الأرقام لا تكذب لكنها تتجَّمل..!

  • 9/10/2020
  • 21:12
  • 17
  • 0
  • 0
news-picture

تعطي الأرقام مصداقية ودلالة مؤثرة في صحة المعلومات، وهناك تعبير متداول «الأرقام لا تكذب»، وهناك العديد من العلوم مرتبطة بالأرقام كالرياضيات والفيزياء والإحصاء تحللها وتخرج بنتائج ودلالات ذات مصداقية.وظهرت شركات لجمع البيانات وتحليلها وإعطاء أرقام ونسب تؤثر في صناع القرار وتوجههم، خاصة استخدام الوسائل الإعلانية المختلفة لمعرفة الأكثر تأثيراً وجذباً للناس للشريحة المستهدفة، ورغم ما تتهم به من عدم الدقة أو الحيادية في النتائج لكنها تؤثر في الصرف الإعلاني، خاصة المنتجات العالمية التي تعتمد على الأرقام ونسب المشاهدة في تحديد الميزانية لكل وسيلة.كما لجأت الفنادق ومقدمو الخدمات المختلفة لدراسة قياس ورضا العملاء ووضع النتائج في صورة أرقام عن خدماتها، وهذا يؤثر في الإقبال والسعر عند استخدامها، وكأفراد تعني لنا الأرقام الشيء الكثير بدءًا من تاريخ الميلاد والدرجة العلمية والوظيفية والراتب وعدد الأبناء.. الخ، أيضاً اهتم مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة بجذب أكبر عدد من المتابعين والمتفاعلين مع طرحه طمعاً في جذب المعلنين أو رضا نفسي وتحقيق مكانة اجتماعية، وكما يقال أصبح كل شيء في حياتنا يمثل رقماً.طبعاً الأرقام المفروض أن تكون صادقة ومحددة ومعبرة عن بيانات حقيقية إلا أنه طالها التجميل والتزييف والتحريف والتبهير من خلال إبراز الإيجابي والمؤثرة و‎إخفاء السيئ أو ذات الطابع السلبي، لذا نشهد انهيار شركات ضخمة متواجدة في الأسواق المالية وكانت تحقق نمواً وأرباحاً وأرقاماً محفزة على الاستثمار فيها، إلا أنها عند التدقيق عليها من شركات محاسبة محايدة تظهر الأرقام المخفية كافة، وتتحول إلى شركات خسرانة وتفلس وتنهار، ففي عام 2020م كانت انكشفت شركة لوكين كافي الصينية التي حققت نمواً متسارعاً وإقبالاً من المساهمين، حيث استطاعت خلال عامين ونصف العام فقط افتتاح 4500 متجر ونقطة بيع بعمل متجر كل 4 ساعات، وفي بداية 2020م انهار السهم من 51 دولاراً إلى دولار و38 سنتاً، والسبب كان اكتشاف التلاعب بالأرقام وتضخيم المبيعات وإخفاء الخسائر الحقيقية ونزلت قيمتها السوقية من 12 مليار دولار إلى دون المليار دولار، فأثبتت أن الأرقام لا تكذب لكن الكذابين يكتبون الأرقام كما قال مارك توين.وهي درس لنا جميعاً أن نكون حذرين بعدم أخذ الأرقام كمسلمات وحقائق مطلقة، فنصادف ونقرأ كثيراً عن التلاعب بتواريخ صلاحية المنتجات وتعديل نسب المكونات، واتضح في صراع الأندية على عدد بطولتها وكل نادٍ يستدل برقم حسب هواه حتى اللجان تضع معايير إحصائية ولا تلتزم بها ويؤثر فيها للطابع البشري الانتقائي الميال حسب الأهواء والقدرة التعليمية للتحليل ووضع معايير علمية جلية، كما سمعنا في وسائل التواصل بمصطلح «بيض تويتر» كناية عن شراء متابعين ومتفاعلين ومعيدي تغريد ولكنها غير صحيح وواقعية عن تأثيره، لذا من المهم ألا تؤثر فينا الأرقام ونأخذها كحقيقة مسلمة، فهي تتعرض أحياناً للتجمل والتحريف والتضليل من قبل كتابها، صحيح أن «حبل الأرقام قصير» في الشركات والبنوك نتيجة تطور الأسواق المالية والرقابة وتكتشف الحقيقة والأرقام الصحيحة والمخفية وتكون الخسارة موجوعة لصغار المساهمين، لكن تأثير الأرقام في حياتنا العادية قد يخدعنا ولا نكتشف تضليله وزيفه، لكنه أثر في علاقاتنا وتفكيرنا ورؤيتنا للأحداث واتخاذ القرار فيها، لنؤمن أن الأرقام ليست حقيقة ثابتة، وأنها تتعرض للتزيين والزيادة أو النقصان أسوة بالقصص والأخبار التي تصلنا ونعود نرويها بإضافة مزيد من التشويق، ومع كثرة النقل تختلف وتحرق في النهاية عن أصل القصة الحقيقية.عن الجزيرة

مشاركة :