على طريقة دس السم في العسل، تنشط قطر عبر مؤسساتها الخيرية وبنوكها وسياسة الوساطة المزعومة في تقديم أموال طائلة بكافة دول العالم؛ لدعم الإرهاب والتطرف تحت ستار دعم أنشطة خيرية وتقديم مساعدات إنسانية أو تحرير رهائن مختطفين وسرعان ما تتكشف حقيقة تلك التمويلات المشبوهة وأهدافها، وتأخذ طريقها إما عبر أروقة المحاكم، لمقاضاة قطر ومؤسساتها، أو إخضاعها لتحقيقات موسعة للكشف عن شبكة الممولين والمستفيدين منها، أو اتخاذ قرار فوري بشأنها لدرء خطرها وتشهد العديد من أروقة المحاكم حول العالم، في الفترة الحالية، دعاوى قضائية تم رفعها من قبل ضحايا إرهاب قطر لمقاضاتها على جرائمها فقبل أيام اتهمت دعوى قضائية بالولايات المتحدة، دوائر رسمية قطرية بتمويل إرهابيين نفذوا عمليات قتل “موجعة” ضد أمريكيين وركزت الدعوى القضائية الأمريكية على استهداف مؤسسة قطر الخيرية باعتبارها وسيلة تمويل للإرهاب الدولي يأتي هذا فيما يتواصل النظر في دعوى قضائية بالمحكمة الفيدرالية بفلوريدا ضد مصرف قطر الإسلامي بتهمة تمويل جبهة النصرة الإرهابية. ومن أمريكا إلى بريطانيا، حيث يخضع مصرف الريان القطري لتحقيقات من السلطات البريطانية منذ العام الماضي لاتهامه بالتورط في عمليات تحويل أموال لجماعات ومنظمات إرهابية. بالتزامن مع تلك الحملة العالمية لمواجهة إرهاب قطر، يتصاعد الغضب في إيطاليا بعد ثبوت تورط قطر في دعم حركة “الشباب” الصومالية الإرهابية التي خطفت الرهينة الإيطالية، سيلفيا رومانو، وتم تحريرها بفدية قطرية الشهر الماضي. في ظل تلك الأجواء، تتزايد التحذيرات من التمويلات القطرية المشبوهة للمراكز الإسلامية وللمساجد في الدول الغربية، بعد كشف محاولات الدوحة لاستغلاله في الترويج لأجندة متطرفة، وفكر الإخوان الإرهابي. وذكرت صحيفة Berlinske الدنماركية، قبل أيام أن قطر وضعت يدها على”مركز حمد بن خليفة الحضاري” الذي يضم المسجد الكبير ومركز ثقافي في العاصمة كوبنهاجن، وسط انتقادات كبيرة في البلاد، ومخاوف من نشر التطرف والإرهاب. أحدث الدعاوى القضائية المرفوعة ضد قطر، جرت في الولايات المتحدة الأمريكية خلال شهر يونيو/حزيران، وأقام محام أمريكي دعوى قضائية ضد قطر، بسب تمويل الدوحة جماعات إرهابية أدت هجماتها إلى مقتل أمريكيين. وركزت الدعوى القضائية الأمريكية على استهداف مؤسسة قطر الخيرية باعتبارها وسيلة تمويل للإرهاب الدولي، كما شملت مصرف الريان وبنك قطر الوطني. وأقام الدعوى القضائية ضد قطر المدعي ستيفن ييرلز المعروف بدعم ضحايا الإرهاب في نيويورك نيابة عن عائلات وضحايا هذه الهجمات الإرهابية. ووجهت الدعوى اتهاما لقطر باستخدام قنوات مالية أمريكية لتمويل إرهابيين، مؤكدة أن جهات رسمية ومؤسسات مالية وفرت مبالغ طائلة لهم. وقالت الدعوى القضائية غير المسبوقة التي رفعت في مدينة نيويورك، 10 يونيو / حزيران الجاري، إن قطر وفرت تمويلاً بشكل سري للعديد من الهجمات الإرهابية التي أودت بحياة أمريكيين وإسرائيليين، وفقًا لنسخة من الدعوى حصل عيها موقع “فري بيكون” الأمريكي. وأشارت الدعوى التي تطالب بتعويضات