فيروس كورونا ظهر نهاية ديسمبر الماضي، وبلغ ذروته في العديد من دول العالم خلال فصل الربيع، أي مع انحسار موسم الإنفلونزا الموسمية، لم يتزامن المرضان معاً، وهو السيناريو الذي يخشى العلماء أن يحدث عن قريب، مع قرب بداية موسم الإنفلونزا في نصف الكرة الشمالي، من أكتوبر وحتى مارس. فما يخشاه العلماء والأطباء أن يتعرض أفراد الجنس البشري عن قريب، لوباء مزدوج، من فيروسي كورونا والإنفلونزا، وهو ما من شأنه أن يدفع بنظم الرعاية الصحية إلى شفا الانهيار، ويتطلب من الدول والأفراد مجابهة عدوّين خفيين في نفس الوقت. فنظرياً، وعلمياً، ليس هناك ما يمنع من الإصابة بالمرضين في نفس الوقت، فكلاهما ينتجان عن فيروسات تصيب الجهاز التنفسي، بل إن أعراضهما وعلامتها تتشابه لحد كبير، مثل الحمى، والسعال، وصعوبة التنفس، والشعور بالإرهاق، والتهاب الحلق، وآلام العضلات والعظام، وانسداد الأنف وجريانه. وإن كان كوفيد-19، أحياناً، تتميز أعراضه بفقدان حاستي الشم والتذوق، أو الإسهال والقيء، خصوصاً في الأطفال. وتتشابه الصورتان السريريتان للمرضى بشكل كبير، لدرجة أن الأطباء أنفسهم لا يمكنهم التمييز بينهما، ولذا يعتمد التشخيص الصحيح هنا على الفحوصات المعملية. وبخلاف أن الإصابة بأحد المرضين تجعل المريض أكثر عرضة للإصابة بالمرض الآخر، إذا ما أصيب الشخص بالمرضين معاً، فتزداد حينها بشكل كبير احتمالات التعرض للمضاعفات الخطيرة، وبالتحديد الالتهاب الرئوي الحاد، حيث إن على جهاز المناعة، حينها، مقاومة عدوين يهاجمان بشراسة نفس الأنسجة والأعضاء من الجسم. وبوجه عام، تتشابه وتتطابق إجراءات الوقاية من المرضين، بل هي تقريباً نفسها، والمتمثلة في ارتداء أقنعة الوجه، وغسل اليدين باستمرار، وممارسة التباعد الاجتماعي، وعزل أو انعزال المصابين لحين التعافي والشفاء. فعالية هذه الإجراءات اتضحت في أستراليا التي يشارف موسم الإنفلونزا فيها لهذا العام على الانتهاء، كونها واقعة في نصف الكرة الجنوبي. فنتيجة تفعيل إجراءات الوقاية من كورونا خلال موسم الإنفلونزا، بلغت حالات الإصابة الشهر الماضي 107 حالات فقط، مقارنة بأكثر من 61 ألف إصابة في أغسطس 2019. وأمام هذا الخطر الوشيك، الإنفلونزا وكورونا، تزداد هذا الموسم أهمية التطعيم ضد الإنفلونزا الموسمية، في ظل عدم وجود تطعيم أو علاج فعال ضد كوفيد-19. حيث يمكن للتطعيم ضد الإنفلونزا أن يُخفض من احتمالات الإصابة بمقدار النصف، وأن يقلل بشكل واضح من حدة الأعراض والعلامات لمن يصابون بها. ويحتل العاملون في قطاع الرعاية الصحية، والمصابون بأمراض مزمنة، والحوامل، وكبار السن، أهمية خاصة في برامج التطعيم ضد الإنفلونزا، بالإضافة إلى الأطفال، حيث يوصى بتطعيم الأطفال بين عمر الستة أشهر والخمس سنوات. *كاتب متخصص في الشؤون العلمية
مشاركة :