قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن الزراعة كانت ولا تزال أحد أهم الأعمدة التي تبنى عليها الحضارات، فحديث القرآن الكريم عن الزروع والثمار حديث عظيم، ينبئ عن اهتمامه بالزراعة والفلاحة وما يخرج من ثمرات الأرض، وبيان أنها نعمة من أعظم نعم الله -عز وجل- على عباده.وأضاف الوزير في مقال له: «حتى إن القرآن الكريم أطلق على ما تنبته الأرض من أعناب ونخيل وزروع وثمار جملة (جنة) أو (جنات) في مواضع عديدة ، فهي جنة الدنيا أو جناتها، يقول الحق سبحانه في سورة سبأ : “لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ» (سورة سبأ: 15).وتابع: «فعبر النص القرآني عما أفاء الله (عز وجل) به عليهم بلفظ «جنتين» إحداهما عن يمين السائر والأخرى عن شماله، وبين أن النعم تدوم بالشكر والحفاظ عليها والعناية بها «كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ»، فلما أعرضوا كان ذلك إيذانًا بإهلاك ما هم فيه من النعيم، وبُدِّلوا بالزروع والثمار اليانعة الأثل والشوك وشيء من سدر قليل، يقول الحق سبحانه: «وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ» (إبراهيم : 7)، ويقول نبينا -صلى الله عليه وسلم-: «يا عائشةُ أَحْسِنِي جِوَارَ نِعَمِ اللهِ تَعالَى فإنَّها قَلَّ ما نَفَرَتْ من أهلِ بَيْتٍ فَكَادَتْ أنْ تَرْجِعَ إليهِمْ» (أخرجه ابن ماجه).وواصل: ويقول سبحانه وتعالى: «وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» (الأنعام : 99).اقرأ أيضًا: وزير الأوقاف: ما تم بناؤه من مساجد في مصر خلال 6 سنوات لم يحدث في العالموأكمل: ويقول سبحانه: «وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» (الرعد : 4).واستطرد: فقد عدَّ الحق سبحانه وتعالى اخضرار الأرض نعمة من عظيم نعمه تقتضي المحافظة عليها، كما لفت أنظارنا إلى ضرورة التأمل في خلقه، حيث المتجاور من الزرع في التربة الواحدة والمشترك معه في السقي ترى هذا حلوا وهذا حامضًا، التربة واحدة، والماء واحد، والمذاق شيء آخر يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأُكل.وأردف: وفي مجال تعداد نعمه -عز وجل- على خلقه يقول سبحانه: «وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ * فَأَنشَأْنَا لَكُم بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ» (المؤمنون : 18-20)، ويقول سبحانه وتعالى: «وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ» (ق: 9-10)، فالماء نعمة تستحق الشكر ، وإنبات الزرع والنخيل والثمار نعمة أخرى تستحق شكرًا آخر.واختمم: كل ذلك يدل دلالة واضحة على أهمية الزراعة والفلاحة والحرص على عمارة الكون ، فبالزراعة يحيا الإنسان والحيوان ، حيث يقول الحق سبحانه: «وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا *وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا * مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ» (النازعات : 30-33).
مشاركة :