لعائلات القتلى، إلى أن عدة مؤسسات مالية قطرية، تسيطر عليها إلى حد كبير الأسرة الحاكمة للبلاد، قدمت ملايين الدولارات لحركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” الفلسطينيتين، اللتين تصنفهما الولايات المتحدة منظمتين إرهابيتين. وذكرت الدعوى أنه في إطار خطة التمويل هذه، استخدمت المؤسسات الخيرية القطرية النظام المصرفي الأمريكي للتحويل إلى هذه المجموعات بشكل غير قانوني الأموال اللازمة لتخطيط وتنفيذ الهجمات. وذكر الموقع أن قطر تجنبت العقوبات الأمريكية ضد حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” من خلال تجنيد العديد من منظماتها الخيرية في مخطط لتحويل الأموال إلى الجماعات الإرهابية، كما هو الحال مع العديد من حالات تمويل الإرهاب الأخرى، وكان من المهم توفير هذه الأموال بالدولار الأمريكي. وتستهدف الدعوى تحديداً مؤسسة “قطر الخيرية”، التي تأسست عام 1992 باسم جمعية قطر الخيرية، وتعمل المنظمة “كمصدر تمويل رئيسي للإرهابيين الدوليين” ويعتقد أنها كانت مصدرا رئيسيا لتمويل زعيم تنظيم “القاعدة” الراحل أسامة بن لادن. وعملت “قطر الخيرية” مع مصرف “الريان” و”بنك قطر الوطني” اللذين يسيطر عليهما أفراد الأسرة الحاكمة في قطر بشكل كبير على البنوك والمجموعات الخيرية لإرسال ملايين الدولارات إلى “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، وفقًا للدعوى القضائية. وجاء في الدعوى القضائية أن كلا البنكين “عنصر أساسي لتوفير الوصول إلى النظام المالي الأمريكي للحصول على الدولار الأمريكي اللازم لدعم الأنشطة الإرهابية لحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين”. وفي قضية أخرى، يتواصل النظر في دعوى قضائية بالمحكمة الفيدرالية بفلوريدا ضد مصرف قطر الإسلامي. وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أقام مصور صحفي أمريكي، خُطف في سوريا نهاية عام 2012 من قبل جبهة النصرة الإرهابية، دعوى قضائية بالمحكمة الفيدرالية بفلوريدا ضد مصرف قطر الإسلامي متهما إياه بتمويل خاطفيه. وكانت هذه أول دعوى قضائية تتهم فيها مؤسسة قطرية بدعم الإرهاب خلال عام 2020، وتضاف إلى سلسلة قضايا سابقة حول العالم تواجه فيها الدوحة وبنوكها اتهامات مماثلة. على صعيد تورط البنوك القطرية أيضا في دعم الإرهاب، يخضع مصرف الريان لتحقيقات من السلطات البريطانية منذ العام الماضي لاتهامه بالتورط في عمليات تحويل أموال لجماعات ومنظمات إرهابية. وكشفت صحيفة “التايمز” البريطانية، في أغسطس/آب الماضي، عن تقديم بنك بريطاني مملوك لقطر خدمات مالية لمنظمات إنجليزية عديدة مرتبطة بمتطرفين، وأن حسابات بعض عملاء مصرف الريان القطري جُمدت خلال حملة أمنية. وبينت أن بنك الريان يقدّم خدمات مصرفية لنحو 15 منظمة إسلامية مثيرة للجدل، تشمل ما لا يقل عن أربع منظمات جُمّدت حساباتها أو أُغلقت في بنوك غربية. وبعدها بيومين كشفت الصحيفة نفسها أن بنكا قطريا آخر هو “بنك الدوحة” الذي يملك مكتبا في لندن يواجه اتهامات بتحويل أموال إلى جماعة إرهابية في سوريا، وفقا لدعوى