إهانات شخصية، شتائم، ضرب، اعتقالات بلا سبب، الحصول على رشاوى، سرقة نقود وغيرها من جيوبهم.. هذه هي بعض من نماذج معاناة الفلسطينيين على الحواجز العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، والتي اعترف بها عدد كبير من جنود الاحتلال الإسرائيلي وضباطه. وردت هذه الاعترافات خلال بحث داخلي أجرته الشرطة العسكرية الإسرائيلية، طيلة 18 شهرا، بإشراف طاقم مهني، يقوده قائد الشرطة العسكرية بنفسه، العميد غولان ميمون، ورئيس القوى البشرية في الجيش، الجنرال حجاي طوبلونسكي، وتضمن شهادات شخصية للجنود والضباط على امتداد 70 صفحة. وقد تسربت بعض فصوله إلى الصحافة، بعد ظهر أمس. ويتضح منها أن الجنود انهالوا بالضرب المبرح على فلسطيني كان يتمتم بشتم جندي جعله ينتظر مدة ساعة قبل أن يسمح له بالمرور، وأن فحص فلسطيني «مشتبه به» يتم بعد لي ذراعه وإسقاطه على الأرض، وأن الجنود اعتادوا على توجيه الضربات إلى «محاشم» الفلسطينيين لإيلامهم أو الاعتداء عليهم بالرفس والركلات. وروت بعض المجندات أن رفاقهن من الرجال كانوا يتفننون في تعذيب الفلسطينيين لإظهار رجولتهم أمام الفتيات. وقالت إحداهن: «يزعقون في وجوههم، ويهينونهم، ويشتمونهم بالقول (يا عفنين)، ويأمرونهم أيضا بالوقوف والجلوس بطريقة مذلة، ويحطمون هواتفهم الجوالة، بقذفها على الأرض والدوس عليها بغيظ. يؤخرونهم على الحاجز لساعات، هكذا بلا سبب. وفي بعض الأحيان يوثق الجنود هذا التنكيل ليعرضوا الشريط على بعضهم البعض». وروى عدد من الجنود قصص الرشاوى والسرقات، إذ هناك من يرشو الجنود بالمال أو بساندويتش فلافل لكي يمرروا أحد أصدقائه، وهناك من يسرق من جيوب الفلسطينيين بشكل واضح. وشكا الجنود في إفاداتهم من الضغط الجسدي والنفسي الذي يتعرضون له خلال أداء خدمتهم على الحواجز. فبعضهم يخدمون 16 ساعة، ويكونون مجهدين، ويصبون جام غضبهم على الفلسطينيين كنوع من الاحتجاج. وقال أحدهم: «يضعوننا هنا في ظروف متعبة للغاية، فنفش خلقنا في الفلسطينيين». لكن بعضهم يتلذذون في تعذيب الفلسطينيين ولو بتوقيفهم على الحاجز لأربع ساعات. وادعى الناطق بلسان الجيش أن ما جاء في التقرير هو «حوادث فردية»، قال إنها «عولجت بغالبيتها ولا يجوز اعتبارها صفة عامة على الحواجز». وقال إن الجيش زاد عدد الجنود على الحواجز، أولا لتخفيف الضغط، وثانيا لزيادة المراقبة، وإنه لم يعد هناك وضع يستطيع فيه جندي أن يعمل على الحاجز من دون مراقبة. المعروف أن هناك نحو 90 حاجزا عسكريا إسرائيليا في المناطق الفلسطينية المحتلة، يعتبرها الفلسطينيون جحيما، بسبب ما يتعرضون له من إذلال وما يلقونه من معاناة، حيث تصل عمليات التنكيل في بعض الأحيان إلى حد القتل، مثلما حصل في شهر أغسطس (آب) الماضي، حين قتل معن أبو لاوي (36 عاما)، وهو من سكان سلفيت جنوب نابلس. وبعدها بأيام، أصيب الرضيع نور الدين عودة (7 شهور) عند حاجز صرة غرب المدينة، عندما فتح الجنود الإسرائيليون النار على الفلسطينيين الذين ينتظرون دورهم في العبور. ووصف محمد حسن (27 عاما)، وهو عامل بناء من إحدى قرى غرب رام الله، ويمر يوميا على أربعة حواجز للوصول إلى مدينة رام الله، ما يقوم به بـ«رحلة الآلام». وقال: «يتوجب علينا أن نمر صامتين. ممنوع أن نأتي بأي حركة أو كلمة أو حتى ابتسامة، ومن لا ينصاع يعاقب إما بالضرب والإهانة والسب والشتم أو حتى بنقل قمامة الجنود بيديه».
مشاركة :