الخيانة المالية سلوك يدمر استقرار العلاقة الزوجية | | صحيفة العرب

  • 9/14/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يسعى شركاء حياة كثر إلى تعمد إخفاء أو التلاعب بمعلومات عن الراتب أو حسابات مصرفية شخصية أو ديون أو مشتريات مثل شراء عقار دون إعلام الطرف الآخر بذلك، ويعتبر أخصائيو العلاقات الزوجية هذه السلوكيات خيانة مالية لا تختلف آثارها عن الخيانة الجنسية. لندن – باتت الخيانة المالية واقعا جديدا يعيشه عدد كبير من المتزوجين، حيث أثبتت دراسات حديثة ارتفاع نسبها بين الأزواج، منبهة إلى أن عواقبها لا تختلف كثيرا عن عواقب الخيانة الجسدية أو العاطفية. ويرى الكثيرون في المجتمعات العربية أنه من الخطأ إطلاع الزوجة بالتفصيل عن الوضع المادي للزوج مثل راتبه وأملاكه، لأنه إن كان قليلا قد تزهد به؛ وإن كان كثيرا قد تطلب المزيد. وقالت أحلام زغلامي، زوجة وأم لطفلين، إنها أصيبت بالذهول عندما علمت عن طريق المصادفة أن زوجها اشترى قطعة أرض فلاحية دون أن يخبرها بذلك، معبرة للمقربين منها عن صدمتها ودهشتها من هذا التصرف الغريب من قبل زوجها. وأشارت إلى أن هذا التصرف وتر علاقتها بزوجها وجعلها تفقد الثقة في جميع تصرفاته المالية، كما أنها أعلمت عائلته، وهي تفكر مليا في الأسباب التي جعلته يخفي عنها هذا الأمر الذي يعد منفعة لجميع أفراد العائلة ولا يتطلب الكتمان والسرية. ويرى الدكتور عبدالله غازي المختص السعودي في الاستشارات الزوجية والأسرية، أنه إذا كان لدى الشخص اشتراطات أو توقعات للوضع المالي للأسرة وطريقة تقسيم المصاريف، فعليه ذكرها قبل الارتباط دون حرج أو خجل، مشيرا إلى أن الوضوح قبل الارتباط وقاية لمشكلات متعددة قد تظهر بين الزوجين في المستقبل. وأوضح أن الاختلاف الكبير بين الزوجين في النظرة تجاه المال وفلسفة الصرف ذاتها قد تكون أولى علامات الصعوبات المالية التي ستصادفهما في حياتهما الزوجية، وقال “تخيل صعوبة التوافق بين شخصين أحدهما يركز على التوفير والآخر لا يفضل التخطيط طويل المدى”. وأوضح أن الخيانة المالية هي القيام بتصرف مادي مخالف لاتفاق مسبق بين الزوجين بشكل متعمد، مبينا أن هذا السلوك يصنف ضمن إطار الخيانة لأنه يولد نفس ردة الفعل من شريك الحياة من ناحية فقدان الثقة والإحساس المستمر بالشك بعد الحادثة. وأشار إلى أن اكتساب ثقة شريك الحياة في كل ما يتعلق بالجوانب المالية من جديد أمر صعب لأنه يحتاج عملا مشتركا واستعدادا نفسيا لتحمل المسؤولية من قبل الطرفين. 47 في المئة من حالات الخيانة المالية بين الزوجين تفضي إلى الجدل والشجار وأكدت دراسة أميركية أن إخفاء أو التلاعب بمعلومات عن حسابات مصرفية شخصية أو ديون أو مشتريات معينة بين الزوجين تعد خيانة مالية، مشيرة إلى ارتفاع نسبة هذا الصنف من الخيانة بين الشريكين، كما توصلت إلى أن إخفاءَ معلومات بشأن الراتب الشهري أو بيانات بطاقات الائتمان أو حتى الديون، بات واقعا جديدا يعيشه عدد كبير من المتزوجين أو المرتبطين. واعترف ثلث الأزواج والزوجات بإخفاء بعض الحقائق المالية عن شركائهم، فيما أقر 35 في المئة منهم بأنهم وقعوا ضحية الكذب في هذا الشأن، وبينت الدراسة أن أهم الأسرار التي يخفيها الأزواج والزوجات تتمثل في تشويه حقائق مالية شخصية بشأن معدل الديون، والإيرادات، والمشتريات، أو البيانات الحسابية. وأوضح الباحثون أن العوامل النفسية تلعب دورا مهما في هذا الصنف من الخيانة، إذ ينتقل الفرد من حياة العزوبية والاستقلالية إلى مشاركة الفرد الآخر بكل ما يملك، وهنا تكمن الصعوبة عند البعض. وبينت نتائج الدراسة أن الأساليب اختلفت بشأن الخيانة المالية، حيث اعترف 53 في المئة بالكذب بشأن مشتريات صغيرة، و52 في المئة اعترفوا بإخفاء نقود سائلة، و16 في المئة يكذبون بشأن حجم ديونهم، و14 في المئة يكذبون بشأن راتبهم. وأكدت أن 47 في المئة من حالات الخيانة المالية تفضي إلى الشجار والجدال، و33 في المئة تؤدي إلى فقدان الثقة بين الطرفين، و10 في المئة إلى الطلاق و8 في المئة إلى الفراق بين الشريكين. Thumbnail وشدد المختصون على ضرورة اقتناع طرفي العلاقة الزوجية بأنه لا سبيل للنجاح في أية علاقة بعيدا عن الشفافية. وبين المختصون أنه عند ذكر لفظ خيانة، أول ما يتبادر إلى الذهن هو الخيانة الجنسية، أي قيام شريك