أكد إمام وخطيب المسجد الحرام ، فضيلة الشيخ صالح بن حميد أن حياة الإنسان في هذه الدنيا مراحل، وأن آدم فيها مقيم ثم راحل، فكل نفس يدني من الأجل ويبعد عن الأمل، فالحازم من حاسب نفسه يومًا فيومًا، فعمل ما يرجو نفعه يوم المعاد. وقال فضيلته في خطبة الجمعة اليوم معاشر المسلمين: انقضى عام وبدأ عام، فالغبطة لمن حفظ الأيام والأوقات واشتغل بالباقيات الصالحات، والحسرة لمن فرط فلم يجن إلا الألم والحسرات. وتابع، معاشر المسلمين: الدنيا بالبلاء محفوفة، وبالفور موصوفة، وبالفناء معروفة، لا تدوم أحوالها، ولا يسلم أهلها، بينما هم في سرور وهناء. إذا هم في هم وبلاء، ترميهم بسهامها، وتقصفهم بحممها الأعمال. ولفت إلى أن عواقب الأمور عن الخلق مغيبة، وإرادة الله هي الغالبة، وابن آدم مجهول الأمل، معلوم الأجل، محفوظ العمل، مكنون العلل، أسير جوعه، وصريع شبعه، تؤذيه البقة، وتقتله الشرقة، لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا، ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا. وقال: رضا الناس غاية لا تدرك، ورضا الله غاية لا تترك، فلا تشتغل بما لا يدرك وتنصرف عما لا يترك، يقول أهل العلم: ولقد حكم الله بحكم قبل خلقه السماوات والأرض: أنه ما أطاعه أحد إلا أعزه، وما عصاه أحد إلا أذله، فالعز مربوط بالطاعة، والذل مربوط بالمعصية. اعلموا-حفظكم الله- أن الإسلام كامل، محفوظ، رضيه سبحانه لعباده، وأتم به نعمته، دین کامل لا ينقص، وقوي لا يضعف، ومحفوظ لا يبلي، ولكن تمر على أهل الإسلام فترات وابتلاءات يتميز فيها الصادقون بالصبر والثبات، ويقع فيها مرضى القلوب في دوائر اليأس وأحوال الانتكاسات. وأضاف: هذا الدين عظيم بشعائره، ثابت بسننه وفرائضه، قد يحل بساحته أيام عجاف، أو يخزن أهله واقع، وهذا الحزن مشاعر عظيمة في أهل الإيمان، ودليل حياة لأهل القلوب، فلا تضعفها -حفظك الله- برياح اليأس أو مسالك التراجم أقصر الطرق إلى الجنة سلامة القلب، والقلب لا تتم سلامته إلا إذا سلم من شرك يناقض التوحيد، وبدعة تخالف السنة، وشهوة تخالف الأمر، وغفلة تصد عن الذكر، وهوى يصرف عن الإخلاص والتجرد یا عبدالله: الرزق مقسوم فلا تتعب، والقدر حق فلا تجزع طهر قلبك من ثلاث: الكره، والحقد، والرياء واحفظ نفسك في ثلاث: التسليم للمولى، واتباع الحبيب المصطفي، والشكر في السراء والضراء وشيئان لا يدومان: الشباب، والقوة. وشيئان ينفعان: سماحة النفس، وحسن الخلق. وشيئان يرفعان: التواضع، وقضاء حوائج الناس. وشينان للبلاء يدفعان: الصدقة، وصلة الرحم. اعلم رعاك الله- أن الهوى خدعة الألباب، ومضلة الصواب، والمداوة تصد عن النصح والإنصاف، وتوقع في الميل والإجحاف، ومن صدق في الأخوة قبل الملل، وسد الخلل، وغفر الزلل، والثقة لا تفني عن التوثيق.
مشاركة :