من المحتمل أن يكون عصر الدولار القوي قد انتهى الآن، ولكن بالنسبة للمستثمرين في الولايات المتحدة، لا يجب أن يكون هذا أمرًا سيئًا. فهناك نقاط قوة جذابة الآن في سوق الأسهم يمكن أن تستفيد من ضعف الدولار وتحوله من نقمة إلى نعمة.وكان الدولار الأمريكي يتجه نحو الانخفاض خلال الأشهر العديدة الماضية، حيث بعدما ضربت أزمة فيروس كورونا اقتصاد الولايات المتحدة بشكل أقوى من العديد من الاقتصادات المتقدمة الأخرى، وبعد مواجهة الأزمة بحزم التحفيز المالية والنقدية غير المسبوقة؛ انخفض مؤشر الدولار في وول ستريت جورنال بنحو 9 ٪ منذ أواخر مارس، وانخفض بنسبة 6 ٪ منذ منتصف مايو.وهناك العديد من الأسباب التي تجعل المحللين يتوقعون المزيد من الضعف في الدولار. ومن أهمها: السياسة الجديدة التي يتبعها مجلس الاحتياطي الفيدرالي، والتي تم الكشف عنها الشهر الماضي، حيث تعهد بنك الاحتياطي الفيدرالي بالسماح للتضخم بالارتفاع فوق هدفه البالغ 2 ٪ لفترة ممتدة لتعويض الفترات الماضية من التضخم الضعيف، وعدم الاستجابة لانخفاض البطالة بزيادات استباقية في معدل الفائدة.وهذه السياسة ستؤدي -بلا شك- لمزيد من ضعف الدولار على المدى الطويل. وكما قال الخبير الاستراتيجي أوليفر برينان Oliver Brennan من مؤسسة تي إس لومبارد ماكرو، في مذكرة حديثة، فإن هذه السياسة من شأنها أن تدمر العلاقة التقليدية بين النمو الأمريكي والعملات الأجنبية، حيث لن يصدق المستثمرون بعد الآن أن الاقتصاد الأمريكي يتحسن، أو يقدموا على الرهان على الدولار تحسباً لتشديدات الاحتياطي الفيدرالي.ولكن ورغم تلك الأخبار السيئة هناك جانب إيجابي لضعف الدولار، فوفقًا للإستراتيجيين في جولدمان ساكس Goldman Sachs، يتحسن أداء الأسهم عادة في فترات ضعف الدولار.ووفقًا لحسابات جولدمان ساكس فمنذ عام 1980، ارتفع مؤشر إس آند بي 500/ S&P 500 في المتوسط بنسبة 2.6 ٪ خلال الأشهر التي انخفض فيها الدولار الأمريكي تجاريًا بنسبة 1.25 ٪ على الأقل، مقارنة بمكاسب قدرها 0.7 ٪ فقط في الأشهر التي ارتفع فيها الدولار بنفس القدر.ويفيد الدولار الضعيف في الغالب الشركات ذات الاستثمارات الدولية؛ لأنه يرفع قيمة مبيعاتهم بالدولار. ويمكن للشركات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، والتي تتنافس في الخارج مع منافسين عالميين اكتساب ميزة تنافسية بعد ضعف الدولار، لأن التكلفة النسبية الخاصة بهم باتت أقل. ويقول جولدمان ساكس إنه خلال أشهر الضعف الحاد للدولار الأمريكي، تفوقت القطاعات ذات التعرض العالمي المرتفع مثل التكنولوجيا والطاقة، حيث ارتفعت في المتوسط بنسبة 3.3 ٪ و2.6 ٪ على التوالي. أما القطاعات الأكثر تركيزًا على المستوى الأمريكي المحلي وإنفاق المستهلك كان أداءها أقل جودة، حيث ارتفعت بنسبة 0.8 ٪ في المتوسط.ويمكن أن تختلف الأسهم الفردية على نطاق واسع داخل القطاعات. ومنذ عام 1980، خلال الأشهر التي كان فيها الدولار ضعيفًا، تفوقت سلة الأسهم المحايدة في جولدمان ذات المبيعات الدولية المرتفعة، على سلة الأسهم المحلية ذات المبيعات المحلية المرتفعة، بنسبة 1.4 نقطة مئوية.وتحقق السلع الاستهلاكية الأساسية التي تباع خارج الدولة انتعاشًا أكبر في فترات ضعف الدولار. ومن ذلك مثلًا تحقيق شركة كوكاكولا Coca-Cola ما يصل إلى 68 ٪ من الإيرادات خارج أمريكا الشمالية في السنة المالية الأخيرة، متفوقة على شركة بيبسي PepsiCo التي حققت 39 ٪ في مجال الحلويات والوجبات الخفيفة، وحققت شركة مونديليز Mondelez لصناعة حلوى الأوريو 73 ٪ من الإيرادات خارج أمريكا الشمالية، مقارنة بـ 11 ٪ لمنافستها الأكثر محلية هيرشاي Hershey. أما أكبر الشركات الأمريكية التي حققت مبيعات عالمية فكانت كولجيت بالموليف Colgate Palmolive، التي حققت 78 ٪ من المبيعات خارج أمريكا الشمالية، بينما حققت كلوركس Clorox التي تركز على السوق المحلية أكثر 84 ٪ من المبيعات داخل الولايات المتحدة.ومن المثير للاهتمام، أن بعض هذه الأسهم الأكثر تعرضًا للسوق العالمي كان أداؤها ضعيفًا مؤخرًا، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أنها استفادت بشكل أقل من موجة تخزين البضائع الكبيرة في الولايات المتحدة لعام 2020. وانخفضت شركة كوكاكولا بنحو 9 ٪ حتى الآن هذا العام، بينما كان أداء شركة مونديليز على مؤشر إس أند بي 500 دون تغير كبير، حيث حققت مكسبًا حوالي 4 ٪، وارتفع سعر سهم كولجيت بالموليف بنحو 11 ٪، لكن هذا أقل بكثير من زيادة كلوروكس التي بلغت 40 ٪.ختامًا، لا يحتاج المستثمرون الآن للاندفاع وضخ أموالهم في التداولات التي تلقى تزاحمًا كبيرًا مثل الذهب أو صناديق التحوط الدولارية الغريبة مثل صناديق البيتكوين، حيث تكثر الفرص الذهبية التي يمكن للشركات بالولايات المتحدة اقتناصها، والاستفادة معها بشكل كبير من ضعف الدولار.«تكثر الآن الفرص الذهبية التي يمكن للشركات اقتناصها، والاستفادة معها بشكل أكبر من ضعف الدولار»«خلال أشهر الضعف الحاد للدولار الأمريكي، عادة ما تتفوق القطاعات ذات التعرض العالمي المرتفع مثل التكنولوجيا والطاقة» خبراء جولدمان ساكس
مشاركة :