قال الله تعالى: «وأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا» صدق الله العظيمضجَّت مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة بالعديد من الشكاوى التي تتعلق بالعدادات الذكية ودقة قراءتها حيث لاحظ البعض زيادة في فواتيرهم الشهرية بعد استبدال العدادات الميكانيكية القديمة بعدادات ذكية. فهل بالفعل تقرأ هذه العدادات أكثر من اللازم؟؟تعتبر العدادات الذكية المصنعة حاليا والمطروحة في الأسواق أدق ما وصلت إليه التكنولوجيا العصرية، فهي تعمل على رصد وقراءة جميع المتغيرات المحيطة بها من استهلاك وخصائص بيئية وهيدروليكية اخرى. وهي دقيقة وذكية للغاية حيث تم تسليحها ببرامج الذكاء الاصطناعي ((Artificial Inelegance or AI لكي تقوم بإرسال إشارات إلى الفرق الفنية في المكاتب الخلفية بعد إجراء عمليات حسابية واتخاذ قرارات مبنية على أُسس علمية وخبرات تراكمية. وتُرسَل هذه الإشارات آليا ولاسلكيا من العدادات إلى فرق العمل الفنية عن طريق موجات الراديو المنخفضة الترددات والآمنة صحيا (Radio Frequency) أو عن طريق النظام الشامل للاتصالات النقالة (Global System of Mobile or GSM)، ما يسمح بالتعامل المسبق مع أي خلل متوقع في العدادات بالشكل الذي يؤدي إلى تقليل التكاليف التشغيلية ورفع مستوى رضا المشتركين. ويمكن لهذه العدادات أن تتعايش مع الظروف الطقسية والبيئية الصعبة من درجات حرارة ورطوبة مرتفعة، ما يجعلها الخيار الأنسب لبيئة الخليج العربي. فمثلا، بدأت كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وعمان وقطر تتصدرها مملكة البحرين باستخدام هذه العدادات في بنيتها التحتية الخدماتية من شبكات كهرباء وماء وإجراء دراسات وأبحاث عن مدى فعالية وملاءمة هذه العدادات من المنظور الفني والتقني في الاستخدام المحلي. ومن خصائص هذه العدادات أنه يمكن توجيهها عن بعد والتواصل معها باتجاهين متعاكسين (two way communication system) في حال قطع واسترجاع خدمتي الكهرباء والماء أو طلب المعلومات عن بعد، ما يجعل شبكات الكهرباء والماء أكثر مرونة في التعامل. تقع العدادات الذكية ضمن منظومة إدارية أوسع تعمل على أتمتة قراءة العدادات عن بعد(Automatic Meter Reading or AMR) ، التي تتكون ابتداءً من شبكات صغيرة (DMA) يمكن مراقبتها والتحكم بها وإدارتها بشكل فعال عن طريق تركيب عدادات ذكية على مداخل هذه الشبكات التي ترسل قراءتها إلى أبراج قراءة العدادات عن بعد (Antennas)، التي تعمل بدورها على التقاط البيانات المرسلة من العدادات وتحويلها إلى أنظمة قراءة العدادات الخفية (Hidden Systems) ويتم بعد ذلك إصدار الفواتير للمشتركين بعد إجراء العمليات الحسابية.وبالتطرق إلى موضوع دقة العدادات الذكية وجب التنبيه إلى أن أغلب شركات التصنيع تقوم بفحص العدادات الذكية في عدة مراحل قبل إرسال أي شحنة إلى الأسواق عن طريق مختبرات متخصصة ومستقلة (third party inspection) وذلك للتأكد من دقة قراءتها للاستهلاك. كما تعتبر هذه العدادات حساسة جدا لترصد أصغر وأقل استهلاك من الكهرباء والماء؛ فعلى سبيل المثال قد يلاحظ بعض المشتركين إصدار فواتير لمنازلهم الخالية من السكان تتضمن استهلاكا للمياه على الرغم من عدم وجود أي تسربات في المنزل. وبعد التحري عن سبب قراءة العداد لهذا الاستهلاك يتضح أن هناك تَسرُّبا على شكل قطرات ماء صغيرة جدا من أحد صنابير المياه التي تم رصدها من قِبَل العداد الذكي. وجوابًا عن السؤال المطروح المتعلق بزيادة الفاتورة الشهرية وخصوصًا بعد استبدال العداد من ميكانيكي إلى ذكي هو أن العداد الميكانيكي لم يكن يعمل بالصورة المثلى التي تخوله قراءة أقل استهلاك، حيث كانت نسبة الخطأ في قراءة العداد الميكانيكي تصب في مصلحة فواتير المشتركين إيجابًا (وقد تكون سلبًا في حالات مختلفة بنسبة أقل).ختامًا، قد أمرنا الله تعالى بإقامة العدل في أمور الحياة من تجارة وبيع، وأن نتأكد من أن الميزان والمكيال المستخدم صحيح وعادل للطرفين، فبهذا يكون العداد الذكي أقرب إلى وصايا الله بتحقيق العدل بين الناس.{ رئيس مجموعة الإشراف على إنشاء الشبكة- هيئة الكهرباء والماء
مشاركة :