قضائية تنظر أمام المحكمة العليا في لندن. وكشفت الصحيفة، في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، عن أن شقيقين ثريين يواجهان اتهامات بأنهما استغلا حسابات في “بنك الدوحة” لتحويل مبالغ كبيرة من المال إلى “جبهة النصرة”، التابعة لتنظيم “القاعدة” الإرهابي، أثناء الحرب السورية. أحدث التداعيات لإرهاب قطر ومحاولة حصاره، تشهدها إيطاليا هذه الفترة، رفضا لتمرير اتفاقيات سابقة تم توقيعها مع قطر، بعد أن تكشف دور الدوحة في دعم الإرهاب عبر فدى وهمية. وأعرب الإيطاليون عن رفضهم تمرير البرلمان في 27 مايو/أيار الماضي الاتفاق الذي وقعته إيطاليا، مع قطر في مجال التعاون التعلیمي، والبحث العلمي. ووصف عدد من رؤساء الأحزاب، الاتفاق الذي وقعه رئيس الوزراء السابق فى حكومة تسيير الأعمال، ماريو مونتى، وأمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثانى، بأنه “دعاية رخيصة للتطرف، وسيحول روما لبؤرة لنشر الإرهاب فى أوروبا”. وألقت وسائل الإعلام الإيطالية الضوء على الاتفاق، ووصفته بأنه “فضيحة تاريخية للسياسة الإيطالية”، لافتة إلى تحرير الناشطة في العمل الإنساني “سليفيا رومانو” من قبضة حركة الشباب الصومالية الإرهابية التي اختطفتها في كينيا، كدليل على العلاقة الوثيقة بين الدوحة والإرهاب. ولفتت الصحف إلى تصريح رئيس فرع المخابرات الخارجیة الإيطالية، لوتشانو كارتا، حينها، والذي أكد أن تحرير سليفيا جاء بوساطة قطرية، مقابل دفع دية 4 ملايين دولار، ولم يجد الوسيط القطري أية صعوبة في هذه المفاوضات. ورفض الإيطاليون دفع الفدية للإرهابيين، واعتبروا الصفقة، دعما وتشجيعا للإرهابيين فى أنحاء العالم لاختطاف أي شخص. وعبر جهود استخباراتية تركية، وبفدية قطرية، تم دفعها لحركة “الشباب” الصومالية الإرهابية، المرتبطة بفهد ياسين، رئيس الاستخبارات الصومالية، المعروف بعلاقاته بتنظيم القاعدة ونظام الدوحة، تم تحرير الرهينة الإيطالية، سيلفيا رومانو الشهر الماضي. ومن روما إلى باريس، حيث تشهد دوائر فرنسية عليا في الشهور الماضية تحركات جدية لـ”قطع” أذرع تمويل نظام الحمدين القطري لمؤسسات وجماعات إرهابية، وتحديداً تنظيم الإخوان وطالب نواب فرنسيون، في كلمات أمام مجلس الشيوخ، حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون بحظر تنظيم الإخوان الإرهابي والتدقيق أكثر في مسار الأموال الأجنبية. وقالت عضو مجلس الشيوخ الفرنسي، ناتالي غوليه، في تصريح مؤخرا إن مركز دراسات وأبحاث (لم تسمه) يعرف بتمويله من الدوحة، نظم مؤخرا عددا من الاجتماعات المثيرة للجدل. ودعت غوليه إلى حظر تنظيم الإخوان في العالم وضمه إلى قوائم الإرهابيين. وفي الدنمارك، تتزايد التحذيرات من التمويلات القطرية المشبوهة للمراكز الإسلامية وللمساجد، بعد كشف محاولات الدوحة لاستغلاله في الترويج لأجندة متطرفة، وفكر الإخوان الإرهابي. وذكرت صحيفة Berlinske الدنماركية، قبل أيام أن قطر وضعت يدها على”مركز حمد بن خليفة الحضاري” الذي يضم المسجد الكبير ومركز ثقافي في العاصمة كوبنهاجن، وسط انتقادات كبيرة في