مارلين سلوم الصوت وحده لا يكفي. صحيح أنه في عالم الغناء يأتي الصوت بالدرجة الأولى، وصحيح أن المستمع لا يهتم بشكل المغني أو المغنية إلا لدى فئة معينة، وتحديداً تلك التي تغني بجسدها؛ لعلمها جيداً بأنها لا تملك الصوت الذي يغطي بجماله على القد المياس، والوجه الحسن، إنما جمال الصوت وحده لا يكفي لاختراق قلوب الملايين من الناس، وإنجاح أغنية ما؛ بل هي منظومة متكاملة لا يجيد التمسك بها إلا من عمل بذكاء شديد في هذا المجال.حسين الجسمي اخترق المجتمع المصري بذكائه قبل صوته؛ إذ عرف كيف يتعامل مع هذا الجمهور، فكسب وده، ودخل كل البيوت من أبوابها. ومن ينل رضا الجمهور المصري، يضمن سرعة الوصول إلى كل الجمهور العربي بلمح البصر. وكأنها فعلاً كانت «بشرة خير» لحظة تعاون الجسمي مع الكاتب أيمن بهجت قمر، وأمير طعيمة، وغنى ب«المصري» للمصريين ولكل العرب، اليوم يجدد الجسمي القفز عالياً وسريعاً مع مولودته الجديدة، ومن كلمات أيمن بهجت قمر أيضاً، «بالبنط العريض». أغنية فيها سحر يجذب الجمهور سريعاً، فيحفظها عن ظهر قلب، ويرددها ويصور نفسه أو الآخرين فيديو راقصاً على إيقاعها. حتى زملاء الجسمي من المشاهير ونجوم الفن يتحمسون لغنائها، ويتمايلون على إيقاعها على صفحاتهم، من بينهم تامر حسني وسوسن بدر ورانيا يوسف وغيرهم، ناهيك عن المعجبين المتابعين لغير الجسمي، الذين يجمعون لقطات لنجومهم المفضلين، وينشرونها على صفحاتهم مدموغة بكلمات وإيقاع أغنية «بالبنط العريض».هل هناك سر في خلطة الجسمي- قمر حتى تحقق الأغنية منذ صدورها في منتصف أغسطس/ آب نحو 80 مليون مشاهدة؟ نعم، هو نفس السر الذي جعل «بشرة خير» تخترق كل التوقعات؛ لتحقق 443 مليون مشاهدة، والسر في براعة أيمن بهجت قمر في اختيار الكلام البسيط الفائق السلاسة ليعلق في ذهننا سريعاً، مثل قوله «حبيبي بالبُنط العريض.. غالي وأقرب م الوريد، حالتي تتشخص جُنون.. بيقولولي أنا بيك مريض، أتاري كُل ما أحب فيك.. بدمنك وبقيت مزاج». وأيضاً «آه لقيت الطبطبة.. وأقوى لو ما انتش بعيد، ضحكتك فيها كهربا.. بابقى زي واحد جديد، حبيبي خدها ومني ليك.. مشتريك آه مشتريك، فوق ما تتصور كمان.. والوحيد ولا ليك شريك»..«أقرب م الوريد»، «طبطبة»، «ضحكتك فيها كهربا»، «مشتريك آه مشتريك».. كلمات كالمحطات تعلق في الذهن، وتتحول إلى «تريند» أو ما كنّا نسميه لازمة يكررها الجمهور، ويعيد وضعها في أي موقف أو وسط أي كلام يستخدمه في حياته اليومية.تلك الكلمات لا يمكن أن تجد طريقها إلى عقل وقلب الجمهور بلا إيقاع جميل رشيق راقص، وفي نفس الوقت أرقى من صخب ما يعرف بالمهرجانات التي يهلل لها الجمهور قليلاً ثم يعرض عنها؛ لكثرة ما تسببه من صداع. حسين الجسمي لحن وغنى «بالبنط العريض» فحقق نجاحاً يستحق التصفيق؛ وكأن الأغنية بما صنعته حتى الآن من قفزات عالية، والتفاف للجمهور العربي حول الجسمي، جاءت مثل «الطبطبة» من هذا الفنان الإماراتي الجميل على جمهوره، و«طبطبة» من الجمهور نفسه على الجسمي، ولتؤكد له أنه لا يصح إلا الصحيح، ولا يُرد على هؤلاء إلا بالإبداع والفن الجميل، الذي يعلو صوته فوق أصوات النشاز. marlynsalloum@gmail.com
مشاركة :