جاء بيان وزارة الداخلية البحرينية ليؤكد ثلاث نقاط في غاية الأهمية، وفقاً لما تقوم به مملكة البحرين من إجراءات تطلبها أمنها القومي تجاه التحديات التي تمس مصالحها العليا من دون أن يكون في تلك الإجراءات أي تخل عن ثوابتها الوطنية وانتمائها العربي الذي سطره ميثاق العمل الوطني البحريني، وباعتبار أن مملكة البحرين جزء أصيل من ماضي وحاضر ومستقبل الأمة العربية، والتي تحرص دوما على مساندة كل قضايا الحق العربي وعلى الأخص حقوق الشعب الفلسطيني، وأول هذه النقاط التي تطرق إليها البيان أن إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل تأتي في إطار حماية مصالح مملكة البحرين العليا ضد كل خطر يهدد سلامتها، وهذا أمر مشروع وتقتضيه الضرورة مادامت الدولة ترى ذلك ولا سلطان عليها غير إرادتها الوطنية ممثلة في أنها صاحبة سيادة وسلطان في الداخل والخارج، ولا جناح عليها إن رأت أن الدخول في علاقات مع الغير أيا كان هذا الغير ما دامت هذه العلاقات تصب في مصلحة أمنها وسلامة أراضيها ونابعة من إرادتها الحرة وهو ما عبر عنه البيان بالتأكيد على أن «البحرين قضيتنا المصيرية» ولنا في دول المنطقة أمثلة كثيرة.أما النقطة الثانية التي تناولها البيان وهي التأكيد على أن الدخول في علاقات دبلوماسية مع الغير لا يؤثر سلباً ولا يعتبر تراجعا عن موقف مملكة البحرين الداعم للقضية الفلسطينية ولا يتعارض مع مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية التي تبنتها الأمم المتحدة، باعتبار أن مملكة البحرين كعضو فاعل في جامعة الدول العربية تعمل جنبا إلى جنب مع الأشقاء العرب على تجسيد وحدة الأمة العربية والتكامل العربي في كل قضاياه، ومن ضمنها مناصرة الحق الفلسطيني في قضيته المشروعة في ظل قواعد الشرعية الدولية.كما أن مملكة البحرين كعضو في منظمة هيئة الأمم المتحدة لم تدخر جهدا في المساهمة في أنشطتها والمشاركة في قراراتها مع الأخذ في الاعتبار مصالحها الوطنية، وهو أمر تفرضه وتؤكده قواعد القانون الدولي التي تعمل الدول على تطبيقها.وثالثاً: إن ما جاء في البيان يؤكد ما تبناه ميثاق العمل الوطني البحريني بأن مملكة البحرين تعتبر أن السلام العالمي والإقليمي هو هدف استراتيجي ينبغي العمل على تكثيف الجهود لتحقيقه، وهو لا يأتي إلا عبر الانفتاح على الآخر، وأن تكون تسوية القضايا والمنازعات الإقليمية والدولية بالطرق السلمية، وهي مبادئ أساسية تقوم عليها المبادئ البحرينية قيادة وشعبا.وأخيراً، فإن التحديات المستمرة التي تواجه مملكة البحرين والمنطقة تحتم على الجميع وليس مملكة البحرين أن يكون لها خطوات استباقية لدرء الخطر في ظل تحالفات قوية لمواجهتها مع جميع الشركاء في ضوء المتغيرات والتحديات المتسارعة، وهذا ما شهده كل مواطن بحريني في السنوات الماضية، ومنها تحديات تجاوزتها والحمد الله، وليس معنى ذلك أن الخطر قد زال، بل مازال باقياً مادامت هناك دول تختار في سياساتها نهج الهيمنة بجميع أشكالها.إن ما يعزز سير مملكة البحرين قدماً للانفتاح تجاه الآخر النظرة الاستشرافية التي أوجدتها التحديات الاقتصادية جراء جائحة كورونا، فعلى الرغم من أن المملكة لم تدخر جهدا في مكافحتها واحتواء آثارها، فإن التحديات تظل موجودة، وخاصة في ظل وجود قوى ظلامية تريد الهيمنة على من حولها، فلا ملاذ من المحافظة على أمننا إلا من خلال إعادة النظر في شراكتنا الإقليمية والدولية في ضوء ما يحيق بنا من أخطار تهدد مصالحنا وقضايانا الوطنية، وحفظ الله مملكتنا من كل شر وسوء. { أستاذ القانون العام المشارك - جامعة البحرين
مشاركة :