الشارقة ـ أعلنت مؤسسة الشارقة للفنون عن الانتهاء من أعمال الترميم لمبنى «الطبق الطائر»، وهو أحد المعالم المعمارية في الشارقة منذ سبعينيات القرن الماضي، وسيفتتح المبنى يوم 26 سبتمبر/ أيلول الجاري بمعرض للفنانين ليندسي سيرس وكيث سارجنت بعنوان «لامكان أقل من الآن 3». يستعيد هذا الترميم طابع المبنى الأصلي، تحت إشراف المؤسسة واستوديو «سبيس كونتينوم» للتصميم المعماري الذي تديره منى المصفي، مع إضافة مساحة عامة جديدة في الهواء الطلق، ومساحة مجتمعية في الطابق الأرضي تضم مقهى ومكتبة ومرافق للأنشطة، بحيث يشكّل المبنى وموقعه مساحة حضرية للمؤسسة والإمارة بشكل عام، وسيستخدم كملتقى فني وإبداعي لأفراد المجتمع كافة، إضافة لاحتضانه البرامج والفعاليات العامة. يقع المبنى عند تقاطع العديد من المناطق السكنية بالقرب من وسط المدينة، ويشكل جزءاً من النسيج الجمالي والوجداني لقاطني الشارقة، حيث شيّد في منتصف السبعينيات وافتتح في العام 1978، مستمداً تصميمه من مزيج استوعب تأثيرات الهندسة الوحشية، وعصر الفضاء، اللذان هيمنا على تلك الفترة، وتشمل عناصره التصميمية البارزة، قبة دائرية واسعة تطفو على حلقة مؤلفة من ثمانية أعمدة، ومظلة على شكل نجمة تلقي بظلالها على واجهة بانورامية مزججة بالكامل، ومساحة داخلية مضيئة ومفتوحة، مدعومة بأعمدة على شكل الحرف الإنجليزي (V). خضع المبنى لسلسلة من التحولات الوظيفية والتصميمية على مدار العقود العديدة الماضية، بعد أن صمم بداية ليكون متجراً مستوحى من الطراز الفرنسي، حيث جمع بين مطعم ومحل لبيع الصحف والسجائر والهدايا ومحل حلويات ومواد غذائية. ثم تغير ليصبح متجراً، ثم مطعماً للوجبات السريعة حيث أجريت تعديلات على هندسته من خلال دمج ملحق، وأقسام داخلية، وسقف مستعار أخفى القبة الخرسانية وهيكل السقف من الداخل، كما غُطيت الأعمدة بألواح الألمنيوم الفضية. ضمت المؤسسة «الطبق الطائر» إلى مواقعها ومبانيها في عام 2012، وبدأت عملية إعادته إلى شكله السابق استعداداً لمعرض «1980- اليوم: معارض في الإمارات العربية المتحدة» الذي قيّمته الشيخة حور بنت سلطان القاسمي لجناح الإمارات المشارك في الدورة 56 من المعرض الدولي للفنون في بينالي البندقية، حيث جُرد المبنى من أجل هذا التجديد المؤقت من الكسوة الخارجية والعناصر الداخلية، بما في ذلك السقف المستعار والأقسام، مما كشف بالكامل عن قبة يبلغ ارتفاعها أكثر من سبعة أمتار فضلاً عن هيكلها الرائع.أما مشروع التجديد الحالي، الذي بدأ في عام 2018، فتمّت فيه إزالة الملحق الإضافي ونقل جميع وظائف الدعم إلى تحت الأرض من أجل إعادة المبنى إلى شكله الأصلي، وتعزيز الطابع المفتوح لمساحة صالة العرض الداخلية، وتضمنت عملية الترميم إضافتين جديدتين مصممتين لاستكمال المبنى من الناحية المكانية والبرامجية ودعم وظيفته كمركز مجتمعي، الأولى عبارة عن منصة خارجية، وهي مساحة عامة مفتوحة مصممة لتكون بمثابة امتداد مكاني للطبق الطائر، والتي ستستضيف الفعاليات الاجتماعية والعروض والأعمال الفنية التركيبية في الهواء الطلق، والثانية هي مساحة تحت الأرض، تضم: «الفوهة الخضراء» وهي فناء دائري مليء بالنباتات المورقة والضوء الطبيعي، و«محطة المقهى»، ومكتبة مقيّمة كبيرة، و«غرفة الحرف»، و«قاعة الفعاليات»، و«غرفة الاجتماع»، و«محطة العمل»، حيث ستعمل هذه المساحات الديناميكية معاً على تنشيط المبنى، ليس فقط كمكان للمعارض، بل أيضاً كمركز للتجمع والإبداع والتعلم، بهدف إحياء التاريخ الاجتماعي والثقافي الغني لهذا المبنى الأيقوني، وإعادته للحياة اليومية لسكان الشارقة. يواصل هذا المشروع عمل مؤسسة الشارقة للفنون في الحفاظ على التراث الغني وتاريخ البيئة المبنية في الإمارة من أجل خلق مساحات لعرض الفن المعاصر، وكذلك لتلبية احتياجات المجتمع المحلي، وتشمل المشاريع المعمارية الرئيسية الأخرى التي أنجزتها المؤسسة في السنوات الأخيرة: المباني الفنية في ساحة المريجة (2013)، وهي عبارة عن مجمع مكون من خمسة مبانٍ معاصرة جديدة تم بناؤها إلى جانب ستة مبانٍ تاريخية؛ استوديوهات الحمرية (2017)، مساحات فنية ومعارض شيدت في موقع سوق سابق؛ والغرفة الماطرة (2018)، وهي عمل تركيبي دائم نفذته شركة «راندوم إنترناشيونال» الفنية التي تتخذ من لندن مقراً لها. يفتتتح المبنى مع «لامكان أقل من الآن 3»، وهو عمل تركيبي متعدد الوسائط للفنانة ليندسي سيرس يتفاعل مع هندسة المبنى. ويتناول مواضيع الاستعمار البريطاني ورحلة الفنانة عبر التاريخ بحثاً عن الحقيقة. تستخدم سيرس في العمل العناصر المعمارية للطبق الطائر لتروي قصة هبوط كائن فضائي على الأرض، وما يتلوه من محاولات لفهم الأنماط البشرية من خلال الهندسة والإيماءات والحركات.
مشاركة :