باريس – ستهيمن الخلافات الحادة في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص من جهة ثانية بشأن تمادي أنقرة في التنقيب عن الغاز، على المحادثات خلال قمة دول جنوب الاتحاد الأوروبي التي يترأسها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، في جزيرة كورسيكا الفرنسية. وسيلتقي قادة الدول السبع الأعضاء في مجموعة "ميد 7" لساعات قليلة في فندق في منتجع بورتيتشيو الساحلي في خليج أجاكسيو في محاولة لضبط استراتيجيتهم من أجل تجنب تفاقم الأزمة بين تركيا واليونان. وتأتي القمة في وقت تصر تركيا على ممارسة سياسة التصعيد شرق المتوسط بالقيام بمناورات عسكرية ونشر 40 دبابة على الحدود مع اليونان رغم الانتقادات الدولية وتهديد الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات. ويتزامن هذا التّحشيد مع تصريحات جديدة للرئيس التركي يقول فيها إن بلاده مستعدة لأيّ سيناريو والنتائج المترتبة عليه، بما يوحي إلى الاستمرار في التصعيد إلى الآخر. وندّد الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس بـ"عدوانية" تركيا ودعا إلى إجراء محادثات لحلّ خلاف بشأن الحدود البحرية وحقوق التنقيب عن الغاز، محذرا من أن التوتر المتصاعد في المتوسط يهدد بزعزعة استقرار المنطقة بأسرها. واتهم وزير خارجية اليونان نيكوس دندياس، الثلاثاء، تركيا بمواصلة انتهاك ميثاق الأمم المتحدة"، مستشهدا بعدد من الإجراءات غير القانونية والاستفزازية التي تقوم بها أنقرة، مثل إصدار وتجديد "نافتكس" للأنشطة البحثية في الجرف القاري اليوناني، والتهديدات المباشرة، والمناورات بنيران حية. واعتبر أن تصرفات تركيا ليست موجهة فقط ضد دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، بل موجهة ضد الاتحاد نفسه، مشددا على أن تركيا تنتهك جوهر مبادئ الاتحاد وجوهر المكتسبات الأوروبية المشتركة، ولهذا السبب تتطلب هذه التحديات المشتركة إجابات مشتركة. تحشيد ينذر بمواجهات عسكرية تحشيد ينذر بمواجهات عسكرية وأكد أن اليونان مستعدة دائما للحوار مع تركيا، ولكن للحوار في إطار القانون الدولي، وليس في ظل التهديدات والابتزاز. ودعا إلى ضرورة وقوف أوروبا بشكل كامل، ودون تردد في مواجهة التحديات التركية. وسيناقش الرئيس الفرنسي الملتزم جدا هذا الملف الوضع مع رؤساء وزراء إيطاليا جوزيبي كونتي وإسبانيا بيدرو سانشيز واليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس والبرتغال انطونيو كوستا ومالطا روبرت أبيلا والرئيس القبرصي نيكوس انستاسياديس. وقال قصر الإليزيه الفرنسي إن الهدف هو “التقدم على طريق التوافق حول علاقة الاتحاد الأوروبي بتركيا، تحضيرا خصوصا للقمة الأوروبية في 24 و25 سبتمبر التي ستكرس" لهذا الغرض في بروكسل. وتجد اليونان وقبرص نفسيهما في خط المواجهة الأول مع تركيا التي تطالب بحق استغلال النفط والغاز في منطقة بحرية تؤكد أثينا أنها خاضعة لسيادتها. وفي الأسابيع الأخيرة، قامت هذه الدول بعرض عضلات مع تصريحات قوية اللهجة ومناورات عسكرية وإرسال سفن إلى المنطقة. وأبدت فرنسا بوضوح دعمها لليونان بنشرها سفنا حربية وطائرات مقاتلة في المنطقة في مبادرة شجبها بقوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المغتاظ أساسا من فرنسا. وأوضحت الرئاسة الفرنسية أن باريس تدعو اليوم إلى “توضيح” في العلاقات مع تركيا التي تعتبرها “شريكا مهما ينبغي التمكن من العمل معه على أساس متين”. وقبل بدء القمة سيجري إيمانويل ماكرون محادثات جانبية مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس قد تشمل شراء أثينا لطائرات رافال فرنسية، على ما ذكرت الصحف اليونانية. هذه هي المرة السابعة التي تلتقي فيها مجموعة “ميد 7” المنتدى غير الرسمي في الاتحاد الأوروبي الذي أطلق العام 2016 على خلفية التباعد الذي حصل بين دول شمال أوروبا وتلك الواقعة في جنوبها بسبب الأزمة الاقتصادية اليونانية. وهدأ هذا التوتر بين دول الشمال والجنوبي الأوروبي إلا أن دول هذه المجموعة تشعر بضرورة حصول تنسيق أفضل في مواجهة التحديات المشتركة مثل مسائل الهجرة والأزمة الليبية فضلا عن العلاقات مع دول جنوب المتوسط. وأكد قصر الإليزيه أن هذه الدول “تتشارك الإرادة نفسها لإعطاء دفع جديد للتعاون” في هذه المنطقة “ولا سيما في ما يتعلق بالتنمية المستدامة والسيادة". وثمة توافق بين هذه الدول حول مستقبل الاتحاد الأوروبي لجعله أكثر تضامنا. وهي وقفت جبهة واحدة في يوليو في وجه الدول الداعية إلى ميزانية أوروبية مقتضبة وهي دول شمالية خصوصا، على صعيد خطة الإنعاش الأوروبية البالغة قيمتها 750 مليار يورو.
مشاركة :