجارب السريرية واختيار المتطوعين والالتزام بالمعايير المتعارف عليها دوليًا ومحليًا.    جدل أدوية كورونا * أدوية كورونا أثارت جدلاً في الأوساط الطبية في دول العالم ، ما موقف منظمة الصحة إزاء ذلك؟ ** الجدل المثار حول علاجات كوفيد- 19 هو، في جانب منه، ظاهرة صحية تهدف إلى مراجعة ما توصل إليه الخبراء في هذا المجال وتمحيصه بهدف التطوير، لكن هناك سببًا آخر لنشوب هذا الجدل هو قيام كثير من غير ذوي الاختصاص بوصف علاجات لم يتم اعتمادها أو التأكد من فعاليتها بعد، ثم تنتشر بعد ذلك عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي محدثة كثيرًا من الارتباك والتضارب، وموقف منظمة الصحة العالمية منذ بداية اكتشاف المرض هو دعم الأبحاث العلمية في هذا الصدد، بل قامت المنظمة من خلال مبادرة التضامن بإجراء التجارب السريرية لعدد من العلاجات المرشحة لمرض كوفيد- 19 وهناك قائمة بالعلاجات قيد التجربة يتم مراجعتها وتعديلها كلما تطلب الأمر ذلك.استخدام الكمامة الطبية * غيّرت منظمة الصحة العالمية نظرتها حول استخدام الكمامة، فما أسباب ذلك؟ ** لقد مرت الجائحة بمراحل عديدة منذ اندلاعها قبل تسعة أشهر، ومن الطبيعي أن تطور المنظمة توصياتها طبقًا لمعطيات كل مرحلة وظروفها، في بداية الجائحة كانت أعداد الإصابة محدودة في العالم كله، كما كانت الإمدادات المتاحة من أدوات الوقاية محدودة أيضًا، ومن ثم كان طبيعيًا أن تصب التوصيات في اتجاه تحديد الفئات ذات الأولوية ليتم تزويدها بالأدوات والمستلزمات الطبية اللازمة ومن بينها الكمامات.   ومع انتشار الجائحة وتزايد أعداد الحالات واكتشاف حالات إصابة بلا أعراض، أصبح من الصعب التمييز بين المصابين وغير المصابين ومن ثم تم تعديل التوصيات فيما يتعلق بارتداء الكمامة بحيث تشمل كل من يتواجد في أماكن مزدحمة ويصعب فيها تحقيق التباعد البدني. ومع ذلك، توصي منظمة الصحة العالمية بأن يستشير الناس دائمًا السلطات المحلية بشأن ممارسات ارتداء الكمامات الموصى بها في منطقتهم. وفي الأماكن التي يوجد فيها انتقال مجتمعي، وقد لا يكون من الممكن الحفاظ على مسافة مادية، قد يكون استخدام الكمامة مفيدًا في توفير حاجز للحد من انتشار القطرات المعدية المحتملة من شخص مصاب، بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن بعض الأشخاص المصابين دون ظهور أعراض قد يكونون قادرين على نقل الفيروس للآخرين. لهذا السبب، تنصح منظمة الصحة العالمية الحكومات بتشجيع استخدام كمامة النسيج غير الطبية، والتي يمكن أن تكون بمثابة حاجز لمنع انتشار الفيروس من مرتديها إلى الآخرين حيث توجد العديد من حالات الإصابة بـكوفيد-19، وكذلك في الأماكن التي لا يمكن تحقيق التباعد البدني فيها لمسافة متر واحد على الأقل مثل وسائل النقل العام أو في المحلات التجارية أو في البيئات المحصورة أو المزدحمة الأخرى.تطعيمات الإنفلونزا الموسمية * هل من سبق له التطعيم ضد سلالات الإنفلونزا الموسمية يكتسب وقاية من كورونا؟ ** فيروسات الإنفلونزا تنتمي لسلالة مغايرة تمامًا لسلالة فيروسات كورونا، ومن ثم فالتطعيم ضد الإنفلونزا الموسمية يقلل من فرص الإصابة بالإنفلونزا ويحد من المضاعفات الناتجة عنها لكنه لا يحمي من العدوى بفيروس كورونا المسبب لكوفيد-19.أبرز دراسات كورونا * ما هي أبرز الدارسات التي أجرتها منظمة الصحة بشأن كورونا؟ ** منذ ظهور الفيروس المسبب لكوفيد-19 تقوم منظمة الصحة العالمية بالتنسيق مع الشبكات العلمية من الباحثين والخبراء لتنسيق العمل العالمي في مجالات البحوث والتي استهدفت التعرف على الفيروس المستجد والتعرف على مختلف الطرق لتحديد المرض وإدارته والحد من انتقاله. كما تقوم المنظمة بتنسيق الجهود البحثية العالمية للوصول إلى علاج ولقاح لكوفيد-19، وفي هذا الإطار أنشأت المنظمة تجارب التضامن كأداة لتسريع الوصول لعلاج ولقاح واختبار فعالية العلاجات التي يتم استخدامها حاليًا لتخفيف أعراض المرض. ويستمر البحث للوصول لفهم أفضل للمرض عبر التحليل المستمر للبيانات والعمل عن كثب مع خبراء عالميين لفهم انتقال الفيروس ووبائياته والسمات السريرية للفيروس بشكل أفضل، وقد طورت منظمة الصحة العالمية بروتوكولات بحث يتم استخدامها في عشرات الدول، بطريقة منسقة. وقد أصدرت المنظمة حزمة من الإرشادات الفنية تشمل أكثر من 100 وثيقة توجيه تقني، قمنا بتحديثها وتكييفها لجعلها قابلة للتطبيق في السياق المحلي. مصدر فيروس كوفيد-١٩ * هل تم الوصول إلى حقيقة مصدر فيروس كورونا، وماذا بشأن التحقيقات التي تجريها الصين؟ ** لقد أنهى مؤخرًا فريق متقدم من منظمة الصحة العالمية مكون من شخصين مهمته التي استمرت ثلاثة أسابيع في الصين، واستهدفت وضع الأساس للتحقيق في مصدر الفيروس. وأجرى الفريق المتقدم مناقشات مكثفة مع نظرائه الصينيين وتلقى تحديثات حول الدراسات الوبائية والتحليلات البيولوجية والجينية وأبحاث صحة الحيوان، لقد طوروا معًا مسودة نهائية للاختصاصات لفريق بعثة دولية لإجراء دراسات مستقبلية لفهم أفضل لكيفية بدء انتشار الفيروس في مدينة ووهان. وستصدر منظمة الصحة العالمية طلبات من خلال الشبكة العالمية للإنذار بتفشي الأمراض والاستجابة لها (GOARN) للتعرف على الأشخاص الذين يرغبون في الانضمام إلى فريق البعثة الدولية، وتأمل منظمة الصحة العالمية أن يبدأ الفريق في العمل على دراسات أولية مهمة مع زملائنا الصينيين عن بُعد والانضمام إليهم في الميدان بمجرد اتخاذ الترتيبات المناسبة.مستقبل أزمة كورونا * هل من المتوقع أن تمتد أزمة كورونا لشهور أخرى؟ ** هذا الاحتمال وارد وهو أحد السيناريوهات التي ينبغي الاستعداد لها جيدًا ضمن سائر السيناريوهات المحتملة، فطالما استمرت الحالات في الحدوث بل وفي التزايد في بعض الأحيان، فهذا يعني أن الجائحة لا تزال موجودة وأن جهود الاستجابة لا بد أن تستمر بنفس الدرجة من الكفاءة والجدية والالتزام.زيادة الحالات الحرجة * أخيرًا..  لماذا زادت الحالات الحرجة لكورونا في كثير من الدول؟ ** لقد عادت حالات الإصابة للارتفاع في بعض البلدان جراء الركون لشعور زائف بالأمان، وبأن الجائحة قد انتهت أو بسبيلها للانتهاء، وحدث ذلك تحديدًا عقب قيام بلدان العالم بفتح مؤسسات العمل والأماكن العامة واستئناف الرحلات الجوية وتخفيف القيود أو رفعها كليًا، وبينما فعلت الدول ذلك لمواجهة التداعيات الاقتصادية الشديدة الوطأة التي عانت منها جراء تطبيق الإغلاق لشهور عديدة، فإن المجتمعات فسرت ذلك للأسف على اعتباره إيذانًا بالعودة لممارسات ما قبل الجائحة وقد أسهمت التجمُّعات الجماهيرية الدينية والثقافية، واحتفالات الزفاف وغيرها من المناسبات الاجتماعية، في زيادة أعداد الحالات زيادة كبيرة في أماكن مختلفة بالإقليم، خاصة التي أقيمت بلا ضوابط احترازية ودون التزام بدرجة أعلى من الحذر.

مشاركة :