يأتي اتفاق إعلان السلام بين مملكة البحرين وإسرائيل كأحد الاتفاقيات، التي وقّعتها دول عربية عدة من مصر إلى الأردن ومن ثم الإمارات، وكذلك اتفاقيات الفلسطينيين أنفسهم في أوسلو قبل 27 عاما، الذي بموجبه تأسست السلطة الفلسطينية، التي قادها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وخطوة مملكة البحرين تعتبر جزءا من مسار سياسي لإحلال السلام في المنطقة ومواجهة تحديات الإرهاب والأمن والاقتصاد. قال خبراء في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية إن اتفاق السلام بين البحرين وإسرائيل خطوة جديدة في مسار عملية السلام بالشرق الأوسط، مؤكدين المواقف المشرفة لمملكة البحرين من أجل التوصل لحلول للقضية الفلسطينية دون مزايدات وكان من بينها استضافة مؤتمر للسلام الاقتصادي في 2019.تحالفات دوليةقالت الباحثة في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية د. سمية عسلة لـ«اليوم»: البحرين كأي دولة في مرمى الاستهدافات الإيرانية الخبيثة، وتسعى لإنشاء تحالفات دولية تحفظ لها الأمن والاستقرار، كما أن البحرين ترى أن التحالفات الدولية من شأنها الحفاظ على علاقات تجارية ثابتة ومستقرة تعزز الاقتصاد البحريني وتجنب المرور بأزمات حروب المضائق المائية، التي تعيق التبادل التجاري، كما سبق وفعل الملالي عبر ذيله الحوثي في مضيق هرمز.وأضافت عسلة: ترى القيادة البحرينية أن عقد اتفاقية سلام مع إسرائيل سيفرض على تل أبيب الالتزام بوقف إطلاق النار ضد الفلسطينيين، ويحد من التوغل على الأراضي الفلسطينية ويحقن الدماء.متاجرون بالقضيةوشددت الباحثة في الشؤون السياسية د. سمية عسلة على أن دول الخليج بقيادة السعودية تعلم أن المتاجرين بالقضية الفلسطينية وعلى رأسهم حماس وقطر وتركيا جنوا مكاسب سياسية واقتصادية ضخمة على حساب الشعب الفلسطيني، الذي يتم المتاجرة بقضيته لصالح خزائن تميم وخالد مشعل وأردوغان وخامنئي، بل إن إيران لم تكتف بالمتاجرة بقضية فلسطين وإنما ضمت حركة حماس الإخوانية إلى أذرعها الإرهابية داخل المنطقة لتنفيذ أجندتها التوسعية والتجسس على دول الجوار على حساب القضية الفلسطينية.وتؤكد الباحثة د. سمية عسلة أن البحرين والإمارات قررا قطع الطريق على المتاجرين بالقضية الفلسطينية ودعم الشعب الفلسطيني ليس بالشعارات كما تفعل قطر، بل بعقد اتفاقيات من فوق الطاولة مع تل أبيب تضمن للفلسطينيين حقوقهم ضمن اتفاقيات رسمية.أبعاد اقتصاديةمن جهته، قال أستاذ العلوم السياسية د. طارق فهمي إن توقيع اتفاقية السلام بين البحرين وإسرائيل كان متوقعا بعد خطوة الإمارات، مشيرا إلى هذه النوعية من الاتفاقيات بين الدول العربية والجانب الإسرائيلي تهدف إلى التركيز على الأبعاد الاقتصادية والاستثمار ومجالات أخرى متعلقة بفتح الأسواق والقنصليات والسفارات.وأضاف إن الاتفاقيات الثنائية بين عواصم عربية وإسرائيل ليست تدخلا إقليميا متعلقا بعملية السلام بالإنابة عن الجانب الفلسطيني كما يروج البعض، لكنها في إطار التنسيق الأمني في ظل التطورات الراهنة في المنطقة وظهور أطماع لدول إقليمية.وأشار د. طارق فهمي إلى أنه من حق جميع الدول العربية اتخاذ قرارتها وإقامة اتفاقيات مع الجانب الإسرائيلي لكن بشرط الحفاظ على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والالتزام بالسلام الحقيقي.عملية السلامويرى خبير العلاقات الدولية أحمد العناني أن البحرين تسعى كما فعلت الإمارات إلى دفع عملية السلام، التي عانت من الجمود دون تحقيق أي مصالح كما فعلت بعض الدول، التي تزايد في مواقفها الداعمة للشعب الفلسطيني، لافتا إلى أن هذه الدول لا يصدر منها إلا أقوال دون أفعال، مشددا على أنه من حق البحرين أن ترفع درجة الاستعداد الأمني في ظل تصاعد الخطر الإيراني وقد تمكنها اتفاقية السلام مع إسرائيل من تحقيق هذا الهدف.