بدّدت جائحة كورونا آمال الحكومة المصرية في تعزيز الاستفادة من قطاع العقارات لتحريك الاقتصاد المنهك جراء الوباء. وضربت الأزمة الصحية نسق الأرباح بسبب تباطؤ المبيعات وإلغاء المعارض التي كانت مبرمجة جراء الإغلاق رغم حرص السلطات على تسريع استئناف العمل في القطاع وتمويله. القاهرة - سجلت أكبر الشركات العقارية في مصر تراجعا في الأرباح نتيجة تقلص المبيعات رغم محاولة السلطات إعادة العمل بالطاقة القصوى في مشروعات التشييد والبناء لتحريك الاقتصاد غير أن تواصل الوباء أضعف السوق. وأظهرت نتائج أكبر خمس شركات عقارية ببورصة مصر تراجع أرباحها المجمعة في الربع الثاني من السنة بنحو 31 في المئة في ظل تباطؤ المبيعات وسط تداعيات جائحة فايروس كورونا، لكنّ المحللين يتوقعون تعافي القطاع أواخر العام وفي العام المقبل. وبحسب بيانات الشركات، فقد بلغ إجمالي أرباح مجموعة طلعت مصطفى القابضة وبالم هيلز للتعمير وسوديك وإعمار مصر للتنمية ومدينة نصر للإسكان والتعمير 1.018 مليار جنيه (64.76 مليون دولار) في الربع الثاني، مقارنة مع 1.470 مليار قبل عام. طارق شكري: المبيعات تراجعت بسبب كورونا ومخاوف الشراء طارق شكري: المبيعات تراجعت بسبب كورونا ومخاوف الشراء وكانت السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار “سوديك”، ثالث أكبر شركة عقارية ببورصة مصر، الأشد تضررا من تداعيات فايروس كورونا المستجد وتباطؤ المبيعات، حيث هوت أرباحها نحو 77 في المئة إلى 40 مليون جنيه، بعدما هبطت نحو 83 في المئة في الربع الأول. وقالت نعمت شكري، رئيسة البحوث في بنك الاستثمار إتش.سي ومحللة القطاع العقاري، “فايروس كورونا أدى إلى تباطؤ المبيعات الأولية للمطورين وتأخر التسليمات مما أثر على المطورين العقاريين بصورة أكبر لأن تعافي القطاع كان مربوطا بتعافي الاقتصاد”. وكانت الحكومة المصرية تعول على قطاع العقارات لوقف نزيف خسائر اقتصادها جراء تفشي فايروس كورونا، حيث أعلنت في مايو الماضي عن عودة العمل في التشييد والبناء والمشروعات القومية الكبرى بطاقة كبيرة. وانتعش اقتصاد مصر في الأعوام الثلاثة الماضية بفضل تحسن ملحوظ في السياحة وزيادة تحويلات المصريين العاملين في الخارج وبدء إنتاج حقول الغاز الطبيعي المكتشفة حديثا. ولكن مع بدء تفشي فايروس كورونا، توقفت السياحة وهوت أسعار الغاز وواجهت التحويلات خطر تراجع إيرادات النفط في دول الخليج العربي التي يعمل بها الكثير من المصريين. وقال كريم فريد، المحلل المالي من برايم لتداول الأوراق المالية، “مما لا شك فيه أن كورونا تسبب في خمول سوق العقارات حيث أُلغيت معارض العقارات وتم تعطيل خطط إطلاق مراحل جديدة من أجل تطبيق التباعد الاجتماعي”. وأضاف “عامل رئيسي في انخفاض المبيعات على أساس سنوي هو أن الفترة المقارنة كانت تشمل موجة مبيعات العاصمة الإدارية الجديدة.” ولا تعمل الشركات الخمس في العاصمة الإدارية الجديدة باستثناء طلعت مصطفى التي نزلت أرباحها 36 في المئة في الربع الثاني إلى 303.6 مليون جنيه، بينما زادت إيراداتها من النشاط العقاري 8.2 في المئة. وكانت الشركة الوحيدة التي حققت نموا في أرباح الربع الثاني هي إعمار مصر، بزيادة نحو 13 في المئة إلى 365.7 مليون جنيه. وقال فريد “تداعيات كورونا تسببت في انخفاض معدل تسليم الوحدات مما تسبب في انخفاض ربحية الشركات إلى جانب ارتفاع معدل إلغاء التعاقدات والتأخر في دفع الأقساط”. وبلغت نسبة إلغاء التعاقدات في سوديك 13 في المئة بقيمة 130 مليون جنيه من المبيعات المتعاقد عليها. ونسبت رويترز لطارق شكري رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، قوله “مبيعات العقارات في مصر تراجعت بين 30 و40 في المئة في النصف الأول من العام بسبب تداعيات فايروس كورونا ومخاوف الزبائن من الشراء. أتوقع زيادة المبيعات من جديد في النصف الثاني من 2020”. وبلغت إيرادات الشركات العقارية الخمس التي جمعت رويترز نتائجها 4.795 مليار جنيه في الربع الثاني، أي بتراجع 18.5 في المئة على أساس سنوي. وشملت التداعيات أسعار أسهم الشركات التي تراجعت بنهاية الربع الثاني بين 10 و30 في المئة بعد خسائر وصلت في وقت سابق إلى ما بين 18 و48 في المئة. 31 في المئة نسبة تراجع أرباح أكبر خمس شركات عقارية خلال الربع الثاني من العام الجاري ووفقا لإبراهيم النمر من نعيم للوساطة في الأوراق المالية، فقد كان سهم مدينة نصر للإسكان الأسوأ أداء وسهم إعمار مصر الأقل تراجعا في الربع الثاني. وتوقع فريد أن “تبدأ مبيعات العقارات في النشاط خلال الربع الرابع من 2020 بالتزامن مع انعقاد معرض سيتي سكيب في نوفمبر 2020 حيث يقوم المطورون بالإعلان عن مشاريع أو مراحل جديدة”، لكنه ربط ذلك بعدم حدوث موجة ثانية من جائحة كورونا. وقالت نعمت شكري من إتش.سي ”تحسنت المبيعات الأولية للمطورين العقاريين خلال نهاية يونيو وبداية يوليو لكن نتوقع أن يستغرق تعافي القطاع بعض الوقت. التعافي سيكون أكبر في 2021 عن 2020، ولذا نرى أن بعض المطورين العقاريين خفضوا المبيعات المستهدفة للعام 2020 والبعض أحجم عن تقديم أي مستهدفات للعام 2020″. وكان البنك المركزي المصري قد أعلن عن إدراج استثمارات العقارات ضمن قائمة القطاعات ذات الأولوية للاستفادة من حزمة الإنقاذ التي رصدتها الحكومة لإنقاذ الاقتصاد والبالغ قيمتها 6.4 مليار دولار. وراهنت القاهرة على قطاع العقارات كقاطرة لدفع عجلة الاقتصاد منذ تفشي وباء كورونا في البلاد، وأعلنت عن عودة القطاع للعمل بعد مرور ثلاثة أسابيع فقط من إعلان حظر التجول الجزئي في منتصف مارس الماضي، إلا أنها لم تدرجه ضمن خطة الإنقاذ المالي اعتمادا على سيولته النقدية الكبيرة.
مشاركة :