الدراما السورية تلمع بلا «نجوم»

  • 7/29/2015
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

تميزت الأعمال التلفزيونية السورية منذ بداياتها بشخصيتها المستقلة، على رغم طغيان المسلسلات المصرية وانجذاب الجماهير العربية إليها. اتسمّت المسلسلات بأجواء خاصة وأداء متفرد للممثلين. وثمة أعمال لا تُنسى، مثل «حكايا الليل» ( 1979 تأليف محمد الماغوط) الذي اشتهر بقصته الطريفة الشيقة وأسلوب تمثيل الفنانين المشاركين، إضافة إلى «شارته» المؤثرة بموسيقاها الشجية. وكانت أسماء الممثلين تكتب كما هي من دون أن تسبقها صفات كالنجم وضيف الشرف والممثل القدير والظهور الخاص لذاك وتلك... كان هؤلاء يجسدون الشخصيات بعفوية مدهشة، وكان المشاهد ليصدق أن «محمد خير حلواني» هو حارس حارته، وأن» علي الرواس» هو منظّفها حتى لا نقول زبّالها، و «فهد كعيكاتي» (أبو فهمي) هو كل بخيل يصادفه... لم يكن هؤلاء في الصف الأول أو في المكانة نفسها التي وصل إليها «أبو صياح» و «حسني البورظان» و «أبو عنتر» و «غوار» بملامح الشخصيات التي رسموها، لكنّ الناس تعلقوا بهم وأعطوهم مكانة في قلوبهم قد تتفوق لدى بعضهم مما يعطى لممثلي الصف الأول. لم تتغير الحال كثيراً اليوم، على رغم ارتفاع أعداد الممثلين وظهور «النجوم»، بحيث يبرع الممثلون، وأحيانا رغم سوء العمل وإخراجه، في منح الشعور بأنهم يجسدون شخصيات واقعية قابلة للتصديق. وحين يتشارك نجوم كُثُر في عمل واحد (خلافاً للأعمال المصرية التي بدأت من وقت ليس بالبعيد باعتمادها أيضاً) لا يغطي أولئك تماماً على زملائهم أصحاب الأدوار الاقل أهمية في السيناريو، بحيث تترك لهم مساحة للتعبير تتناسب مع قدراتهم، وإن لم تُترك فهم ينتزعونها. هذه العودة للحديث عن فن التمثيل السوري، أثارها المسلسل الذي اتفق الجميع على تميزه «غداً نلتقي». تمكن المؤلف إياد أبو الشامات من رسم الشخصيات والتوغل في أعماقها، وجسدها الممثلون سواء كانوا من الصف الأول أو الأخير (نظراً الى حجم الدور وليس الأداء) بقدرة لافتة تحت إدارة المخرج رامي حنا. أول ما يحضرنا هنا وجه الممثلة، لن نقول القديرة فهي كذلك ولا تحتاج إلى وضع هذا قبل اسمها، ولن نقول النجمة فهي ليست كذلك بمعايير اليوم، لكنْ الفنانة، وهذا أفضل ما يمكن أن يوصف به ممثل متمكّن. ضحى الدبس ترسم بتلقائية هذا التعبير من الاستسلام والأسى والحنان فيما هي تحضن ابنتها بقوة، تريد أن تحميها من كل أشرار الأرض، تمرر بلا أدنى مبالغة عاطفية أحاسيسها مباشرة للمشاهد. ثمة مواقف مأسوية قد تستخرج الدموع الجاهزة ولكن أخرى تستخرجها من إحساس بها في العمق، وإذ بك حزين حزين ولست فقط باكياً. الممثلون غير النجوم في الأعمال السورية لا يستحقون لقب النجوم لأن هذا يخفت بسرعة. بل هم يبقون كما بقي علي الرواس ومحمد خير الحلواني، ربما ليس في ذاكرة الجميع بل في مكان ما في قلوبهم.

مشاركة :