صحيفة المرصد :بين استهلاك مفرط للطاقة، واستغلال للدعم الحكومي سواء بتهريب الوقود أو غيره، تلوح في الأفق بوادر ترجح كفة إعادة النظر في أسعار الطاقة بشكل عام ورفع الدعم الحكومي لها بشكل خاص، يدفع ذلك ما تؤكده تقارير متخصصة حول تزايد إنتاج المملكة من النفط وتراجع تصديرها حسب إحصاءات شهر مايو الماضي، في إشارة تعكس تزايد استهلاك الطاقة محليا. وبحسب صحيفة الوطن على الرغم من اتخاذ حكومة المملكة خطوات متقدمة لتنويع مصادر الطاقة عبر التوجه إلى الطاقة البديلة والمتجددة، وتقليل اعتماد النقل على السيارات من خلال مشاريع النقل العام التي بدأت ترتسم معالمها في المدن وبينها، من أجل كفاءة استخدام الطاقة في المستقبل القريب، إلا أن ارتفاع معدلات استهلاك الطاقة ربما يتسبب في حلول عاجلة لعل أبرزها ما قامت به حكومة الإمارات العربية المتحدة من تحرير أسعار الوقود قبل أيام. ووفقا لآراء خبراء في مجال الطاقة فإن مثل هذا التوجه لا تقصر فوائده على المسار الاقتصادي، إذ إن هناك أبعادا اجتماعية وثقافية وتربوية أيضا تتمثل في تحمل مسؤولية الترشيد وتعظيم نعمة الطاقة والمحافظة على سلامة البيئة، في حين قدر أحدهم نسبة تهريب الوقود السعودي إلى دول مجاورة بـ30%. الخبيران المتخصصان في مجال الطاقة الدكتور صالح العجلان والدكتور راشد أبانمي، علقا الجرس على الاستهلاك المفرط للطاقة في المملكة، على اعتبار أنه من أعلى معدلات استهلاك الطاقة في العالم، الأمر الذي لا بد من مواجهته ووضع الحلول اللازمة له. أبانمي اعتبر مؤشرات الاستهلاك بالخطرة، مشيرا إلى دراسات متخصصة تفيد بارتفاع الاستهلاك المحلي ووصوله إلى معدلات إنتاج البترول وهو ما ينذر بتوقف التصدير إذا استمر الأمر على ما هو عليه، مضيفا: "آن الأوان لرفع الدعم عن أسعار الوقود".أما صالح العجلان فقال إن المملكة تنتج أكثر من 10 ملايين برميل يوميا والاستهلاك المحلي يقدر بنحو 4 ملايين برميل، مشيرا إلى أن نسبة كبيرة تذهب إلى مجالي توليد الكهرباء ووقود لوسائل النقل، مضيفا: "نحن مقبلون على عصر إذا لم نأخذ الاحتياطات فيه ونبدأ ترشيد استهلاك الطاقة من كهرباء ونقل وغيرها، سيكون هناك تداعيات كبيرة على التنمية واستدامة الموارد". وأضاف العجلان: "أنا ضد رفع أسعار الكهرباء رغم أنها ضرورة، وزيادة الأسعار ضرورة وهذا أمر سيادي للدولة، والدولة تريد مساعدة المواطنين والتسهيل عليهم والحصول على الخدمات بأسعار معقولة، أما في النقل فمن الأهمية بمكان رفع أسعار الوقود على الشركات".واقترح العجلان رفع أسعار الكهرباء في أوقات الذروة فقط، لا سيما أن المملكة تخطط لبناء استثمارات واضعة بعين الاعتبار وقت الذروة الذي ترتفع فيه وتيرة استهلاك الطاقة، مشددا على ضرورة وضع وتطوير برامج لترشيد استخدام الطاقة. وبالعودة إلى أبانمي قال إنه من الأهمية بمكان معالجة الوضع بشكل فعّال، بحيث لا يكون الرفع مفاجئ، ويتسبب في نتائج عكسية على المواطن، مقترحا أن تحرر الأسعار وتربط بأسعار البورصة العالمية، ويتم تعويض المواطن من خلال الفرق بين القيمة المدعومة والقيمة الجديدة المبنية على سعر السوق العالمي، بحيث يعوض ماديا بدلا من منحه الوقود بأسعار مدعومة ويكون له الخيار في صرفها على الوقود أو غيرها. وأكد أبانمي على ضرورة أن يكون الدعم ذكي والابتعاد عن الدعم العشوائي الذي من الممكن استغلاله في تهرب الوقود إلى دول مجاورة، الذي قدرت نسبته بـ30% من إجمالي استهلاكه في المملكة، مؤكدا أن كل سلعة مدعومة يأتي خلفها متنفعون يسيئون استخدامها، ويتسببون في خسارة الدولة للعدم الممنوح في الأساس للمواطن. يذكر أن إنتاج المملكة للنفط سجل خلال شهر مايو الماضي ارتفاعا طفيفا، حيث بلغ الإنتاج 10.333 ملايين برميل يوميا، مقابل 10.308 ملايين برميل يوميا في شهر أبريل الماضي، وذلك وفقا للمبادرة المشتركة للبيانات النفطية "جودي" التي كشفت أن مصافي المملكة عالجت 2.423 مليون برميل يوميا في شهر مايو ارتفاعا من 2.224 مليون برميل يوميا في شهر أبريل. وذكر موقع جودي الذي يستمد معلوماته من الدول الأعضاء المنتجة للنفط في منظمات عالمية من بينها وكالة الطاقة الدولية ومنظمة أوبك أن الصادرات السعودية للنفط انخفضت في شهر مايو الماضي إلى 6.935 ملايين برميل يوميا، مقارنة بشهر أبريل الذي سجل تصدير 7.737 ملايين برميل يوميا.ووفقا للبيانات الصادرة على موقع جودي على الإنترنت فقد ارتفع حجم النفط الخام الذي استهلكته السعودية مباشرة لتوليد الطاقة إلى 677 ألف برميل يوميا في مايو من 358 ألف برميل يوميا في أبريل. وبحسب معلومات منظمة "أوبك"، فقد أنتجت المملكة في شهر مارس الماضي نحو 10.294 ملايين برميل، ونحو 9.636 ملايين برميل في شهر فبراير، أما في شهر يناير من العام الحالي فقد بلغ إنتاج المملكة من النفط 9.68 ملايين برميل يوميا. ووفقا لتأكيدات وزير النفط السعودي علي النعيمي فإن إنتاج المملكة من النفط الخام وصل في شهر 10.294 ملايين برميل يوميا يعد رقما قياسيا.
مشاركة :