أبلغ "الاقتصادية" مصدر رفيع في البنك المركزي اليمني أن ميليشيات الحوثي فرضت الإقامة الجبرية على محافظ البنك المركزي محمد عوض بن همام ومنعته من السفر، وطلبوا منه تسيير أعمال البنك في ظل حراسة مشددة على منزله. وأكد المصدر أن فرض الإقامة الجبرية على بن همام جاء بعد إصدار ما يسمى باللجنة الثورية التابعة لجماعة الحوثي قراراً بتعويم أسعار المشتقات النفطية، واستمرار سطوها على مخصصات وأموال وميزانيات جهات حكومية وقطاعات إيرادية، متجاهلة قيادة البنك المركزي. وسبق لابن همام أن هدد بالاستقالة، على خلفية قيام الحوثيين بنهب 23 مليار ريال يمني (107 ملايين دولار) من البنك، في أبريل الماضي، بدعوى دعم المجهود الحربي. ويرى مختصون مصرفيون أن إدارته أحد أهم عوامل تماسك ما تبقى من اقتصاد في اليمن واستقرار سعر الصرف للعملة اليمنية، مشيرين إلى أن الرجل شخصية إدارية مصرفية اقتصادية من الطراز الأول. وكان رئيس ما يسمى بـ "اللجنة الثورية" التابعة لجماعة الحوثي محمد علي الحوثي قد برر قرار تعويم أسعار المشتقات النفطية الذي أصدرته جماعته، نافياً أن يكون القرار لدعم "المجهود الحربي" لجماعته التي تشن حرباً في عدد من المحافظات اليمنية. وحمل الحوثي "الحكومة القادمة" مسؤولية مواجهة ارتفاع وانخفاض السوق العالمية والأسعار العالمية للنفط، مفصحاً في ذات الوقت عن اعتزام جماعة الحوثي تشكيل جماعة حكومة انقلابية لتغطية الفشل الذي ظهرت به لجنته الثورية و"فضائح الفساد" المتتالية لأعضاء في اللجنة. وفيما يبدو أنه تراجع جزئي في القرار الذي لقي انتقادات حادة من المختصين في الاقتصاد، وصف الحوثي في مؤتمر صحفي، قرار التعويم بـ "المؤقت". وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي منذ إصدار القرار مساء الإثنين الماضي، سجالات وسخرية لاذعة. وتحدث كثير من النشطاء والصحافيين عن انكشاف شعارات الجماعة التي اجتاحت العاصمة صنعاء وأسقطت الدولة وقتلت الآلاف بمبرر الثورة ضد الجرعة التي أقرها الرئيس هادي وحكومته قبل عام واحد. واتهموها بإقرار جرعة تثقل كاهل المواطنين وشرعنة لـ "السوق السوداء" التي ينشط عدد من أعضاء وقيادات الجماعة في التجارة فيها منذ بدء أزمة المشتقات النفطية. ويرى مختصون اقتصاديون أن قرار الحوثيين بتعويم سعر المشتقات النفطية يوضح جلياً أن الحكومة الشرعية بدأت تفرض وجودها على الأرض، وبدأت تقترب من السيطرة على أهم الملفات في اليمن وعلى رأسها القطاع المالي وملف المشتقات النفطية وإيرادات الدولة مثل الجمارك والضرائب، وإلزام التجار والمستوردين بتوريدها إلى البنك المركزي في عدن. ميدانيا اقتحمت المقاومة الشعبية ووحدات خاصة من الجيش الوطني المؤيد لشرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أسوار قاعدة العند الجوية من جهة الجنوب بإسناد بري وقصف جوي كثيف. وكشف المتحدث باسم المقاومة، علي الأحمدي، في بلاغ صحفي عن استهداف "نقاط المراقبة في سور قاعدة العند" بصواريخ الكاتيوشا ومضاد الدروع. وأكد الأحمدي أن "وحدات خاصة من الجيش الوطني معززة برجال المقاومة على أهبة الاستعداد لاقتحام القاعدة من جهة مصنع الأسمنت". وقاعدة العند الجوية هي إحدى القواعد الجوية العسكرية اليمنية التاريخية وتقع في العند (60 كيلومترا شمال عدن) في محافظة لحج، بناها الروس في سبعينيات القرن الماضي، وكانت أيضاً بمثابة قاعدة للاتحاد السوفياتي حينها نتيجة للعلاقة التي كانت تربط دولة جنوب اليمن بالاتحاد. وبعد الوحدة، ولا سيما مع حرب 1994 التي قادها صالح ضد الجنوب بعد أربع سنوات من الوحدة، عمل صالح على إسقاط القاعدة ومنها استمرت تحت حكمه. وجرت أشرس المعارك في حرب 1994 في قاعدة العند الجوية وكانت حينها الحرب التي سقط فيها كثير من المتحاربين، وبسقوطها سقطت لحج وعدن معاً. وتكمن الأهمية الاستراتيجية للعند، في وجود عدد من المعسكرات ومطار عسكري داخلها، وغيرها من الإمكانات العسكرية الهائلة التي جعلتها من أكبر القواعد العسكرية في الشرق الأوسط في ثمانينيات القرن الماضي، إضافة إلى وقوعها على المداخل الشمالية الغربية لمحافظتي لحج وعدن، كما يتوسط ما بينها ومحافظات الضالع وتعز وإب. وتوقع متابعون قرب استعادة المقاومة ووحدات الجيش الشرعي السيطرة على القاعدة، إذ إن عدن لن تكون آمنة إن لم تكن قاعدة العند أيضاً تحت سيطرة الشرعية. في ذات السياق شنت المقاومة الشعبية هجومين منفصلين على ميليشيات الحوثي وصالح في مديرية الرضمة في محافظة إب وسط اليمن. وأفادت مصادر محلية بأن مسلحين هاجموا، طقما تابعا لميليشيات الحوثي في منطقة "القوفعه" ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، وبعد ساعة من الهجوم الأول استهدف مسلحون في مديرية الرضمة طقمين لميليشيات الحوثي وصالح بكمين مسلح في منطقة "الأجلب" كانا في طريقهما إلى محافظة الضالع. وقد تحول الكمين إلى اشتباكات عنيفة استخدمت فيها أسلحة رشاشة ومعدلات وأسفر عن قتلى وجرحى في صفوف الميليشيات وتدمير للأطقم المستهدفة والتي لا تزال في الطريق، حسب مصادر محلية. كما قتل 15 من ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للرئيس المخلوع، في مواجهات عنيفة مع المقاومة الشعبية في محافظة تعز استمرت حتى ساعات متأخرة من أمس مساء الأول. وفي شبوة جنوب شرق اليمن، قال سكان محليون "إن ميليشيات جماعة الحوثيين فجرت أمس الأربعاء منزل أحد الزعماء القبليين المعارضين لهم، في منطقة وادي بيحان". وذكروا أن مسلحي الجماعة طوقوا منزل وليد الخلبي في منطقة حوات في قرية لحمر بالديناميت، وبعد لحظات كان المنزل يتطاير في الهواء. وبحسب السكان فإن تفجير المنزل جاء بعد ساعات من معارك عنيفة شهدتها المنطقة بين رجال المقاومة الشعبية وميليشيات الجماعة المدعومين بقوات المخلوع.
مشاركة :