بحكم عمله قاضيا عرفيا، كان يصعب على الطوخي عطية، الذي يقيم في إحدى قرى محافظة القليوبية (شمال القاهرة) التخلف عن تقديم أي واجب للعزاء، أو حضور حفلات الزفاف سواء في قريته أو القرى المجاورة له، لكن مع بدء انتشار فيروس «كورونا» في البلاد، في شهر مارس (آذار) الماضي، وفرض السلطات المصرية إجراءات احترازية للحد من تفشي العدوى من بينها منع إقامة العزاء في قاعات المساجد، تغير الوضع تماماً.يقول الطوخي لـ«الشرق الأوسط»: «في بداية الأزمة كنت أخشى من الذهاب إلى أي عزاء حتى لو كان مقتصراً على تشييع الجنازة خوفاً من الإصابة بالفيروس، لا سيما بعد وفاة بعض أهالي القرى المجاورة بالفيروس، لكن مع تراجع الأعداد عدت إلى تأدية واجب العزاء، على نطاق غير واسع».وتجاوز عدد الإصابات بفيروس «كورونا» حاجز الـ100 ألف إصابة في مصر، من بينها 5541 وفاة، بحسب تقديرات وزارة الصحة المصرية، حتى مساء أول من أمس.ورغم تنظيم حفلات زفاف في سرادقات كبيرة، وخصوصاً في الريف المصري في مخالفة لقرارات الحكومة، فإن الأمر لم يتكرر في حالات العزاء بالشكل ذاته، إذ «تقتصر أغلب حالات العزاء على تشييع الجنازة» وفق تقدير الطوخي الذي يقول: «نحو أكثر من 95 في المائة من حالات العزاء تتم في المقابر عقب الدفن، بينما تستقبل أسر المتوفين، المعزين أمام بيوتهم أو في بيوت الضيافة الخاصة بأسرهم».وقررت وزارة الأوقاف المصرية في شهر مارس الماضي، تعليق العمل في جميع دور المناسبات التابعة للوزارة وحظر إقامة العزاء أو عقد القران بالمساجد لحين إشعار آخر.لكن الطوخي يرصد كذلك «تبايناً» في مستوى تقبل أهل المتوفى لعدم المصافحة أو الذهاب بالكمامة، ويشرح: «الأمر يختلف من أسرة إلى أخرى، فأحياناً يكون الغالبية يرتدون كمامات، خصوصاً إذا كان هناك شك أن المتوفى رحل جراء الإصابة بـ(كورونا) دون أن يتم تسجيل حالته رسمياً، لكن ومع تراجع الأعداد بدأ البعض في التخلي عن الحذر وبات يصافح الآخرين ولا يلتزم بمسافة آمنة».ويعتقد القاضي العرفي أن هناك «ارتباطاً ما بالبيانات الرسمية بشأن الإصابات، فعندما كانت المعدلات متصاعدة كان هناك تفهم لعدم المصافحة، بينما الآن يجدها البعض (مع تراجع الإصابات) فرصة للتندر وأحياناً السخرية».إعادة فتح بيوت الضيافة والمناسبات الخاصة بالعائلات الكبرى والامتناع عن إقامة سرادقات كبيرة، وتقليص المصافحة بالأيدي ليس المتغير الوحيد في تقديم واجب العزاء في مصر بعد «كورونا»، بل إن أعداد المعزين نفسها انخفضت أيضا، بحسب الطوخي الذي يشير إلى أن «الجنازات كانت تضم نحو ألف وخمسمائة مشيع قبل (كورونا)، بنطاق دائرته في القليوبية، لكنها الآن لا تضم أكثر من 150 شخصاً في أحسن الأحوال.
مشاركة :