يعج واقع الرياضة البحرينية بالكثير من المشكلات والملفات الشائكة على المستويات التنظيمية والإدارية والمالية والفنية الأمر الذي يفرض العمل على فتح وطرق أبواب هذه الملفات بين تارة وأخرى سعياً لإيجاد حلول لها أو في أضعف الإيمان عدم تجاهلها والتعامل معها وكأنها واقعاً مفروضاً ومرضاً مزمناً يصعب علاجه. ومن بين ملفاتنا المعقّدة هي مشكلة «مدربين بلا رواتب» والتي يعاني منها الكثير من المدربين الوطنيين الذين يعملون في أغلب الأندية البحرينية وللأسف لا يتم دفع مستحقاتهم المالية الشهرية بصورة منتظمة أو بعضهم لا يتسلم شيئاً من مستحقاته التي أصبحت متراكمة بسنوات وأصبحت ثقلاً على موازنات الأندية، في الوقت الذي يجد فيه المدرب نفسه ضحية واقع ليس له يد فيه ويقع بين «مطرقة» ضعف إمكانات الأندية أو خطأ سياساتها الإدارية والمالية، وبين «سندان» رغبة المدرب في العمل التدريبي وخصوصاً بالنسبة للذين خاضوا دورات تدريبية ويحملون طموحات تدريبية وبالتالي يضطر إلى العمل والتضحية حتى لو كان دون راتب، أو أن بعض هؤلاء المدربين يعتبر التدريب أحد مصادر الدخل المعيشية إليهم. وللأسف أن بعض الأندية تحاول استغلال وضع المدربين الوطنيين وخصوصاً الشباب والصاعدين منهم وحاجتهم إلى العمل التدريبي، فتقوم بالتعامل غير الجيد معهم في الناحية المالية في الوقت الذي يخشى بعض هؤلاء المدربين ممن يندرجون تحت بند «مدربون بلا رواتب» الدخول في مواجهات أو تقديم الشكوى إلى الجهات المعنية أو الإعلام خشية فقدان مهامهم التدريبية في هذه الأندية، في المقابل فإن الأندية هي الأخرى تجد نفسها في أغلب الأحيان في موقف صعب في الإيفاء بمستحقات مدربيها بانتظام لأسباب مختلفة منها ضعف موازناتها المالية وخصوصاً أنها تعتمد بشكل أساسي على الدعم الحكومي. وفي ظل تفاقم هذه المشكلة التي يمكن القول بأنها تحولت إلى «ظاهرة» في السنوات الأخيرة فإنه بات من الضرورة إيجاد حلول لها وعدم ترك الأمور، ويتطلب تدخلاً من جهات رياضية رسمية مثل المؤسسة العامة للشباب والرياضة التي تقع الأندية وموازناتها تحت مسئوليتها وكذلك الاتحادات الرياضية التي تقع الأندية تحت لوائها ووضع آليات ونظام خاص بالنسبة لمشكلة رواتب المدربين بصورة تحفظ الحقوق بعيداً عن المشكلات. وفي «الوسط الرياضي» حاولنا من خلال هذا التحقيق فتح هذا الملف بحثاً عن حل لهذه المشكلة والتي لا تقتصر على مدربي كرة القدم بل تطال مدربي بقية الألعاب مثل الطائرة والسلة والطاولة، وسيتم عرض الجوانب المختلفة لهذه المشكلة في مختلف الألعاب عبر حلقات يومية التي بدأناها أمس بكرة الطاولة، فيما عرضنا في حلقة اليوم للعبة كرة السلة.الحلواجي: صرف مبالغ تفوق الموازنة يدخل الأندية بنفق «المديونيات» أرجع الأمين المالي للنادي الأهلي علاء الحلواجي «تفشي» ظاهرة تأخر تسليم المدربين الوطنيين وكذلك اللاعبين لمستحقاتهم المالية إلى صرف الأندية مبالغ تفوق الموازنة العامة المخصصة لهم، واستمر بالقول: «بالإضافة إلى تأخر إقرار الموازنة العامة من قبل مجلس النواب. إذ بعد أن تأخر إقرار الموازنة في العامة 2013 تأثرت الأندية كثيراً... إذ حتى بعد صرفها لم تستطع الأندية تسديد كل المبالغ المستحقة. وهذا الحال تكرر أيضاً في هذا العام إذ تأخر إقرار الموازنة لستة أشهر وهذا من الطبيعي أن يأتي بمردود عكسي على جميع الأندية من دون استثناء». وأشار الحلواجي إلى أن الأندية بهدف المنافسة تصرف الكثير من الأموال حتى أكثر من استطاعتها، وأضاف «مثلاً النادي لديه موازنة (500) دينار للتعاقد مع مدرب، لكن في ظل حش المدربين الأكفاء، يطلب هذا المدرب مثلاً (1000) دينار، ويقوم النادي مجبوراً على التعاقد معه بهذا المبلغ، وهنا تصبح الخسارة من الجانبين، أولاً النادي لأنه ستتحمل موازنته حملا كبيرا من الديون، وثانياً المدرب