نور المحمود من يتحدث اليوم عن الهواتف الذكية ومخاطرها على الإنسان، يبدو متخلفاً عن زمنه ولا يجاري عصره. فالإلكترونيات صارت الجزء الأهم والذي لا يمكن فصله عن حياتنا، وما هي إلا خطوات حتى يصبح الإنسان هو الآلة التي تحركها التقنيات وعالم التكنولوجيا.لم يعد يجدي نفعاً بح الصوت والدخول في جدل عقيم مع الأطفال والشباب حول تعلقهم بهذا العالم المبرمج، الذي قضى على كل معاني «الصدفة» و«البراءة» و«الخصوصية». كل شيء محسوب، كل فعل له رد فعل مدروس ومتوقع بل منتظر، وبناء عليه تتوالى المواقف وتتسع دائرة العرض والطلب. لذا، يكون المتوقع من الأهل تغيير «تكتيك» التربية والتعامل مع أبنائهم وتوجيه البوصلة ناحية عالم الالكترونيات، لمتابعة قيادة السفينة بأمان.مثلما تربت الأجيال السابقة على قواعد الصح والخطأ وحدود التعامل مع الآخرين لاسيما الغرباء، والحذر من أي تحرش ولو بالشبهة والتلميح أو الإحساس، والتحدث مع الأهل بصراحة عما يحدث، وفهم العيب بكل مضامينه وخلفياته وأبعاده.. ضروري جداً أن تنتقل تلك التربية بكل ما فيها إلى المرحلة الافتراضية، ويطبقها الأهل على أطفال ومراهقي هذا الجيل، مع الأخذ بالاعتبار أن كل القيم الدينية والاجتماعية والأخلاقية تنتقل معنا سواء كنّا في تواصل مباشر مع العالم المحيط بنا، أو تواصل افتراضي إلكتروني بكل الأبواب التي يفتحها علينا لنلف الكرة الأرضية ونتواصل مع كل الأغراب في غرف مغلقة وتطبيقات لا ندري من أين تأتينا.تكتيك التربية الحديثة يفرض عليك الجلوس مع أبنائك وقتاً أطول، والاطلاع على كل التطبيقات الموجودة على هواتفهم أو الأجهزة الإلكترونية الأخرى؛ فالدعوات لتبادل الأحاديث مع الأغراب أصبحت كثيرة جداً ومخيفة، لأن فيها دعوات إباحية صريحة تجر الأطفال الى مستنقعات وجرائم بحق براءتهم.«أوميجل» و«بيجو لايف» من تلك التطبيقات التي تدعو الإنسان إلى خلق علاقات جديدة والتعرف على أصدقاء، والتواصل يكون بالصوت والصورة، عبارة عن نوافذ مفتوحة تتيح رؤية الإنسان مباشرة، والهدف «التسلية» بحجة الدردشة ومعرفة «ماذا تفعل الآن». وتتطور الأمور ليجد الطفل نفسه مع مجموعة غرباء، يقودونه تحت مسمى التسلية الى فعل أشياء فاضحة. وللأسف، يتم تداول مقاطع الفيديو تلك باعتبارها «نكتة» تدعو للضحك، مثل طفل يدعي أنه فتاة فيتواصل مع فتيات ويصورهن في أوضاع مخلة..القانون وحده لا يكفي، لأننا في زمن التغيير والتطوير السريع، والعالم مفتوح على بعضه زيادة عن اللزوم ولا مجال لمنع «الهاكرز» ومبتكري التطبيقات والدردشات من الوصول الى أي كان وأينما كان، لذا الحل الأمثل بتحديث التربية والحوار الصريح مع الأبناء فيصير الأهل بمرتبة الأصدقاء. noorlmahmoud17@gmail.com
مشاركة :