المليونيرات أكثر حظًا في ظل كورونا: الادخار الشهري تضاعف 3 مرات

  • 9/11/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

كتب- عبدالفتاح بدوي: «مش بتهون إلا على الفقير».. مثل شعبي مصري قديم يبدو أنه بات يمثل إحدى مفارقات ما يمكن أن نسميه «الاقتصاد الوبائي»، فمع بدء عودة الحياة بعد فترة الإغلاق وتوقف الآلاف من العمالة غير المنتظمة عن العمل بسبب «covid -19» والتدابير الاحترازية التي فرضتها الحكومات، تؤكد التقارير الاقتصادية الأمريكية أن الفئات الأقل دخلا أصبحت هي الأكثر إقبالا على الشراء والأقل تخوفًا من نفاد مدخراتها. على عكس المتوقع خلقت فترة الإغلاق فئة من المدخرين الفائقين على مستوى العالم، بحسب ما نشرت مجلة «The Atlantic»، إذ كانت الأسر الأمريكية توفر في المتوسط 10% من دخولها كمعدل ادخار شخصي على مدار السنوات العشرين الماضية، لكن هذا المعدل قفز إلى أكثر من 3 أضعاف خلال أبريل الماضي والأشهر الأولى من تفشي وباء كورونا، والآن بات من المحتمل أن تنخفض أرصدة معظم الفئات بسبب زيادة إنفاقهم منذ عودة الحياة تدريجيًا، ما يجعل الحياة اليومية لهذه الفئات أكثر خطورة، لكن فئة وحيدة مازالت مستمرة في الادخار، هي فئة المليونيرات، إذ ظلت دخولهم ثابتة، بينما ينخفض إنفاقهم بشكل كبير. يقول جو بينسكر، في تقريره إنه في مارس الماضي عندما بدأت عمليات الإغلاق، انخفض الإنفاق بشكل حاد لأصحاب الدخول المنخفضة وذوي الدخل المرتفع على حد سواء، ولكن بينما عاد إنفاق أصحاب الدخول المنخفضة إلى مستوياته الطبيعية تقريبًا في مايو، ظل إنفاق أصحاب الدخل المرتفع أقل بكثير. ويؤكد بيتر جانونج، الخبير الاقتصادي في جامعة شيكاجو الذي شارك في تأليف ورقة تحلل الأوضاع المالية للأسر في مارس وأبريل ومايو، أن «الأشخاص الذين لم تتأثر وظائفهم سلبًا بسبب الوباء هم على وجه التحديد الأشخاص الذين لديهم أكبر خفض في الإنفاق». لا سفر.. لا ملابس جديدة وتحدث الباحث مع أشخاص انخفضت نفقاتهم الشهرية بمئات أو آلاف الدولارات خلال الوباء، مؤكدين أنهم باتوا ينفقون أقل على العادات اليومية التي قالوا إنها أصبحت الآن تؤثر سلبًا على دخولهم، أو أصبحت غير ضرورية، بما في ذلك تناول الطعام بالخارج، والترفيه، والملابس الجديدة، والنشاطات الرياضية لأطفالهم. لين ألدن، باحثة في جامعة نيوجيرسي، تؤكد أن تقليص السفر على وجه الخصوص يؤدي إلى الاحتفاظ بمبالغ نقدية كبيرة في حسابات الأشخاص، قائلة إنه من خلال توفير رحلة واحدة قصيرة إلى مدينة نيويورك ورحلة أخرى أطول لزيارة الأقارب في فلوريدا ومصر، خفضت عائلتها إنفاقهم على السفر بنحو 15 ألف دولار هذا العام، لكنها بعد عودة الحياة تدريجيًا لن تخشى إنفاقها حتى لو أصبح الأمر خطيرًا. جيريمايا ستانلي، مهندس يبلغ من العمر 40 عامًا في شركة تكنولوجيا في نورث كارولينا، يقول «كانت إحدى أكبر التكاليف قبل الوباء هي عادتي السيئة لتناول الطعام بالخارج كل يوم تقريبًا في العمل، فثقافة المكتب هي عقد اجتماعات غداء خارج الحرم الجامعي، وهذا يكلف نحو 23 دولارًا في اليوم، وفي الآونة الأخيرة، كان بات يعمل من المنزل بسبب الوباء ويصنع شطائر لحم الخنزير بدلًا من ذلك، مما يترك له 400 دولار إضافي شهريًا للإنفاق أو التوفير، بشكل عام، يقدّر أنه وصديقته ينفقان معًا نحو 750 دولارًا أقل على الطعام كل شهر. عاملة أخرى عن بُعد في أواخر العشرينيات من عمرها تعمل في شركة محاسبة في منطقة شيكاجو، قالت إنها تنفق 400 دولار أقل شهريًا خلال الوباء، وتأهلت هي وزوجها للحصول على 2400 دولار من مدفوعات التحفيز التي وفرتها الحكومة في وقت سابق من هذا العام، على الرغم من «أننا لسنا بحاجة إلى المال ولا مشكلة في إنفاقه»، كما قالت- فهي تجني حاليًا 87 ألف دولار سنويًا. عاملة أخرى تدعى تارين تقول «بصراحة، إنه شعور جيد جدًا، لكنه أيضًا يبدو غريبًا نوعًا ما.. نعم، لدي أموال إضافية، ولكني أريد أيضًا شراء أشياء». محظوظون بالوباء أما فئة المليونيرات الذين يقبعون في أعلى سلم الدخل، فالنقد لديهم أكثر