وأشار العناني إلى أن البحرين بذلت جهودًا كبيرة لدعم القضية الفلسطينية منها على سبيل المثال وليس الحصر مؤتمر البحرين للسلام الاقتصادي 2019، الذي كان يهدف لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية لدعم المسار السلمي والتفاوض السياسي، مشددا على أن الحملات التي يشنها الإعلامان القطري والتركي بقيادة جماعة الإخوان الإرهابية هدفه تسميم العقول العربية إزاء الخطوات العربية الرامية لإحياء جهود السلام ودعم القضية الفلسطينية.علاقات دبلوماسيةمن جانبه، قال الباحث السياسي صالح السعيد إن قرار مملكة البحرين بإقامة علاقات دبلوماسية مع دولة إسرائيل بلا شك قرار تاريخي وخطوة جوهرية في تعزيز السلام بالمنطقة والدفع بعملية السلام الفلسطيني الإسرائيلي، خاصة أن المنامة لاعب جوهري وفاعل في القضية، التي مضى عليها أكثر من سبعين عاما «السبعينية» قبل أن تدخل ربع القرن الأخير من الصراع.وأضاف إن مملكة البحرين بقيادتها الحكيمة مدت يدها أولاً للسلام مع إخوانها الدول العربية بمبادرة السلام العربية، التي قدمتها السعودية تحت مظلة الجامعة العربية في 2002 بتأييد عربي، ومن ثم باستضافة المنامة في 2019 مؤتمر البحرين للسلام، الذي كان يهدف إلى إفساح المجال للتنمية الاقتصادية أمام طرفي الصراع لتكون تمهيداً لإعادة التفاوض السياسي لحل الصراع.أمن وإرهابوقال مملكة البحرين كغيرها من الدول العربية لديها معاناتها في الشؤون الأمنية والإرهاب، الذي تتعرض له من الجماعات الإرهابيةوالعديد من دول المنطقة والعالم، فمرض في الصين غيّر العالم ككل، كيف إذاً ببلد قريب منك وان لم يجمعك بها حدود برية.كانت البحرين والإمارات من الدول السباقة دائماً إلى الوقوف مع فلسطين وشعبها في كل المحن، التي واجهتها رام الله من منطلق وجودي وديني وعرقي، ووجود علاقة سياسية مع إسرائيل سيعني الدفع بقوة في إيجاد سلام فلسطيني إسرائيلي عاجل، بعيداً عن محاولة جماعات أو دول رسمت أنها طرف في السلام، بينما تأجج الصراع وتزيد عمره لمصالح شخصية ضحيتها الشعب الفلسطيني.مراجعة استراتيجياتوقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، أمس السبت، إن التطورات المتسارعة في المنطقة مؤشر واضح نحو ضرورة مراجعة استراتيجيات لم تُؤتِ ثمارها، ونبذ سياسة المحاور. وتابع في تغريدة على حسابه بموقع تويتر: «بالرغم من أنه لا يمكن أن نعود إلى الوراء إلا أن البدايات الجديدة تحمل في طياتها فرصا حقيقية، بعيدا عن الضجيج أمامنا ظروف قد تمهد لحلول سياسية تعزز الأمن والاستقرار والازدهار».وأضاف في تغريدة أخرى: «أرى في قراءتي للتطورات المتسارعة أن صناعة المستقبل لا يمكن أن تكون أداتها استنساخ تجربة الماضي، خاصة إن أخفقت في تحقيق أهدافها، الاختراق الاستراتيجي ضروري للعبور من الجمود والتكلس إلى الحركة الإيجابية، مراجعة التوجه لا تعني بالضرورة تغيير الأهداف بل مقاربتها بشكل مختلف».تحقيق السلاموكان وزير خارجية مملكة البحرين الدكتور عبد اللطيف الزياني، أكد الجمعة على أهمية الخطوة التاريخية التي قام بها الملك حمد بن عيسى آل خليفة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط بجهود بارزة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب للتوصل إلى إعلان سلام مع إسرائيل.وقال إن مملكة البحرين تشدد على أهمية تكثيف الجهود ومضاعفتها للوصول إلى حل عادل، واعتبار السلام خياراً استراتيجياً لإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي بشكل عادل وشامل وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وبما يضمن حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق، واصفاً هذه الخطوة بأنها خطوة واقعية لمواجهة التحديات الاستراتيجية، وحماية المصالح الوطنية.
مشاركة :