البلاد. وأوضح الصحيفة “أن الدوحة تسيطر في الوقت الحالي على المركز، بعد أن رفعت تمثيلها في مجلس إدارة صندوق كوبنهاجن، الذي يدير المركز، من 3 إلى 5 أعضاء، وباتت تملك الأغلبية في المجلس (5 من إجمالي 9 أعضاء). ووفق الصحيفة، فإن هناك غضبا وانتقادات في الأوساط الدنماركية بعد سيطرة قطر على المركز، ومخاوف من استغلاله في الترويج لأجندة متطرفة، وفكر الإخوان الإرهابي. وفي أبريل/نيسان 2019، كشف كتاب يحمل اسم “أوراق قطر”، عن التمويل القطري للإرهاب في أوروبا، عبر مؤسسة “قطر الخيرية”، التي تبث سمومها تحت ستار المساعدات الإنسانية وتمول بناء مساجد ومراكز ومؤسسات تابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي. ووصف الصحفيان الاستقصائيان، كريستيان شينو، وجورج مالبرنو، في كتابهما “قطر الخيرية” بـ”المؤسسة الأقوى في تلك الإمارة الصغيرة”، مؤكدين أنها تمكنت من “التوغل في 6 دول أوروبية أبرزها فرنسا، وإيطاليا، وسويسرا”، كما حذرا من خطورة هذا التمويل. ورسم كتاب “أوراق قطر” المؤلف من 295 صفحة خرائط توضيحية لمحاولة الدوحة بث التطرف في أوروبا، كما كشف للمرة الأولى، تفاصيل أكثر من 140 مشروعاً لتمويل المساجد والمدارس والمراكز، لصالح الجمعيات المرتبطة بتنظيم الإخوان الإرهابي. وفي أغسطس/ آب 2019، كشفت صحيفة “تليجراف” عن أن هيئة الرقابة على الجمعيات الخيرية في بريطانيا أصدرت تحذيرا حول “استقلال” جمعية خيرية بريطانية ترتبط بمؤسسة قطرية أدرجت على قوائم الإرهاب في دول خليجية. وقالت الصحيفة البريطانية، في تقرير نشرته، إن الهيئة أعربت عن قلقها إزاء “استقلال” جمعية “قطر الخيرية” في المملكة المتحدة، التي تقدم ملايين الجنيهات إلى المساجد وغيرها من المنظمات في جميع أنحاء بريطانيا. وأوضحت أن الهيئة تدخلت قبل 4 أعوام بعد أن اكتشفت أن 98% من تمويل المؤسسة البريطانية يأتي من جمعية “قطر الخيرية” ومقرها الدوحة، لتمويل مشاريع محددة في المملكة المتحدة. هذا التحذير كُشف عنه في تقرير الامتثال الذي اطلعت عليه “تليجراف”، والذي يظهر أن هيئة الرقابة أعربت أيضا عن قلقها من أن جميع أمناء الجمعية الخيرية في المملكة المتحدة في عام 2015 كانوا مرتبطين بجمعية “قطر الخيرية”، و3 منهم يتقاضون رواتب منها. ولفتت الصحيفة إلى أن جمعية “قطر الخيرية” الدوحة، كانت واحدة من 12 مؤسسة أدرجتها السعودية ومصر والإمارات والبحرين على قائمة الإرهاب عام 2017. وكانت جمعية “قطر الخيرية المملكة المتحدة” غيّرت اسمها في وقت لاحق من ذلك العام إلى “نكتار ترست”، لكن الحسابات تظهر أنها تلقت 28 مليون جنيه إسترليني من جمعية “قطر الخيرية” في عام 2017، قبل أن تنخفض التبرعات بشكل حاد. وعلقت السلطات في كوسوفو يوم 9 سبتمبر/أيلول 2018، نشاط مؤسسة “قطر الخيرية”، في خطوة تعد بمثابة دليل جديد على استغلال الدوحة لواجهة الأعمال الخيرية لتغطية أنشطتها غير الشرعية وتمويلها للإرهاب. ويرى مراقبون أن وقف كوسوفو لأنشطة جمعية قطر الخيرية يكشف للعالم الأدوار المشبوهة للجمعيات الخيرية القطرية في دعم الإرهاب.
مشاركة :