بعد نحو 30 يوماً من اتفاق مماثل أعلنته دولة الإمارات، أصبحت البحرين ثاني دولة خليجية تصنع السلام مع إسرائيل، وبات مؤكّداً أنها ستنضم لأبوظبي يوم الثلاثاء في البيت الأبيض لتوقيع هذه المعاهدة، التي تعد خرقاً وتحولاً تاريخياً إقليمياً يرفضه الفلسطينيون والإيرانيون. بعد شهر من الاتفاق التاريخي المماثل بين دولة الإمارات واسرائيل، أُعلِن أمس الأول اتّفاق لتطبيع العلاقات بين البحرين وإسرئيل. وستنضم المنامة بذلك إلى حفل التطبيع الذي سيقام في البيت الأبيض، الثلاثاء المقبل، ليصبح ثلاثياً، بمشاركة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزيري الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد، والبحريني عبداللطيف الزياني. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أوّل من أعلن الاتّفاق عبر تغريدة كتب فيها أنّ «البحرين وإسرائيل توصّلتا إلى اتّفاق سلام»، متحدّثاً عن «خرق تاريخي جديد». ويُعتبر هذا التطوّر نجاحاً دبلوماسيّاً مهمّاً على مشارف انتخابات رئاسيّة يتطلّع من خلالها ترامب إلى الفوز بولاية ثانية. وقال ترامب في تصريح للصحافيّين من البيت الأبيض «إنّه فعلاً يوم تاريخي»، مضيفا أنّ «صديقتينا الكبيرتين إسرائيل والبحرين توصلتا إلى اتفاق سلام». وتابع أن «البحرين ثاني دولة عربية تصنع السلام مع إسرائيل في 30 يوماً»، مشيرا الى أن «الشرق الأوسط يتغيّر والتوصل لاتفاقات سلام إنجاز تاريخي، تحصل أمور في الشرق الأوسط لم يكن أحد يتوقّع حصولها. المنطقة كانت في فوضى عارمة والآن نعيد بناء الثقة مع شركائنا». وزاد: «كلّما طبّعت دول أخرى علاقاتها مع إسرائيل، فإنّ ما سيحصل هو أنّ المنطقة ستصير أكثر استقراراً، أكثر أمناً وازدهاراً، وأن دولاً كثيرة في العالم العربي ترغب في الدخول في مبادرات السلام، وأن الفلسطينيين سيقبلون أمورا هي الأفضل لهم في النهاية». وأشار إلى أنّ إسرائيل والبحرين ستُقيمان علاقات دبلوماسيّة وتجاريّة كاملة، موضحا أنّ البلدين «سيتبادلان السفارات والسفراء ويُباشران تسيير رحلات جوّية مباشرة بينهما ويُطلقان مبادرات تعاون عبر مجموعة واسعة من القطاعات، بما في ذلك الصحة والأعمال والتكنولوجيا والتعليم والأمن والزراعة». نتنياهو والبيان وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأمر نفسه من القدس، وقال في بيان نشر بالعبرية: «مواطنو إسرائيل، يسرّني أن أبلغكم بأنّه في هذا المساء، توصلنا إلى اتفاق سلام آخر مع دولة عربيّة أخرى، البحرين. هذا الاتّفاق يُضاف إلى السلام التاريخي مع دولة الإمارات العربية المتحدة». وأضاف نتنياهو: «استلزمنا 26 عاماً للانتقال من اتّفاق سلام ثان إلى اتفاق سلام ثالث، لكن فقط 29 يوماً للتوصل إلى اتفاق سلام رابع مع دولة عربية». وجاء في بيان ثلاثي صدر عن إسرائيل والبحرين والولايات المتحدة أن رئيس الوزراء الاسرائيلي ووزير الخارجية البحريني عبداللطيف الزياني سيوقّعان «إعلان السلام» خلال مراسم توقيع الاتفاق بين الإمارات واسرائيل في البيت الأبيض في 15 الجاري. وذكر البيان أنّ الرئيس الأميركي أجرى اتّصالاً بالعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة ورئيس الوزراء الإسرائيلي «اتفقوا خلاله على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين إسرائيل ومملكة البحرين». وقال البيان إنّ هذه الخطوة «تاريخية تجاه تحقيق السلام في الشرق الأوسط، حيث إن الحوار والعلاقات المباشرة بين المجتمعين الفاعلين والاقتصادين المتقدمين، من شأنه أن يبنى على التحول الإيجابي الحالي في الشرق الأوسط، وأن يدعم الاستقرار والأمن والازدهار في المنطقة». من جهته، أوضح كبير مستشاري الرئيس الأميركي جاريد كوشنر، أن اتفاق إسرائيل والبحرين سيشمل فتح سفارتين. وفي تصريحات للصحافيين، أثنى كوشنر على البحرين، مؤكداً أن واشنطن ستستمر في مساعدة المنامة على تعزيز أمنها. وأوضح أن المتطرّفين استخدموا القضية الفلسطينية لإذكاء الكراهية، مشددا على أن الاتفاقات ستسمح لكل المسلمين بزيارة الأماكن المقدسة والصلاة في المسجد الأقصى. وذكر مهندس اتفاقية السلام الإماراتية والبحرينية، أنه من الأمر المؤكد أن تقدم الدول في الشرق الأوسط على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لكنه لم يحدد توقيت تلك الخطوات، مضيفا أن «قادة دول الإقليم أصبحوا يدركون أن الوقت قد حان للمضي قدماً، وهم يريدون تغيير مستقبل شعوبهم». من ناحيته، أكد نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، أن هذا الاتفاق بين البحرين وإسرائيل هو «أفضل تكريم لضحايا هجمات 