ماذا تقول أوروبا عن الموجة الثانيــة مــن «كوفيــد-19»؟

  • 9/15/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

ليونيل لورينت * لم تكن موجة تفشي «كوفيد-19» الجديدة في أوروبا قريبة من درجة السوء التي شهدتها القارة أثناء ذروة الانتشار في إبريل/ نيسان، لكنها اختبار خطير لاستراتيجيات الحكومات بشأن مواجهة الوباء. يعتبر صندوق الإنقاذ الأوروبي الأخير الذي قدرت تكاليفه بنحو 750 مليار يورو، (877 مليار دولار)، نقطة مهمة في خطة الاتحاد الأوروبي لمعالجة التداعيات الاقتصادية لفيروس «كوفيد-19». لكن الانفجار الجديد للعدوى في دول القارة يمثل باعث تحريض على تذكر الصورة القاتمة للتهديد الأكثر إلحاحاً. وعلى الرغم من أن التفشي لم يرق إلى مستوى اعتباره موجة ثانية بعد، إلا أنه اختبار جاد لاستراتيجيات الحكومات الرامية إلى تحاشيها. وتزداد حالات الإصابة في جميع أنحاء القارة بأسرع وتيرة منذ رفع إجراءات الإغلاق الصارمة، على الرغم من أن الإصابات الإجمالية لا تزال أقل بكثير من ذروة تفشي المرض في إبريل/ نيسان. وفي إسبانيا، بلغ عدد الحالات اليومية الجديدة ما يقرب من 1000 حالة الأسبوع الماضي، مدفوعة بالطفرات المحلية في مناطق مثل أراجون، وكاتالونيا، حيث يتم الآن إغلاق النوادي الليلية وتطبيق حظر التجول على الحانات. وفي بلجيكا، أجبرت زيادة الإصابات الحكومة على تطبيق إجراءات تباعد وعزل اجتماعي أكثر صرامة، مثل الحد من التعامل وجهاً لوجه. ويمكن اعتبار هذه الإجراءات أمراً طبيعياً للحد من الاندفاع نحو وقف الإغلاق الكلي، والتي سمحت للناس بالتنقل بشكل طبيعي، وعلى نطاق أوسع، حيث تتراجع قيود البقاء في المنزل، وهذا سبب كاف لمنح الفيروس فرصة الانتشار نتيجة اختلاط الناس. وحتى إذا كانت المكاتب ووسائل النقل العام لا تزال هادئة، فإن الشوارع الأوروبية مملوءة بالمتسوقين، ومحبي تناول وجبات العشاء خارج المنزل. وتشير بيانات التنقل من «جوجل» إلى أن حركة البشر عادت تقريباً إلى مستويات ما قبل الفيروس في مناطق مثل باريس، ومدريد، ولومبارديه، الإيطالية. وتشير تقديرات معدل انتقال العدوى التي كشفت عنها دراسة أعدها خبراء الاقتصاد في مجموعة «بانك أوف أميريكا» إلى أنها ارتفعت إلى ما يقرب من واحد، أو أكثر، في دول تشمل المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا، ما يعني أن الشخص المصاب ينقل العدوى في المتوسط إلى أكثر من شخص آخر. ويمكن اعتبار يقظة السلطات العامة مشجعة حتى الآن. بينما قد يتساءل المرء عما إذا كان يجب إعادة فتح المطاعم والمقاهي في كاتالونيا، إلا أنه لا يمكنك اتهام الحكومات بشكل عام بالسير أثناء النوم في أزمة جديدة للصحة العامة. وتبعث القيود الجديدة في كل من إسبانيا وبلجيكا على القلق، ولكن «عمليات الإغلاق الذكية» الصغيرة كانت فعالة أيضاً في المدن والمناطق في ألمانيا والمملكة المتحدة وإيطاليا. وهذا دليل على التحسن في وسائل مراقبة الفيروس منذ ذروة تفشيه. ويرتفع معدل التزام الناس بوضع الأقنعة بشكل مستمر، بينما سخر الكثيرون منها في الموجة الأولى. وما يبعث على القلق، التململ في أوساط الناس من قيود التباعد والعزل الاجتماعي، خاصة بين الشباب. وتظهر إحصاءات الحالات في إسبانيا أن الأشخاص في العشرينات والثلاثينات من العمر هم مصدر رئيسي للعدوى الجديدة، حيث إن الطقس الدافئ وموسم العطلات وإعادة فتح المقاهي والمطاعم جعلت مخاطر انتقال العدوى تبدو أقل إلحاحاً. وفي حين أن الشباب هم أقل عرضة بكثير لأسوأ مظاهر «كوفيد-19»، فإن الحكومات محقة في القلق بشأن قدرتهم على نشره. فقد ناشد وزير الصحة الفرنسي أوليفييه فيران مؤخراً الشباب أن يكونوا «أكثر يقظة»، محذراً من أن فرض الحواجز في جميع أنحاء فرنسا مرة أخرى. ومع إحجام الحكومات بشكل طبيعي عن إغلاق اقتصاداتها من جديد، فإن قدرة أوروبا على تجنب دوامة جديدة من الإصابات وحالات الإغلاق تعتمد كثيراً على الاختبارات، وتتبع ومراقبة سلاسل النقل. وقد شهدت هذه الإجراءات تحسناً لافتاً في فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، لدرجة أن 1% فقط من الاختبارات تكشف عن نتيجة إيجابية. لكن هناك فجوات في تطبيقات تتبع جهات الاتصال، التي كانت فاشلة وتعاني التأخير، وقلة الاستيعاب. كما تعاني مراكز الاختبار اختناقات، حيث يتجاوز الطلب كثيراً حدود العرض، ما يتسبب ببطء ظهور النتائج. هذا «الوضع الطبيعي الجديد» المتمثل في الاستجابة للفيروس بشكل يومي لن يكون سهلاً على الإطلاق، وحتى يتم العثور على لقاح، أو علاج، فإنه سيخلق حالة من عدم اليقين لبعض قطاعات الأعمال، مثل الترفيه والسياحة. وفي إسبانيا، سوف يتباطأ التدفق المتوقع للسياح من الخارج بعد أن فرضت المملكة المتحدة والنرويج إجراءات حجر صحي جديدة على العائدين من هناك. قد تكون هناك أسباب تدعو للتفاؤل الحذر، إلا أن أوروبا لم تفلت نهائياً من تهديد الموجة الثانية. وسيكون أمامها صيف طويل، وربما شتاء أصعب. * «بلومبيرج»

مشاركة :