تسعى التيارات المعادية والتنظيمات الإرهابية بمختلف ألوانها لضرب الوحدة الوطنية للدول والشعوب، وكسر العلاقة الحميدة بين الحاكم والمحكوم، وتأليب المحكومين بعضهم على بعض، وكسر أي شعور بالرخاء والطمأنينة والتفاؤل والترابط في المجتمع الواحد، وإحداث حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، وبث مشاعر الكراهية والإحباط وغير ذلك؛ لتمرير مشاريعها الهدامة، وأجنداتها المفسدة، وقد بدا ذلك جليًّا في العمليات الإرهابية التي نفذتها داعش في دول مجاورة، والتي قَصَدت منها زعزعة استقرار هذه الدول، وإغراقها في الصراعات الطائفية، وتهييج النفوس فيها على بعضها، ولذلك فإن من أهم الوسائل التي تقطع الطريق أمام هؤلاء: تحقيق الاصطفاف الوطني، والتحلي بروح المواطنة الإيجابية العالية، فذلك مطلب شرعي وواقعي وحضاري لا غنى عنه لدولة أو شعب. ومن صور تحقيق الوحدة الوطنية والمحافظة عليها: أولاً: الوقوف مع قيادتنا الرشيدة، والالتفاف حولها، ومؤازرتها بالقول والفعل، وإحسان الظن فيها، والدعاء لها بكل خير وصلاح، وخصوصا في أوقات الملمَّات والشدائد التي تظهر فيها معادن الرجال، وكوامن الصفات. ثانياً: ترسيخ مبدأ التعايش السلمي بين مختلف فئات المجتمع، وبيان أن الإسلام جاء لحفظ الأنفس والأعراض والأموال، وصيانتها من أيِّ اعتداء، وأن الخلاف لا ينبغي أن يتجاوز الخطوط الحمراء ليهدد سلامة الأفراد والمجتمع والدولة. ثالثا: إعلاء قيمة الدفاع عن الوطن، والتفاني من أجله، والوقوف مع مؤسساته العسكرية والأمنية وجيوشه وجنوده البواسل فيما يوكل إليهم من عمليات لتحقيق الخير والسلام. رابعا: ضخ ثقافة الوحدة والتلاحم في المجتمع، وترسيخ الوعي بأهمية المحافظة على المصالح العليا للوطن، ومعالجة الخلافات وتضييقها، وذلك عبر الأصوات والأقلام الوسطية المستنيرة في مختلف المنابر المتاحة، من قبل العلماء وطلبة العلم والمثقفين والمفكرين والأدباء وغيرهم، فبناء الوعي الذاتي الرشيد وتحصين العقول بالثقافة الإيجابية من أهم لبنات الوحدة الوطنية المتينة. خامسا: ترسيخ التنسيق والشراكات المتنوعة بين مختلف المؤسسات والأجهزة، سواء الدينية أو التعليمية أو الإعلامية أو الثقافية أو غيرها، للانطلاق باستراتيجيات مستنيرة متكاملة تخدم الوحدة الوطنية في مختلف الميادين، وتتَّسم بتناسق في الرؤى، وقوة في الطرح، وفاعلية في الأداء، وتنوع في الأنشطة، وتستفيد من خبرات المختصين. سادسا: استغلال الفضاء الإلكتروني وبالخصوص مواقع التواصل الاجتماعي وعلى رأسها تويتر في إيصال صورة وحدتنا الناصعة المشرقة إلى العالم أجمع، لخلق انطباع راسخ لدى كل مطَّلع عن صلابة جبهتنا الداخلية وعمق ترابطنا وتلاحمنا، حيث لم تعد هذه المواقع مجرد وسائل تواصل بين أفراد وآخرين، بل أصبحت أدوات لقياس ثقافات الشعوب، وردود أفعالها، وقراءة الواقع المحيط بها، وطريقة تعاملها معه، وما يستتبع ذلك من عمل هنا وهناك للاستفادة من واقع أو آخر، فلا ينبغي أن ننجر في هذه المواقع إلى خلق تصورات سلبية عنًّا عبر التراشق وبث الخلافات وتصعيدها، فيستغل ذلك المتربصون للإضرار بوحدتنا وتماسكنا. سابعا: تصحيح المفاهيم والتصورات في مختلف القضايا بما يخدم وحدتنا الوطنية، ومن ذلك بيان طرق ووسائل إسداء النصيحة ومعالجة الأخطاء إن وُجدت، وبالخصوص فيما يتعلق بوزاراتنا ومؤسساتنا، وأن ذلك ينبغي أن يكون بعرض النصيحة المنضبطة على الجهة المقصودة بالطرق المتاحة، بعيدا عن التهييج والتشهير والإثارة والرسائل المكشوفة في مواقع التواصل وغيرها. ثامنا: رفض الأفكار الطائفية والحزبية والإرهابية التي تمزق المجتمع، وتنخر في وحدته وتماسكه، وتهدد أمنه وسلامته، تحت أيِّ مسمى سواء كان دينياً أو غير دينيٍّ، فكلُّ تكتُّلٍ بعيدٍ عن مظلة وليِّ الأمر لا يخدم الوحدة الوطنية في شيء. تاسعا: التصدي للأصوات النشاز والإشاعات المغرضة والأقاويل المرجفة التي تستهدف وحدتنا الوطنية وثوابتنا الأصيلة وتسعى لبث الكراهية والفرقة. عاشرا: التمسك بعقيدتنا وثوابتنا ومبادئنا التي تدعو إلى وحدة الصف واجتماع الكلمة، وترسِّخ الوسطية والاعتدال والسماحة، ليصبح مبدأ المحافظة على الوطن ووحدته عقيدة راسخة متجذِّرة في النفوس، وتصبح المعاملة بالحسنى طريقة حياة مستديمة. فقد دعانا ديننا الحنيف إلى الاعتصام بحبله المتين، وعدم التفرُّق في الدين، واحتواء الخلافات والمشكلات إن وُجدت، ومعالجتها بالكلمة الطيبة والفعل الحسن، الذي يوافق الشرع الحنيف، والعقل الصحيح، ويجلب المصلحة، ويدفع المفسدة، ويحقق الغايات الكبرى، ويراعي المقاصد العليا، وينشر الخير والرخاء والسلام والاستقرار للجميع، كما دعا الإسلام إلى الإحسان والبرِّ بالمسالمين من مختلف الأديان والملل، ونهى عن إلحاق الأذية بأيِّ أحد ٍكائنٍ من كان بغير وجه حقٍّ، بل رسَّخ الإسلام هذا المبدأ العظيم في نفوس المؤمنين تجاه سائر المخلوقات، لتصبح الرحمة والإحسان مبدأً عامًّا حياتيًّا شاملا، فأخبرنا نبينا عليه السلام أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها، فلم تُطعمها، ولم تدعها تأكل من خَشاش الأرض، واستنبط العلماء من ذلك تحريم قتل الحيوان غير المؤذي لغير مأكلة، كما أخبرنا ديننا أن امرأة بغيًّا دخلت الجنة في كلب سقته كاد يقتله العطش، فإذا كان ذاك الوعيد الشديد وهذا الوعد الأكيد في مثل هذه الصور التي تتناول التعامل مع الحيوان، فكيف بالأنفس البشرية والأرواح الإنسانية؟!! سبحانك اللهم ما أعظم دينك الحنيف.
مشاركة :