بداية نقول أهلاً بالظريف حقاً السيد محمد جواد ظريف وزير خارجية الجمهورية الإسلامية، فأنت على الرحب هنا في دولة الكويت الصغيرة الجميلة. ونبارك لكم الاتفاق النووي الذي كان بحق إنجازاً غير مسبوق للديبلوماسية الإيرانية. فصدى وارتدادات هذا التوقيع هو بحد ذاته انفجار نووي في وجه الإسرائيليين وسياسات الهيمنة الأجنبية. لكن، وكالعادة والمُحزن، هل سنكون آخر من يتحرك للتعاون كما كنا آخر من يعلم حول الاتفاق وتفاصيله؟ هذا الاتفاق يمكن اعتباره مرحلة تاريخية مفصلية للباحثين والعلماء والمؤرخين، وأظن أن ملامح هذه المرحلة الجديدة بدت تظهر سريعاً وصرنا نتلمس هذه التغييرات بشكل لحظي وعلى مدى الساعات التي تلت التوقيع مباشرة. فلم يمر عليه أكثر من عشرة أيام حتى وجدنا الأحداث تتغير وتسير بوتيرة سريعة جداً لدرجة لم نعد قادرين للحاق بها ومتابعتها. أول هذه الاحداث مشاهدة الأوروبيين وهم يتهافتون على أرض مطار طهران، مسؤولاً تلو الآخر. فبعد وزير الاقتصاد الألماني، رئيس ديبلوماسية فرنسا وزير خارجيتها فابيوس، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، وهكذا إلى بقية الدول الغربية. وفي الوقت نفسه لم يضع الإيرانيون الكثير من الوقت، فقد زار جواد ظريف الكويت وقطر والعراق هذا الاسبوع وشرح لهم تفاصيل المفاوضات، كخطوة عملية لرفع سقف التعاون الديبلوماسي إقليمياً (قد نكون بحاجة لمقالة تشرح سبب اختياره هذه الدول الثلاث تحديداً). فجدول ظريف حافل باللقاءات والاتفاقات وللمزيد من كسر الأطواق المفروضة عليهم ومد جسور التعاون مع العالم المحيط. هذا الانفتاح السريع بدأ ينعكس بشكل واضح على أزمات المنطقة. فسورية مثلا بدت تشهد تحولاً كبيراً من خلال استعادة الأراضي في الزبداني والحسكة. وقد تكون أكثر نتيجة إيجابية لهذا التوقيع تدخل الأتراك (بعد مكالمة ربع ساعة مع أونكل أوباما) لضرب «داعش»، وهو التدخل الذي إن لم يكن مفيداً لكنه في الحد الأدنى مهم ومؤثر من حيث وقف تهريبهم للعمق السوري. إلى جانب ذلك، سنح توقيع الاتفاق لحرية أكبر لـ«حزب الله» في الحدود مع سورية، وإلى جانب ذلك طبعاً النشاط الإيراني الواضح في العراق وتمكين الجيش العراقي من ضرب معاقل «داعش». إذاً الوضع اليوم مختلف تماماً عما كان عليه قبل الاتفاق النووي. لذا ينبغي أن نتساءل عن دور الخليج في هذا الإيقاع السريع لتمدد القوة الإيرانية على حساب التكفيريين والإرهاب الدولي؟، فهل سنظل منغلقين ومنكفئين على أنفسنا في معزل عما يدور في الساحة؟، وهل من مصلحتنا التعامل بارتياب شديد مع الإيرانيين؟، وهل الأفضل أن نبادر للتعامل بعنوان التعاون مع طهران ضد الإرهاب الذي يهدد الجميع وإيجاد حالة الاستقرار في المنطقة، أم سنظل نربط مصيرنا بالسياسة الأميركية؟ hasabba@
مشاركة :