أهمية، فيقول بايرون هينج، محام شهير في سان فرانسيسكو، إن أسرته المكونة من خمسة أفراد وفرت بسبب الوباء نحو 300000 دولار «نحن محظوظون حقًا …» بوجود أموال إضافية للادخار أقل من شهر خلال الجائحة. ويقول شخص آخر يبلغ من العمر 60 عامًا ويعمل في المالية: «أكره أن أكون برجوازيا، لكن هناك نقطة يكون فيها لديك ما يكفي من المال ولا يحدث أي فرق»، مشيرا إلى أنه يتوقع أن يكسب ما لا يقل عن 750 ألف دولار هذا العام، وأنه وفر مبالغ هائلة من المال أثناء الوباء، وأدرك مؤخرًا مدى بطء تدفق الأموال من حسابه الجاري هذا العام، إذ بات رصيده أعلى بكثير. يضيف: «أصبح لا يوجد شيء يستحق لإنفاق المال عليه»، وإنه اعتاد على إنفاق 3000 دولار مرتين في الأسبوع على وجبات المطاعم، و30000 دولار في الشهر على عطلات عائلية قصيرة، وقدّر أن إنفاقه انخفض بما لا يقل عن 100000 دولار شهريًا منذ بدء الوباء، وهذا لا يشمل مبلغ 250000 دولار استعاده بعد إلغاء إجازة لمدة أسبوعين في أوروبا. الكثير من الأموال التي لا ينفقها الأثرياء في الوقت الحالي هي أموال يحصل عليها الأشخاص ذوو الأجور المنخفضة عادةً كدخل، والعديد من الصناعات التي توظف الكثير من العمال ذوي الأجور المنخفضة، مثل المطاعم والفنادق ورعاية الأطفال، هي تلك التي تجعل الحياة أكثر راحة أو متعة للأشخاص ذوي الدخل المرتفع، لذلك عندما ينضب إنفاق هؤلاء الأشخاص على الخدمات الشخصية، فإن رواتب هؤلاء العمال ذوي الأجور المنخفضة تجف أيضًا. في منتصف أغسطس الماضي شكّل انخفاض الإنفاق بين أعلى 25% من أصحاب الدخل 57% من الانخفاض المقدر في الإنفاق العام، وفقًا لـ Opportunity Insights، وهو فريق من الباحثين الاقتصاديين في جامعة هارفارد. يقول لورانس كاتز، الخبير الاقتصادي في جامعة هارفارد، إن الضرر الناجم عن هذا الإنفاق الضائع «يعكس ما يحدث في الجائحة عندما يتمكن الأشخاص ذوو الدخل المرتفع من العمل في المنزل … ولكنه يعكس أيضًا النمو الهائل لعدم المساواة.. لقد تم تضمين هذا الجزء الكبير من اقتصادنا والتوظيف في خدمة الأشخاص ذوي الدخل المرتفع، على حساب العمالة الأقل دخلا». نظام طبقي وحشي يقول جو بينسكر إن المدخرين الأغنياء الذين تحدث معهم شعروا بالارتباك بشأن حقيقة أنهم كانوا يزدهرون في ظل نظام طبقي وحشي. ويقول ستانلي، رجل شمال كارولينا، الذي يوفر المال على وجبات الغداء: «نحن فقط ممتلئون بالمال وقد أدى ذلك إلى شعورنا بالذنب عندما نسمع عن أصدقاء يكافحون في وظائفهم التي يمكن أن تتوقف بسبب الوباء.. صدقني نحن لا نتعامل مع هذا باستخفاف، لكن هذا مسؤولية الحكومة». مثال آخر لمليونير ازدهر خلال فترة الوباء، بحسب «The Atlantic» رجل أعمال يعيش في برايتون بولاية ميتشجان، كان يلعب في سوق الأسهم منذ بداية العام، وعندما بدأ يشك في أن المتداولين كانوا يستخفون بخطر الوباء، راهن بشكل صحيح على أن بعض الأسهم سوف تفقد قيمتها، واستفاد من الصعود والهبوط غير المعتاد في السوق، وقام بتحويل استثمار أولي قدره 100000 دولار إلى حوالي 500000 دولار هذا العام. رجل الأعمال يؤكد أنه لا يشعر بالذنب حيال هذه المكاسب، لأنه بسبب طبيعة التداول اليومي، وكان من الممكن أن يخسر أمواله بسهولة، ويقول: «أستطيع أن أرى كيف أضر الوباء حقًا بالكثير من الناس، هل أشعر بالذنب؟ لا، لأنه ليس شيئًا فعلته شخصيًا، أنا فقط أكثر ذكاءً من الناحية المالية ومعرفةً بأبجديات السوق من كثير من الناس». لكن على الناحية الأخرى هناك من يشعرون بأنهم مجبرون على التبرع ببعض أموالهم في ظل الوباء للعمالة غير المنتظمة والفئات الأقل دخلا، يقول أحدهم، وهو صاحب شركة برمجيات يبلغ من العمر 40 عامًا في بوسطن يُدعى مايك، إن عائلته استمرت في الدفع للرجل الذي ينظف منزلهم، على الرغم من أنهم طلبوا منه التوقف عن القدوم أثناء الوباء. وتقول سيدة أعمال أخرى إنها أرسلت بعض المال إلى مصفف الشعر الذي اعتادت أن تراه، للتعويض عن المال الذي كانت ستقدمه في العادة كإكرامية، كما أنها تبرعت للعديد من الأعمال الخيرية.

مشاركة :