11 سبتمبر». المنامة وأكد ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة ضرورة التوصل إلى اتفاق سلام عادل ودائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين قائم على حل الدولتين، وذلك خلال اتصال هاتفي مع ترامب ونتنياهو. وشدد على ضرورة التوصل إلى سلام عادل وشامل، كخيار استراتيجي، وفقاً لحل الدولتين، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. كما أشاد بالدور المحوري الذي تضطلع به الإدارة الأميركية وجهودها الدؤوبة لدفع عملية السلام وإحلال الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وتعزيز السلم الدولي. واعتبر مستشار العاهل البحريني للشؤون الدبلوماسية وزير الخارجية السابق الشيخ خالد آل خليفة أن الاتفاق مع إسرائيل «يصب في مصلحة أمن المنطقة واستقرارها وازدهارها»، موضحا أن الاتفاق «يوجه رسالة إيجابية ومشجعة الى شعب اسرائيل، بأن السلام العادل والشامل مع الشعب الفلسطيني هو الطريق الأفضل». بدوره، شدّد وزير الداخلية البحريني الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، على أن إعلان تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين بلاده وبين إسرائيل يعد «إجراء سيادياً»، مضيفا أن «هذا الأمر سينعكس على خدمة مصالح البحرين العليا، داخلياً وخارجياً ويساهم في تعزيز الأمن والاستقرار ونشر مظاهر الانماء والازدهار». كما وصف وزير خارجية البحرين عبداللطيف الزياني الاتفاق مع تل أبيب بأنه «خطوة واقعية لمواجهة التحديات الاستراتيجية، وحماية المصالح الوطنية». الإمارات عنوان فرعي إلى ذلك، قال وزير الشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، أمس، إن «التطورات المتسارعة في المنطقة مؤشر واضح نحو ضرورة مراجعة استراتيجيات لم تؤتِ ثمارها ونبذ سياسة المحاور، ورغم أنّه لا يمكن أن نعود إلى الوراء، فإن البدايات الجديدة تحمل في طياتها فرصاً حقيقية، بعيداً عن الضجيج أمامنا ظروف قد تمهّد لحلول سياسية تعزّز الأمن والاستقرار والازدهار». في المقابل، أعلنت القيادة الفلسطينية في بيان تلقّت «الجريدة» أمس نسخة منه، رفضها واستنكارها الشديدين للإعلان الثلاثي الأميركي البحريني الإسرائيلي، معتبرة أنه «يشكل نسفاً للمبادرة العربية للسلام، وقرارات القمم العربية، والإسلامية، والشرعية الدولية»، مؤكدة أنها «لم ولن تفوّض أحداً للحديث باسمها». من ناحيته، اعتبر أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات الاتفاق «خيانة للقدس والأقصى والقضية الفلسطينية». وقال: «بأوامر مباشرة من رئيس دولة فلسطين الرئيس محمود عباس تم استدعاء السفير الفلسطيني في البحرين من قبل وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي». من جانب آخر، ذكر مسؤول في منظمة التحرير، أمس، أن «القيادة الفلسطينية تدرس خيارات منها الاستقالة من الدورة الحالية لجامعة الدول العربية، حتى لا يترتب على فلسطين أي التزام في الاجتماعات المقبلة بسبب ما نتج عن الاجتماع الأخير، في حين هناك رأي يذهب إلى تعليق عضوية فلسطين، لأن «الجامعة العربية، قامت بكشف الغطاء عنا دولياً، وأعطت ضوءًا أخضر لمزيد من الدول لتقوم باتفاقات تطبيع مع إسرائيل. لذلك، لماذا لا نكشف الغطاء عنها أمام شعوبها التي لا تزال تؤمن بقضية فلسطين؟». تهديد إيران وفِي تهديد يشبه ما وجهته للإمارات، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، أمس، أن «حكام البحرين سيصبحون من الآن وصاعدا شركاء في جرائم النظام الصهيوني باعتباره تهديدا دائما لأمن المنطقة وكل العالم الإسلامي». ورأت أن «الشعب الفلسطيني المظلوم والمسلمين الأحرار في العالم سيرفضون التطبيع وإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني الغاصب». «محادثات سرية» استغرقت 29 يوماً أعلن موقع "اكسيوس" الأميركي، أن "محادثات السلام السرية بين إسرائيل والبحرين استغرقت 29 يوما فقط". وأشار إلى أن "المحادثات السرية بدأت في 13 أغسطس الماضي، وقادها ولي عهد البحرين، وعدد من مساعديه، وسفير واشنطن في المنامة". ونقل الموقع عن "مصادر"، انه "بعد اعلان الاتفاق الإسرائيلي ـــ الإماراتي اتصل كبار المسؤولين البحرينيين بجاريد كوشنير، مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومساعده افي بركويتز، وابلغوهما رسالة واضحة أن المنامة تريد أن تكون الطرف التالي الذي يوقع اتفاقية مع إسرائيل". ولفت "اكسيوس" إلى أن "البيت الأبيض يعتقد انه بتوقيع دولتين عربيتين اتفاق سلام مع اسرائيل في اليوم نفسه ستكون الرسالة أقوى إلى المنطقة والعالم".
مشاركة :