لأنه لم يحصل على مستحقاته الشهرية (أولاً بأول)». وعندما سألناه عن حال الأهلي، رد قائلا: «مررنا بهذه المشكلة قبل فترة، لكننا ولله الحمد تغلبنا عليها في الموسم الماضي، إذ تم دفع المبالغ المستحقة للمدربين واللاعبين نسبة تصل إلى (90) في المئة تقريباً، والفضل كله يعود لدعم خاص قدمه رئيس النادي طلال كانو، وإلى المبلغ الذي حصل عليه النادي من المستثمر دون نسيان القرض أيضاً، وهذا غطى أجزاء كبيرة من المبالغ المستحقة». وتمنى الحلواجي وجود اتفاق بين المؤسسة العامة واتحاد الكرة الطائرة بشأن إلزام الأندية أن لا تصرف مبالغ تفوق موازناتها السنوية، لأن ذلك سيحد بنسبة كبيرة من تفشي هذه الظاهرة... وفي حال شاهدوا غياب الالتزام يجب عليهم عدم التصديق على العقود حتى تسديد المبالغ المستحقة».خلفان: يجب تطبيق أسلوب الاتحادات على مدربي الأندية أكد مستشار الاتحاد البحريني للكرة الطائرة جهاد خلفان أن الاتحاد لا يملك أي سلطة على الأندية من أجل إلزامها بصرف رواتب المدربين «أولاً بأول»، وأضاف أن «الاتحاد لا يستطيع إجبار الأندية على الدفع، لأنه باختصار ليس الجهة التي تعطي الأندية (موازناتها السنوية)، وبالتالي فإن الجهة القادرة على ضمان حقوق المدربين وصرفها بصفةٍ شهرية هي المؤسسة العامة للشباب والرياضة لأنها الجهة المعنية بإعطاء الأندية (موازناتها السنوية)». وقال خلفان: «الأولمبية مثلاً تلزم الاتحادات بأن لكل باب مصروفاته الخاصة (التبويب)، وهذا يلزم الاتحادات بالتقيد بذلك، وبالتالي بتنا من الصعوبة جداً أن نرى ظاهرة تأخر تسليم المدربين المرتبطين بالاتحادات لمستحقاتهم المالية أو حتى للموظفين والعاملين... لذلك أدعو المؤسسة العامة لانتهاج الأسلوب نفسه والهدف من ذلك حفظ حقوق المدربين، لأن هناك بعض الأندية تفتقد للأسس التنظيمية في طريقة الصرف، وهذا يولد مديونيات عليها».الميل: أطالب بلجنة لحماية المدربين وضرورة الاستفادة من تصديق العقود أوضح المدرب الوطني ياسين الميل أن أسباب عدة جعلت ظاهرة تأخر تسليم المدربين مستحقاتهم المالية «متفشية»، وأضاف «أبرزها أن هناك بعض الأندية تصرف أكثر من إيراداتها وبالتالي من الطبيعي أن تحدث متأخرات... كما أن هناك بعض الأندية يغيب عنها التنظيم في الجوانب المالية وهذا يجعلها غارقة بالمديونيات... إذ لو رأينا ما يحدث في قطر والإمارات على سبيل المثال سنرى من الصعوبة جداً أن يتجاوز النادي المبلغ المخصص له». وأضاف الميل «أعتقد أن غياب الجهة الداعمة للمدربين في اتحاد الطائرة تسبب بانتشار هذه الظاهرة للأسف الشديد... فلو رأينا الأسس المتبعة باتحاد كرة القدم لرأينا أن العقود لا تصدق من أجل التصديق عليها فقط كما يحدث معنا، بل هناك إجراءات تتبع في حال وصلت لجنة فض النزاعات والشكاوى، وهذا نوع من أنواع حماية المدربين». وأشار الميل إلى أن هذه الظاهرة كانت غائبة قبل (5 إلى 8) سنوات تقريباً لكنها تفشت الآن؛ والسبب يعود إلى أن الأندية في السابق كانت مرتبطة فقط برواتب المدربين، أما الآن فإن اللاعبين يحصلون على مبالغ كبيرة نظير خوضهم المنافسات (وهناك البعض يعطيهم الأولوية كونهم هم من سيكون في أرضية الميدان لا المدربين)، كما أن هناك بعض الإداريين الذين يحصلون على مكافآت مالية، ومن هنا يتأكد لنا أن زمن العمل التطوعي غائب وبنسبة كبيرة في كثير من الأندية. وتطرق الميل إلى أنهم في المحرق يمرون بتأخر نسبي في صرف المستحقات المالية الشهرية؛ والسبب يعود لأن المحرق نادٍ كبير ومنافس على الألقاب في الألعاب الجماعية الثلاث التي يشارك فيها فمن الطبيعي أن تكون مصروفاته كبيرة، ولكننا في المحرق أيضاً لدينا الثقة بأن الحقوق تسلم لمستحقيها سواءً تأخرت لشهر أو شهرين أو 3 وهذا يولد الثقة بين كافة الأطراف. وعن الحلول التي يرى تطبيقها لضمان حقوق المدربين، قال: «بالإضافة إلى تشكيل لجنة للمدربين بالاتحاد، فإن المؤسسة العامة مطالبة أيضاً بالتحرك للحد من هذه الظاهرة، سواءً عبر إلزام الأندية، أو حتى بالتحرك ضد هذا النادي أو ذاك في حال وصلتهم شكوى من قبل المدربين وخصوصاً في حال تصديق العقود».