عدن - حذّر المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث من عواقب “التحولات والأحداث العسكرية” الجارية في محافظة مأرب شرقي اليمن، قائلا إنّ لها “آثارا مضاعفة على آليات الصراع في جميع أنحاء البلاد”. وجاء ذلك خلال مداخلة له أمام مجلس الأمن الدولي أبلغه فيها بإرساله الأسبوع الماضي مسودة مفصّلة بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار، إلى الطرفين المتحاربين؛ السلطة المعترف بها دوليا والحوثيين. واستأنف المبعوث الأممي مؤخّرا جهوده الهادفة لإنهاء الصراع اليمني سلميا، وذلك بالتوازي مع اشتعال المعارك العسكرية بين الحوثيين والقوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية، وخصوصا على جبهة مأرب، المحافظة الغنية بالنفط والتي تعتبر البوابة الشرقية للعاصمة صنعاء، ما يفسّر إصرار الحوثيين على احتلالها. وربطت عدّة مصادر تلك الجهود بمحاولة غريفيث وقف الحرب في مأرب والتي يمكن أن يكون لنتائجها تأثير عميق في توازنات الصراع في اليمن. وقارن دبلوماسي يمني سابق بين التحركات الحالية للمبعوث الأممي وتحرّكاته سنة 2018 لوقف معركة الحديدة المدينة الاستراتيجية الواقعة على الساحل الغربي لليمن، والتي كانت على وشك أن تحسم للقوات اليمنية والتحالف العربي، عندما نجح غريفيث في انتزاع موافقة الطرفين المتصارعين على توقيع اتفاق ستوكهولم الخاص بوقف إطلاق النار في المحافظة وبدء عملية لتبادل الأسرى لم يتمّ إنجازها إلى حدّ الآن. وأضاف الدبلوماسي طالبا عدم الكشف عن اسمه أن غريفيث بات معروفا بتحرّكه عند المفاصل والمنعطفات الحاسمة في الحرب اليمنية و”كأنّه مكلّف بحفظ توازنات معيّنة في الصراع لا يراد لها أن تختل لمصلحة هذا الطرف أو ذاك”. وفي ما عدا ذلك، يضيف الدبلوماسي ذاته، “يبدو غريفيث سليل المدرسة الدبلوماسية البريطانية هادئا ومرتاحا ومركّزا على مسائل ثانوية في الشأن اليمني”. ويجتمع وفدان يمثلان طرفي الحرب في اليمن في سويسرا هذا الأسبوع لبحث اتفاق، تدعمه الأمم المتحدة لتبادل الأسرى، قال غريفيث، الثلاثاء، إنه يأمل في أن يسفر عن إطلاق سراح بعضهم. وأبلغ غريفيث مجلس الأمن الدولي بأنه أرسل مسودة مفصلة لاتفاق وقف إطلاق النار إلى الطرفين المتحاربين في اليمن الأسبوع الماضي وأنه “حان الوقت الآن لكي تختتم الأطراف المفاوضات بسرعة”. كما قال إنه لا ينبغي التقليل من الأهمية السياسية لمأرب وهي آخر معقل حكومي يشهد قتالا منذ عام، مضيفا “التحولات والعواقب والأحداث العسكرية في مأرب لها آثار مضاعفة على آليات الصراع في جميع أنحاء اليمن”. وأبلغ غريفيث مجلس الأمن الدولي بأنه سيتم استئناف “الترتيبات اللوجستية التي تسمح” بإجراء المحادثات في سويسرا هذا الأسبوع بين الوفدين. وقال مصدر في الأمم المتحدة إنه من المقرر أن تبدأ المحادثات يوم الخميس. تدخل غريفيث في المنعطفات الكبرى من الصراع يوحي بأنّ هدفه حفظ التوازنات على قاعدة لا غالب ولا مغلوب وذكّر غريفيث المجلس بـ”تعهد الطرفين في ستوكهولم عام 2018 بالإفراج عن السجناء والمعتقلين المرتبطين بالنزاع، وأنّهما واصلا مناقشاتهما للوفاء بهذا الالتزام في عمّان في وقت سابق من هذا العام”، مضيفا “ما أتمناه هو أن يسفر هذا الاجتماع فعلا عن الإفراج عن بعض السجناء”. ومن جهته أبلغ محمد عبدالسلام كبير المفاوضين عن حركة الحوثي وكالة رويترز بأن اللجنة المنبثقة من حركته ستغادر صنعاء على متن طائرة تابعة للأمم المتحدة. وتحاول العديد من الأطراف المتدخّلة في الملف اليمني التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب الدائرة منذ سنوات وتخفيف أزمة إنسانية في أفقر بلدان شبه الجزيرة العربية. وقال غريفيث “رغم سوء الوضع، ما زالت الخيارات متاحة أمام أطراف النزاع، بمقدورهم اختيار الاستمرار في تصعيد العنف وزيادة معاناة الشعب، أو تقديم التنازلات الضرورية لإحياء العملية السياسية والسماح بالتوصل إلى تسوية”. وأردف قائلا “في وقت سابق من هذا الشهر، قلت إنّ اليمن على مفترق طرق وإنه ما لم يتم إسكات البنادق واستئناف العملية السياسية فسوف ينزلق البلد بعيدا عن السلام.. وللأسف يبدو أن هذا ما يحدث الآن”. وأضاف “مناشدتي للأطراف بسيطة للغاية مفادها: اختاروا السلام وأنهوا الصراع، واعملوا معنا بشكل عاجل من أجل التسوية”. كما أبلغ المبعوث الأممي أعضاء المجلس بأن مكتبه “منخرط في نقاشات مع رموز المجتمع المدني اليمني في ما يتعلق بمفاوضات الإعلان المشترك، كما يناقش خططا لضم المجتمع بشكل حقيقي في العملية السياسية المستقبلية”. وكان غريفيث قد اختتم مساء الأحد جولة مباحثات مع مسؤولين يمنيين وسعوديين، في ثاني زيارة للرياض خلال شهر. ووفق تغريدة نشرها حساب غريفيث على موقع تويتر فقد كانت الاجتماعات مع هؤلاء المسؤولين بناءة. وحسب المصدر ذاته فقد التقى غريفيث في السعودية بنائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، والسفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، وزير الخارجية اليمني محمد الحضرمي، ورئيس مجلس النواب سلطان البركاني. كما أوضح المكتب في تغريداته أنّ المباحثات تطرقت إلى مناقشة التعديلات الأخيرة على مسودة الإعلان المشترك، والعواقب الإنسانية الوخيمة المترتبة على التصعيد العسكري في مأرب خاصة وأن المحافظة تمثل ملاذا آمنا لمئات الآلاف من النازحين اليمنيين.
مشاركة :