تستضيف لندن الخميس اجتماعا طارئا مع الاتحاد الأوروبي لتوضح نيتها تعديل أجزاء عن اتفاق البريكست ما أثار بلبلة في خضم المرحلة النهائية من المفاوضات الصعبة حول العلاقة المستقبلية بين بريطانيا والدول الأوروبية ال27. وتنوي لندن إقرار مشروع قانون يناقض جزءا من الاتفاق حول خروجها من الاتحاد الأوروبي في كانون الثاني/يناير وهو ينتهك باعترافها، القانون الدولي. إلا أن المفوضية الأوروبية تعارض ذلك بقوة ودعت إلى اجتماع استثنائي للجنة المختلطة المكلفة الإشراف على تطبيق الاتفاق. ووصل نائب رئيس المفوضية الأوروبية السلوفاكي ماروس سيسكوفيتش صباح الخميس إلى لندن للقاء وزير الدولة البريطاني مايكل غوف. وقال قبل الاجتماع " اتيت للتعبير عن القلق الكبير للاتحاد الأوروبي بشأن مشروع القانون" البريطاني. وأوضح ناطق باسم السلطة التنفيذية الأوروبية إريك مامير في تغريدة ان الاجتماع يهدف إلى "الحصول على توضيحات من المملكة المتحدة حول التطبيق الكامل والشامل وفي الموعد المحدد لاتفاق الانسحاب". ويأتي تصاعد التوتر هذا ليلقي بثقل جديد على جلسة جديدة من المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي التي ينبغي أن تفضي في الأسابيع المقبلة إلى تحديد ترتيبات التعاون في المجال التجاري والأمني خصوصا بين الشركاء السابقين في ختام مرحلة انتقالية تلت بريكست وتمتد حتى نهاية كانون الأول/ديسمبر. وتراوح المفاوضات مكانها وتتعثر خصوصا بمسائل صيد السمك وشروط المنافسة العادلة ويخشى ألا تفضي إلى اتفاق وهو سيناريو ينذر بعواقب مدمرة على الاقتصاد. والمهلة المتاحة قصيرة إذ إن بروكسل تريد التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية تشرين الأول/اكتوبر للسماح بالمصادقة عليه في المهلة المناسبة. وحذر بوريس جونسون من جهته من أنه في غياب التوصل إلى تسوية بحلول موعد القمة الأوروبية في 15 تشرين الأول/أكتوبر، فهو لن يسعى إلى التوصل إلى اتفاق بعد ذلك. - ملاحقة قضائية محتملة - قال رئيس الوزراء الإيرلندي مايكل مارتن في مقابلة نشرتها صحيفة "فايننشال تايمز" الخميس "اعتقد أن الحكومة البريطانية يجب ان تتحرك لإعادة الثقة وطمأنة المفاوضين الأوروبيين بشكل كبير. زملاؤنا في أوروبا ولا سيما اولئك الذين يجرون المفاوضات يتساءلون ما إذا كان ثمة إرادة فعلية (..) لابرام اتفاق وهذه مشكلة خطرة". وفي حال واصلت بريطانيا هذا النهج، فهي تعرض نفسها لتحرك من قبل الاتحاد الأوروبي قد يقودها إلى أمام محكمة العدل الأوروبية على ما جاء في وثيقة عمل لسفراء الاتحاد الأوروبي اطلعت عليها وكالة فرانس برس. ويريد مشروع القانون البريطاني حول السوق الداخلية الرجوع "بطريقة محددة جدا" بحسب لندن عن بروتوكول بشأن إيرلندا الشمالية يحدد النظام الجمركي في هذه المقاطعة البريطانية. ويهدف هذا النص إلى ضمان غياب الحدود الفعلية بين إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي وتجنب عودة التوتر في هذه المنطقة التي ادمتها "اضطرابات" مدة ثلاثة عقود قبل التوصل إلى اتفاق سلام العام 1998 عرف ب"اتفاق الجمعة العظيمة". لكن يخشى من عودة التوتر في حال اعتماد عمليات التدقيق الجمركي مجددا. وقال بوريس جونسون امام النواب الأربعاء "نريد بذلك حماية بلادنا من تفسير متطرف أو غير عقلاني للبروتوكول قد يؤدي إلى حدود في بحر إيرلندا بطريقة ستلحق الضرر بنظري باتفاق الجمعة العظيمة وللسلام في بلدنا". - الاتفاق مع واشنطن على المحك - أثار القرار البريطاني وابلا من الانتقادات حتى في صفوف المحافظين في البلاد ورؤساء حكومات سابقين مثل تيريزا ماي وجون ميجور الذي رأى أنه "في حال خسرت بريطانيا سمعتها في الإيفاء بوعودها ستخسر شيئا لا يقدر بثمن ولن نتمكن من استعادته ابدا على الأرجح". وقد تعطل هذه المناورة كذلك مفاوضات بريطانيا مع دول اخرى ولا سيما الولايات المتحدة التي تريد التوصل معها إلى اتفاق تبادل حر طموح قبل نهاية السنة. وحذرت رئيسة مجلس النواب الأميركي الديموقراطية نانسي بيلوزي بلهجة حازمة "في حال انتهكت بريطانيا هذا الاتفاق الدولي وقوض بريكست اتفاق الجمعة العظيمة، فلن تكون هناك أي فرصة لتمرير اتفاق تجاري بين بريطانيا والولايات لمتحدة في الكونغرس".
مشاركة :