كشفت "سبق" تفاصيل تعديل الفقرة الثانية من المادة 26 لنظام العمل، وهو المقترح الذي سيُطرح للتصويت على طاولة "الشورى" الأربعاء المقبل، وجوهره توطين ما نسبته 75% من الوظائف القيادية في الشركات وإحلال السعوديين بالوظائف القيادية في القطاع الخاص، لما في ذلك من أهمية لسيادة المملكة ودعمها لتحقيق أهدافها التنموية، على أن تكون نسب التوطين للوظائف القيادية في مؤسسات الوطن كافة في حدود نسب مرجحة بقوة لحضور المواطن مع ترك نسب كافية لاستقطاب الأجنبي المميز المخضرم القوي مهنياً والقادر على نقل أفضل الممارسات إلى المملكة والراغب في تأهيل وتدريب الكوادر الوطنية، وبناء قيادات وطنية قادرة على أخذ دورها القيادي في مؤسسات عالمية والمساهمة في المنظومة الدولية للإنتاج بما يخدم المصالح الوطنية ويؤكد على مقاصدها ويهدف التعديل الذي تقدم به الدكتور غازي بن زقر، وعبدالله الخالدي، والدكتور فيصل آل فاضل، والدكتور محمد الجرباء، لإعادة التوازن لسوق العمل وإصلاح بعضٍ من أوجه الخلل فيه وتحقيق التحوّل المطلوب في بعض الجوانب الهيكلية والإجرائية وثقافة الأداء لسوق العمل وبما يدعم التنوع الاقتصادي المطلوب لتحقيق أهداف الرؤية. ومن الأهداف بناء ثقافة الجودة في الأداء والخدمات بالتأكيد على أهمية النوع فوق أهمية الكم، فلا يكفي بأن نُوطن الوظائف بكم كبير؛ إن لم يبنَ التوطين على نوع أفضل من الوظائف القيادية وبما يحقق حياة كريمة للمواطن من خلال عمل لائق للجميع. وتصحيح الخلل في بعض قطاعات الإنتاج في المملكة التي بنت مميزاتها التنافسية سابقاً فقط على رخص أسعار الطاقة وسهولة الاعتماد على العمالة الأجنبية المستوردة ذات التكلفة المنخفضة عوضاً عن الاعتماد على العمالة الأجنبية المبدعة المميزة لتقف جنباً إلى جنب مع القيادات الوطنية الناهضة، وكذلك لتصحيح الخلل اللازم لدعم نهوض صناعة واقتصاد وطنيين مبنيين على أسس تنافسية حقيقية وعلى سواعد قيادات وطنية واعدة ملهمة والتأكيد على حتمية الإتقان والإبداع والاختراع في العمل، وكذلك في المعروض من إنتاج المملكة من السلع والخدمات. كذلك الحفاظ على نسب معقولة من القيادة الأجنبية المميزة والدخول في شراكات دولية من نوع خاص لربط سلاسل الإمداد والإنتاج بين المملكة وباقي دول العالم وتوفير بيئة إيجابية لتوظيف السعوديين في الداخل والخارج لكسب المهارات من أفضل الممارسات العالمية والتعود على العمل في بيئة إنتاج عالمية مبنية على أعلى درجات الجدارة والمهنية والاحتراف. وقال الدكتور غازي بن زقر؛ مُفصلاً ما اعتبره البعض نقاطاً ضعيفة في التعديل المطلوب: "إن البعض يدّعي أن التعديل سيكون عائقاً للاستثمار الأجنبي، وهذا غير صحيح لأن أي استثناء مطلوب لدعم الاستثمار الأجنبي يمكن معالجته من خلال نظامَي الاستثمار الأجنبي ونظام الإقامة المميزة وهذا هو الصحيح وهو الحاصل في الدول الاقتصادية المتقدمة". وأشار: "وهناك مَن يردّد أن المطلوب بالتعديل مبني على أسس عاطفية لا تأخذ الواقع الحالي في الحسبان، وهذا