بورويس: لدي مستحقات منذ 2007 والمؤسسة مطالبة بمراقبة الأندية ذكر المدرب الوطني محمد بورويس أن إدارات الأندية التي تملك أكثر من لعبة جماعية دائماً ما تنظر إلى لعبة الكرة الطائرة من دون إنصاف، وأضاف «بعض هذه الأندية تركز في مصروفاتها على لعبة كرة القدم... نحن هنا لا نختلف بأنها اللعبة الشعبية الأولى، لكن على الأقل يجب أن يتم تحديد موازنة لكل لعبة حتى يتم التغلب على مشكلة تأخر تسليم المستحقات المالية سواء للمدربين أو حتى للاعبين». وتابع قائلاً: «مثلاً، المؤسسة العامة تحدد مبلغاً لكل لعبة، وهنا يجب على الأندية الإنصاف وتحويل هذا المبلغ لمصروفات هذه اللعبة فقط، لا أن يتم الاقتصاص منه من أجل زيادة موازنة لعبة كرة القدم». وأشار بورويس إلى أن المؤسسة العامة مقصرة في أداء مهامها، وأضاف «بإمكانها مراقبة الأندية مالياً... إذ يجب إجبارها على (تبويب) معين، لا أن يدعوا الأندية على حالها الحالي لأن هذا يضر بالألعاب الأخرى غير لعبة كرة القدم». وأكد بورويس أنه مر بأكثر من نادٍ أخّر تسليم مستحقاته المالية الشهرية، وأضاف «لك أن تتخيل أنني سأستلم الآن مبلغ مستحق منذ العام 2007... لذا أين دور المؤسسة العامة والاتحاد من أجل الحد من (تفشي) هذه الظاهرة التي لو استمرت أكثر من الطبيعي جداً ستؤثر على تطور اللعبة في المستقبل القريب». وأضاف «بالنسبة لي أعتبر المؤسسة العامة مقصرة في أداء مهامها، وعليها مراجعة حساباتها. إذ كيف لها أن تصدق على عقدٍ (ما) ومن ثم لا تحمي صاحب الحق، بل ويكون دورها سلبياً وليس إيجابياً جراء ذلك ، أما أندية اللعبة الواحدة، فهي متى ما أرادت المنافسة فمن الطبيعي أنها ستدفع أموالاً تفوق ميزانياتها، وهذا هو حال النصر وداركليب وكذلك بني جمرة واتحاد الريف الآن، لذلك أرى من الطبيعي أن يحدث عندها بعض التأخير».علي خميس: طموح المنافسة وقلة الموازنة يُتعبان موازنة الأندية أكد الأمين المالي لنادي داركليب علي خميس أن هناك أسباباً عدة تسببت بانتشار ظاهرة تأخر تسليم المدربين، بالإضافة إلى مستحقات اللاعبين المالية، ومن بين هذه الأسباب صرف الأندية لمبالغ تفوق المبالغ المتاحة لديها وذلك بهدف الحفاظ على ركائز الفريق والمنافسة على الألقاب، بالإضافة إلى تأخر صرف الموازنة العامة بسبب تأخر إقرارها لست أشهر من قبل مجلس النواب، سواء في العام 2013 أو في العام 2015، ولهذا من الطبيعي جداً أن نرى تأخراً في تسليم المستحقات. وقال علي خميس إن شح مدربي الكرة الطائرة ساهم في ارتفاع الأسعار نسبياً، فما بالكم بالمدربين الأكفاء أيضاً. لهذا من أجل الحفاظ على المكتسبات من الطبيعي أن ترضخ الأندية لمتطلبات المدربين. وتابع «كما يجب ألا ننسى ضعف الموازنة المخصصة للأندية من قبل المؤسسة العامة للشباب والرياضة، إذ هناك بعض الأندية تملك موارد دخل إضافية وأخرى لا تملك، لذلك كل هذه الأمور تتسبب بتأخر تسليم المستحقات سواء للمدربين أو حتى اللاعبين». وأوضح الأمين المالي لنادي داركليب أنهم يعانون من تأخر في تسليم المستحقات المالية سواء للمدربين أو للاعبين أيضاً، وتابع أن «الأسباب تعود لما ذكرناه أعلاه، لكن ولله الحمد هناك ثقة متبادلة بيننا كنادٍ وبين (المدربين واللاعبين) بأن المبالغ سيحصلون عليها على رغم التأخير الذي يحدث، كما أنه بالنسبة للمدربين من الصعب جداً تقليل المصروفات بشأنهم لأن الأسعار ارتفعت ومن الصعب نزولها (والسبب قلة عدد المدربين)، لكن بشأن اللاعبين بالإمكان تقنين المصروفات من خلال اتباع دراسة كاملة تقضي على هذه الظاهرة».
مشاركة :