الحياة بإقامة علاقة عاطفية مع طرف آخر، ولكن الغش ليس محصورا فقط في العلاقات الجنسية إنما يمكن أن يتخذ أشكالا متعددة بدءا بالخيانة الفكرية وصولا إلى الخيانة الجسدية ومرورا بأنواع أخرى من الخيانات التي تكون مرتبطة بتفاصيل حياتية دقيقة، مشيرين إلى أن الخيانة الجنسية قد لا تكون “الخيانة العظمى” بالنسبة إلى الأزواج لأن هناك نوعاً آخر من الخيانات يمكن أن يسبب جرحاً أعمق، وهو الخيانة المالية. وأشاروا إلى أن اعتبار المعاملات المالية من الأسرار التي يجب إخفاؤها على شريك الحياة يمكن تصنيفه من بين الخيانات، وعزوا السبب في ذلك إلى عدم شعور المرء بأن ما يقوم به يندرج ضمن الغش بل يعتبر نوعا من الاعتناء بالنفس سواء كان ذلك من خلال الإنفاق في السر أو حتى التوفير في السر، كما أن إخفاء الأسرار المالية عن الشريك قد يكون ناجماً عن الرغبة الدفينة في الحفاظ على بعض الاستقلالية. وأكد المخطط المالي أنطوان وينترز أن الخيانة المالية يمكن أن تكون نتيجة غياب التواصل الفعلي بين الشريكين، موضحا “نحن لا نتحدث كثيرا عن المال، حتى في العلاقات تبدو هذه المسألة غريبة وغير مريحة، وبالتالي فإنه نتيجة الإحراج المحيط بالمحادثات حول المال، يبدو الكذب في بعض الأحيان الخيار الأسهل”. ولفت الخبراء إلى أن الخيانة الجسدية مؤلمة وتدمر العلاقة العاطفية، إلا أنها ليست بالضرورة أسوأ نوع غش يمكن أن يحدث في علاقات الأزواج، حيث وجد استطلاع حديث أن 30 في المئة من الناس أكدوا أن الخيانة المالية التي تنطوي على إخفاء بطاقات الائتمان والحسابات المالية من قبل شريك الحياة هي في الواقع أسوأ حتى من الخيانة الجسدية، منبهين من نتيجة الإحراج المحيط بالمحادثات حول المال، حيث يبدو الكذب في بعض الأحيان الخيار الأسهل. وأكد الباحثون أن نفس الأسباب التي تجعل الخيانة الجنسية تدمر العلاقة تنطبق على الخيانة المالية مثل اهتزاز الثقة، الشعور بالذنب، العار، الإذلال وعدم الاحترام. وأوضحت المدربة المالية إميلي بوشارد أن الخيانة المالية يمكن أن يكون لها تأثير سلبي دائم، فعندما يتعلق الأمر بالمال فإن هناك الكثير من الأمور التي تصبح على المحك لأن الأموال تجسد الأمن والحرية والنجاح والاستقرار. العوامل النفسية تلعب دورا مهما في الخيانة المالية، إذ ينتقل الفرد من حياة العزوبية والاستقلالية إلى مشاركة فرد آخر بكل ما يملك، وهنا تكمن الصعوبة عند البعض ولا تعتبر الأخصائية في العلاقات شيرا غالسون أن الخيانة المالية أسوأ من الخيانة الجسدية، إلا أنها ترى أن إخفاء المعلومات المالية عن الشريك بشكلٍ مقصود قد ينطوي على مشاكل أكثر تعقيداً مثل تلك المتعلقة بالثقة والسيطرة. وشددت على ضرورة معالجة هذه المشكلات الأساسية في العلاقة الزوجية إذا رغب المرء في التعافي من الأسرار المالية وغيرها، لافتة إلى أن المشكلة الأكبر التي تولدها الخيانة المالية هي الثقة، موضحةً أنه في العلاقة الجدية يكون فقدان الثقة أمراً مؤلما ومن الصعب التغلب عليه، سواء كان ذلك من خلال غش أو إخفاء معلومات أو ببساطة الكذب على الشريك. وأوضح المختصون أنه غالبا ما تبدأ الخيانة المالية بأكاذيب بيضاء وتفاصيل صغيرة مثل الإقدام على شراء زوج من الأحذية في السر، وأحيانا تتحول إلى خداعٍ حقيقي يصبح عادة روتينية يصعب على المرء التخلص منها خاصة أن الخيانة المالية تطال أيضاً الشق العاطفي في العلاقة، إذ تبيّن أن الأزواج الذين يتجادلون حول المال يتجادلون أيضاً حول أمور أخرى، ومن يخفي أسراراً مالية قد يخفي أيضا تورطه في أمور أخرى مثل الإدمان على الشراء والقمار. ووفقا لاستقصاء حديث أجرته جامعة نوتردام في الولايات المتحدة، هناك نوع من الخيانة الزوجية لا يتم الحديث عنه وهو الخيانة المالية. ونصح الخبراء بأن يأخذ انتهاك شريك الحياة للمصداقية التي تبنى عليها العلاقة الزوجية على محمل الجد، لأنه لا توجد طريقة يمكن بها الوثوق بشريك الحياة بالكامل مجددا حتى يعترف بسلوكه وأكاذيبه وبسلوكه المدمر. وأوصوا في ما يتعلق بالحسابات المشتركة أو المنفصلة بأن يكون الزوجان صادقين بشأن ما يدفعه كل شخص، والاتفاق على اتخاذ القرارات الاقتصادية، وبهذه الطريقة، يمكنهما تجنب الوقوع في الخيانة المالية والمناقشات بشأن الأموال، والتي تعد أحد الأسباب الرئيسية للانفصال.

مشاركة :