منذ أعلنت الحكومة المصرية إعادة فتح المزارات الأثرية أمام حركة السياحة قبل نحو شهرين، تكثف وزارة الآثار نشاطها لجذب السائحين إلى «هبة النيل»، وفي موازاة ما تنفذه من أنشطة ترويجية في سبيل هذا الغرض تعلن الوزارة اكتشافات أثرية مهمة تعزز فرص تنشيط السياحة، وكان آخرها اكتشاف بئر عتيقة في داخلها 13 تابوتاً فرعونياً موصدة منذ 2500 سنة. شهدت مصر خلال الفترة الأخيرة العديد من الاكتشافات الأثرية التي سلطت هالة ضوء على تاريخ وحضارة مصر القديمة، التي بدورها تعد المفتاح الرئيس لبوابة عبور عاشقي الآثار إلى تاريخ الحضارة الفرعونية المدهشة. وقبل أيام، أعلنت وزارة السياحة والآثار اكتشاف بئر عميقة من خلال حفائر البعثة الأثرية المصرية العاملة في منطقة آثار سقارة بمحافظة الجيزة، وفي داخل هذه البئر جرى العثور على 13 تابوتاً آدمياً مغلقاً منذ أكثر من 2500 سنة، وجميعها مصنوع من الخشب وملونة ومتراصة فوق بعضها بعضاً. وتحظى منطقة سقارة بمكانة مميزة لدى عشاق الآثار والحضارة المصرية القديمة، لأنها غنية بهذه الآثار بخلاف أنها تقع على مقربة من أهرامات الجيزة، آخر عجائب الدنيا السبع التي لا تزال باقية على وجه الأرض. وعلى وجه الخصوص، فإن جبّانة سقارة تعتبر من أهم المناطق الأثرية في مصر، وتوجد فيها مقابر تغطي جدرانها نقوشٌ في غاية الروعة والجمال، كما توجد فيها أهرامات ومعابد ومدافن السيرابيوم، وقد اشتق اسم "سقارة" من إله الجبّانة "سوكر". وفور إعلان البعثة عن الاكتشاف الأثري الجديد قام وزير السياحة والآثار خالد العناني وزير، بتفقد الموقع الذي تجري فيه حفائر البعثة الأثرية المصرية برفقة الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصرية مصطفى وزيري. ويبلغ عمق البئر التي جرى اكتشافها نحو 11 متراً، وحرص الوزير المصري على النزول إلى قاعها لتفقد الكشف تمهيداً للإعلان عن تفاصيله قريباً من خلال مؤتمر صحافي سيُعقد في منطقة آثار سقارة. وتشير الدراسات المبدئية إلى أن هذه التوابيت مغلقة تماماً ولم تُفتح منذ تم دفنها داخل البئر وأنها ليست الوحيدة، فمن المرجح أن يتم العثور على المزيد منها داخل النيشات الموجودة بجوانب البئر والتي جرى فتح إحداها وعُثِر في داخلها على عدد من اللقى الأثرية والتوابيت الخشبية، وحتى الآن لم يتم تحديد هوية ومناصب أصحاب هذه التوابيت أو عددها الإجمالي، لكن ستتم الإجابة عن هذه الأسئلة خلال الأيام القليلة المقبلة من خلال استمرار أعمال الحفائر. وتقوم وزارة السياحة والآثار بحملة ترويجية على وسائل التواصل الإجتماعي خلال الفترة القادمة للترويج لهذا الكشف الأثري، ومن المقرر أن يتم نشر أولى الأفلام الترويجية الخاصة به بعد قليل. يُشار إلى أن الوزارة كانت قد أعلنت عن أكثر من اكتشاف أثري خلال السنوات الماضية في منطقة آثار سقارة، لكن هذا الكشف يضم أكبر عدد من التوابيت الفرعونية الموجودة في دفنةٍ واحدة منذ اكتشاف "خبيئة العساسيف". جبانة سقارة وتعد جبانة سقارة الوحيدة في مصر التي تضم مقابر منذ بداية التاريخ المصري حتى نهايته، كما تضم أيضاً العديد من الآثار التي ترجع إلى العصرين اليوناني والروماني، وتم تصنيف سقارة كموقع تراث عالمي من منظمة اليونسكو في عام 1979. وجرى تقسيم الآثار الموجودة في المنطقة إلى ستة قطاعات على النحو التالي:القطاع الشمالي: يضم مجموعة من المقابر أهمها مقبرة "كاعبر" (شيخ البلد) ومقبرة "حسي رع"، والسراديب المنقورة في باطن الأرض التي كانت مخصصة لدفن طائر أبو منجل بعد تحنيطه، وأيضاً مصاطب بعض ملوك الأسرتين الأولى والثانية. القطاع الأوسط: يعتبر أهم قطاع في الجبانة، حيث توجد المجموعة الجنائزية للملك "زوسر" التي توجد داخل السور الكبير الذي يتوسطه الهرم المدرج وهو أول هرم شُيد من الحجر قام ببنائه المهندس المعماري "إيمحتب" وكذلك هرم الملك "أوسركاف" أول ملوك السرة الخامسة. قطاع هرم تتي: يضم هرم "تتي" أول ملوك الأسرة السادسة وهرمي زوجتيه، ومجموعة من المقابر مثل مقبرة "مري روكا". القطاع الغربي: يضم السيربيوم، وهو مخصص لدفن العجل المقدس في عهد الأسرة السادسة والعشرين، واستمر استخدامه حتى العصر البطلمي. قطاع هرم ونيس: يضم هرم "ونيس" ومجموعته الهرمية، وترجع أهميته إلى وجود كتابات باللغة الهيروغليفية على جدرانه تتضمن تعاويذ دينية للمتوفى عُرفت باسم "متون الأهرام". القطاع الجنوبي: يضم أهرامات ملوك الأسرتين الخامسة والسادسة، وأهرامات لبعض الملكات، بالإضافة إلى مقبرة "شبسسكاف" التي تعرف بـ"مصطبة فرعون".
مشاركة :