أعلن الفرنسي ميشال بلاتيني أمس ترشحه رسميا لرئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم لخلافة السويسري جوزيف بلاتر المستقيل من منصبه على إثر الفضيحة التي هزت كيان المؤسسة الكروية أواخر مايو (أيار) الماضي، ومتعهدا بألا يألوَ جهدا في العمل من أجل وحدة ومصلحة عالم كرة القدم. وأعلن بلاتيني في بيان موجه إلى الدول الـ209 الأعضاء بالفيفا ترشحه لرئاسة الفيفا، مطالبا بالدعم في مسعاه لإدارة شؤون كرة القدم حول العالم، وقال: «لقد كان قرارا شخصيا ومدروسا بعناية كبيرة للغاية، قرار ناظرت فيه مستقبل كرة القدم مع مستقبلي. واسترشدت أيضا بالدعم والتشجيع الذي أظهره كثيرون منكم تجاهي». وأضاف: «هناك فترات في الحياة يتحتم عليك فيها تحديد مصيرك بنفسك. إنني أعيش الآن واحدة من هذه للحظات الحاسمة، إنني أقف عند منعطف في حياتي وسط الأحداث التي تشكل مستقبل الفيفا». وقال بلاتيني في إشارة إلى بلاتر الذي يرأس الفيفا منذ 1998 وسلفه البرازيلي جواو هافيلانج الذي تولى المسؤولية من 1974 إلى 1998: «خلال النصف قرن الأخير تناوب شخصان فقط على رئاسة الفيفا.. الأحداث الأخيرة تلزم الاتحاد الدولي.. بفتح صفحة جديدة وبإعادة النظر في أساليب الإدارة». وأكد بلاتيني إلى أنه سيعمل لما فيه «مصلحة كرة القدم»، وسيحاول إعادة إلى الفيفا «هيبتها والمكانة التي تستحق». وأضاف: «في بعض الأوقات يفرض عليك القدر اتخاذ قرار بهذه الأهمية، وربما قد أكون بلغت هذه اللحظة الحاسمة». ويبدو بلاتيني مرشحا فوق لإعادة ليصبح الرئيس التاسع للفيفا، خصوصا أنه لقي دعم أربعة اتحادات هي أوروبا وآسيا وأميركا الجنوبية والكونكاكاف. وستجرى الانتخابات في 26 فبراير (شباط) عام 2016، مع العلم بأن المهلة القصوى للتقدم بالترشح رسميا هو 26 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وتضم الجمعية العمومية للفيفا 209 اتحادات موزعة بالشكل التالي: أوروبا تضم 54 عضوا لكن جبل طارق لا تستطيع التصويت لأن الفيفا لم يعترف بها رسميا، أفريقيا (54)، آسيا (46)، الكونكاكاف (35)، أوقيانيا (11)، وأميركا الجنوبية (10 أصوات). وقدم بلاتر الذي يتولى رئاسة الفيفا منذ يونيو (حزيران) عام 1998 استقالته من رئاسة الفيفا بشكل مفاجئ في الثاني من يونيو الماضي بعد أربعة أيام على فوزه بولاية خامسة على التوالي تحت وطأة فضائح الفساد المتتالية، ودعا إلى جمعية عمومية غير عادية لانتخاب رئيس جديد. ويرأس بلاتيني، 60 عاما، الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا) منذ عام 2007، كما أنه عضو باللجنة التنفيذية للفيفا منذ عام 2002، لكنه رفض خوض التحدي في مواجهة بلاتر في الانتخابات الماضية التي أجريت باجتماع الجمعية العمومية للفيفا (الكونغرس) في 29 مايو الماضي، وفض مساندة الأمير الأردني علي بن الحسين الذي حظي بدعم كثيرين من اليويفا. ولكن بلاتر تفوق بفارق مريح في الأصوات على الأمير علي وفاز برئاسة الفيفا لفترة خامسة، إلا أنه أعلن بعدها بأربعة أيام نيته في الرحيل عن المنصب وسط تحقيقات واسعة تجريها السلطات الأميركية والسويسرية في ادعاءات فساد محيطة بالاتحاد، واعتقال عدة مسؤولين سابقين وحاليين. وفي تطور مفاجئ هاجم الأمير علي بن الحسين ترشيح بلاتيني مناشدا بوضع حد لثقافة «الترتيبات السرية». وقال الأمير علي في بيان رسمي أمس بعد أقل من ساعة على إعلان بلاتيني ترشحه رسميا لرئاسة الفيفا: «بلاتيني لا يصلح للفيفا.. يستحق أنصار كرة القدم واللاعبون أفضل، انغمس الفيفا في الفساد ويجب وفق ثقافة الترتيبات السرية التي تجرى وراء الكواليس». وأضاف: «الفيفا بحاجة إلى قائد مستقل، بعيد عن ممارسات الماضي». وأوضح الأمير علي أنه سيقوم بـ«استشارة» الاتحادات الوطنية «الأسبوع المقبل» حول «ما هو أفضل لمصلحة كرة القدم» دون ذكر مزيد عن نياته. من جهته أعلن أسطورة كرة القدم الأرجنتينية دييغو أرماندو مارادونا بأنه يتطلع لشغل مراكز مهمة داخل الاتحاد الدولي للعبة أو الترشح لرئاستها، ووجه رسالة تحذير أمس قائلا: «انتبهوا أنا قادم!». وأشار مارادونا في رسالته المصورة فيديو: «انتبهوا! عندما سأعود، سأعود لفعل كل شيء، سأعود من أجل الفيفا، والأشخاص في الدول العربية الذين منحوني عملا (درب الوصل الإماراتي من 2011 إلى 2012)، والأكثر من ذلك، سأعود من أجل عائلتي التي عانت مثلي.. ليس لدي أي شعور للانتقام». وتابع: «لن أعود بشعور الانتقام. سأعود بفكرة القيام بتغييرات في كرة القدم، كفى فسادا، كفى سرقة» في إشارة إلى فضائح الفساد التي هزت الهيئة الكروية العالمية في الأشهر الأخيرة. وكان مارادونا أعلن في حديث لإحدى القنوات التلفزيونية الأرجنتينية مطلع يونيو الماضي أنه يرى نفسه في منصب نائب رئيس الاتحاد الدولي في حال أصبح الأمير علي بن الحسين رئيسا للفيفا. وقال مارادونا: «إذا فاز الأمير علي بالانتخابات، لدي حظوظ كبيرة كي أصبح نائبا لرئيس الفيفا. إذا نجحت في ذلك، سأطردهم جميعا». وانتقد مارادونا كلا من بلاتر وبلاتيني والدولي البرتغالي السابق لويس فيغو، وقال بخصوص رئيس الاتحاد الأوروبي: «يجب أن يوضح بلاتيني المباريات الـ187 التي تلاعب بنتائجها، قالها لي في دبي، قبل أن يوجه سهامه إلى رئيس الفيفا: بلاتر خائف من أن يخرجه الـ(إف بي آي - مكتب التحقيقات الفيدرالي) والشرطة السويسرية مكبل اليدين من مقر الفيفا». وسيخوض بلاتيني منافسة مع الكوري الجنوبي تشونغ مونغ جوون النائب السابق لرئيس الفيفا، وهو الوحيد الذي أعلن ترشحه للمنصب قبل النجم الفرنسي. وكان موسى بيليتي رئيس اتحاد ليبيريا والنجم البرازيلي السابق زيكو قد أعلنا رغبتهما في الترشح، ولكن يجب أن يحصل كل منهما على دعم خمسة اتحادات، للترشح بشكل رسمي. ويحظى بلاتيني بالفعل بدعم عدة اتحادات من أوروبا وآسيا وأميركا الجنوبية وأميركا الشمالية والوسطى. وقال فولفغانغ نيرسباخ رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم: «بالطبع بلاتيني يعد مرشحا قويا». وفي حالة نجاح بلاتيني في انتخابات رئاسة الفيفا، من المتوقع أن يترشح نيرسباخ لخلافته في رئاسة اليويفا. ويعد بلاتيني رمزا مهمّا للكرة الفرنسية ويراه البعض أسطورة كرة القدم الفرنسية، بينما يعتبره آخرون ملكا غير متوج خلافا للجوهرة السوداء البرازيلي بيليه الذي أحرز ثلاثة ألقاب عالمية. وعشق بلاتيني الكرة منذ نعومة أظافره وبدأ مشواره في نانسي وأنهاه في يوفنتوس الإيطالي وقاد منتخب بلاده إلى لقب بطولة أوروبا للأمم عام 1984. وخاض بلاتيني أول مشواره الدولي مع منتخب فرنسا في عهد المدرب ميشال هيدالغو في المباراة ضد تشيكوسلوفاكيا سابقا على استاد «بارك دي برانس» في 27 مارس (آذار) 1976، حيث بزغ نجمه بتسجيل هدفه الدولي الأول. غير أن بلاتيني لم يتمكن حتى عام 1982 من الفوز بأي لقب كبير، حتى كانت نقطة التحول في حياته بانضمامه إلى فريق «السيدة العجوز» يوفنتوس الإيطالي حيث كان الموعد مع التتويجات المحلية والأوروبية، فنال أول لقب أوروبي عام 1984 ضمن منافسات كاس الكؤوس الأوروبية في ذلك الوقت وهي السنة التي حصل فيها على لقب الدوري الإيطالي أيضا. وتواصلت بعد ذلك سلسلة الألقاب والبطولات فنال لقب كأس أوروبا للأندية أبطال (دوري أبطال أوروبا حاليا) عام 1985 في المباراة النهائية المأساوية أمام ليفربول الإنجليزي على ملعب هيسل في العاصمة البلجيكية بروكسل التي شهدت سقوط 39 ضحية أغلبهم من الإيطاليين، وسجل هدف المباراة الوحيد من ركلة جزاء. كما نال بلاتيني مع يوفنتوس لقب الدوري الإيطالي مرتين عامي 1984 و1986 وكأس إيطاليا عام 1983. وإذا كانت فرنسا لم تتذوق قبل بلاتيني أي لقب قاري أو عالمي فإنها تمكنت في عصره وبفضله من التتويج بلقب كأس أمم أوروبا عام 1984 التي احتضنتها، لكن ظلت كأس العالم عصية على النجم الفرنسي حيث بقي لقب هذه المسابقة الوحيد الذي ينقص سجله الحافل. وأشرف بلاتيني على تدريب منتخب بلاده في الفترة بين 1988 إلى 1992، قبل أن ينتخب رئيسا للاتحاد الأوروبي لكرة القدم في يناير (كانون الثاني) عام 2007 ولا يزال يشغل هذا المنصب حتى الآن
مشاركة :