غير صحيح حيث إن التعديل المطلوب يجسّد وجهة نظر وخبرة مبنية على تحليل مستفيض للواقع المحلي لبيئة العمل في المملكة على مدى ٤٠ سنة وهي خبرة الزملاء الذين شاركوا في صياغة التعديل ولهم خبرة عمل في القطاعات العامة والخاصة وغير الهادفة للربح". وأكّد: "كما أنه يأخذ في الحسبان مستجدات وسياسات المنظمات الدولية المعنية مثل منظمة العمل الدولية ومنظمة التجارة الدولية في سعيهم الدائم لإيجاد ظروف للتوازن الأمثل بين حاجات أطراف الإنتاج، وكذلك التوازن الأمثل بين الحاجة للتأكيد على السيادة الوطنية للدول الأعضاء مع الحرص على ترك نسب معقولة للمشاركة الأجنبية والتعاضدية بين الدول، فيما يخص سلاسل الإمدادات والإنتاج للسلع والخدمات ومشاركة الأجانب بشكل فاعل في الاقتصاديات الوطنية". وبيّن "وأيضاً ظهر مَن يقول إن سوق العمل في المملكة غير جاهز لمثل هذا التعديل: وهذا كذلك غير صحيح والصحيح أن سوق العمل له قطاعات عديدة تتفاوت في مدى جاهزيتها لتحقيق النسب المطلوبة مباشرة، كما أن بعض المؤسسات الرائدة في بعض القطاعات المهمة في المملكة حققت هذه النسب فعلياً، كما أن النظام الحالي، كما هو قبل التعديل فيه نفس النسبة ٧٥% حيث إن التعديل المطلوب جاء ليؤكّد أن تشمل هذه النسبة الوظائف القيادية في المؤسسات الوطنية". واستدرك: "ومن المهم لفت الانتباه أن الوزارة حالياً تعمل وفق خطط علمية محكمة للإحلال التدريجي في القطاعات المختلفة وتستثني القطاعات غير الجاهزة مؤقتاً والتعديل الجديد في حالة اعتماده يعطي الوزارة نفس الصلاحيات للاستثناء فيما يخص الوظائف القيادية بحسب جاهزية سوق العمل بناء على الصلاحيات المعطاة للوزير". وأكّد: "وبالنسبة لمَن يقول التعديل شكلي ولا يمكن تطبيقه على أرض الواقع في الوقت الراهن بسبب تحديات عديدة لذا يجب تأخيره، نرد أن الوقت السليم للتعديل المطلوب هو الآن، خاصة أننا دخلنا مرحلة جديدة من مراحل تنفيذ خطط التحول الوطنية، كما أن التعديل المطلوب ليس شكلياً إنما له رمزية عميقة جداً في تحقيق السيادة الوطنية ضمن كافة مؤسسات الاقتصاد والمجتمع، خاصة في القطاع الخاص". وأوضح: "كما يعلم الجميع أن تحقيق الغايات الطموحة للأهداف التنموية في المملكة يتطلب صياغة أهداف واضحة بنسب محددة مما يفرض إطاراً قانونياً تشريعياً ملزماً على الجميع، وهذا ما يجعل التعديل المطلوب حقيقياً وليس شكلياً، إلا أنه من الجدير بالذكر أنه ستكون هناك تحديات كثيرة". واختتم: "لذا فإن مجلس الشورى في قرار سابق له أكد على وزارة الموارد البشرية ضرورة تكثيف الحوارات الاجتماعية بحسب المنهج المتفق عليه في منظمة العمل الدولية لزيادة التواصل بين أطراف الإنتاج الثلاثة: حكومة، أعمال، وعمال لإيجاد حلول عاجلة لكل التحديات والاتفاق على خطط عملية لتذليلها أخذاً بوجهات الجميع علماً أن بعض الدول المتقدمة في استخدام هذا النهج نجحت فعلياً من خلاله في تذليل التحديات التي تعيق توطين الوظائف ومعالجة تحديات سوق العمل على وجه العموم بشكل فاعل".
مشاركة :