الإجراءات الوقائية تحد من إصابة الأطفال بكورونا

  • 9/19/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق: رانيا الغزاويعادت مدارس الدولة لتفتح أبوابها مع بداية العام الدراسي الجديد لاستقبال الطلبة مجدداً، في حالة استثنائية لم تشهدها الإمارات والعالم من قبل، في ظل وجود فيروس «كورونا» الأسرع انتشاراً بين الفيروسات، والتي ضربت تداعياته منذ بداياته، النظام الاقتصادي والصحي والتعليمي في العالم، واستمراريته التي فرضت على الجميع التعايش معه، لكن ضمن الحذر واليقظة واتباع الإجراءات الوقائية التي تساعد في السيطرة على انتشاره.في ظل عودة الحياة بكل مناحيها، وفي ظل إتاحة عودة الطلبة للتعلم المباشر في المدارس، يتساءل معظم الآباء عما إذا كانت عودة أبنائهم إلى مقاعد الدراسة آمنة أم تحمل في طياتها مخاطرة كبيرة؟الأطباء أوضحوا أنه بالرغم من قلة الدراسات التي أجريت عالمياً حول علاقة الفيروس بالأطفال، فإنهم أجمعوا على أن الأطفال قد لا تظهر عليهم أعراض الإصابة بالفيروس أو تكون بسيطة للغاية مقارنة بالبالغين، وأن نقل العدوى من الأطفال للكبار أقل بخمسة أضعاف من احتمالية انتقالها من الكبار للأطفال، وأن الإنفلونزا قد تكون الأكثر شراسة وتأثيراً في الأطفال مقارنة «بكوفيد - 19»، مؤكدين أهمية دور الأسرة في توعية أبنائهم بالأسلوب المناسب لأعمارهم، بأهمية التقيد بغسل وتعقيم اليدين بعد اللعب وعند ملامسة أي جسم غريب وقبل الأكل، حيث إن غرس ثقافة النظافة في نفوسهم للوقاية من الأمراض، يعد أمراً ضرورياً يضمن عدم إصابتهم، وعدم انتشار الفيروس في المدارس، وهو ما يسهم في إنجاح المساعي والإجراءات المشددة التي اتخذتها وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع الجهات الصحية في الدولة. مخاوف أولياء الأمور حول المخاوف التي تراود الأهل خلال هذه الفترة، توضح الدكتورة أمنيات الهاجري مديرة إدارة صحة المجتمع في مركز أبوظبي للصحة العامة، أنه لا داعي للخوف والقلق المبالغ به في ظل ما تقوم به الجهات الصحية والتعليمية من إجراءات صارمة لحماية وصول الفيروس للطلبة، حيث لم يسمح للمدارس غير المستوفية للإجراءات الاحترازية والمتطلبات بالتعليم المباشر، لذلك فقد تكون المدارس أكثر أماناً من مراكز التسوق لأن الإجراءات صارمة ولا تهاون فيها، حيث اجتازت المدارس مراحل من التفتيش وخصوصاً العيادات المدرسية، للتأكد من جاهزيتها للتعامل مع أي طارئ، فيما تم تدريب الطاقم التدريسي والعاملون في المدارس ويتم تعريفهم بالبروتوكولات الواجب اتباعها في الفترة الحالية، ضمن التعاون بين الهيئات الصحية والجهات التعليمية.وتلفت إلى إمكانية أن يكون الطفل حاملاً للفيروس دون ظهور أعراض أو حرارة، كما قد يكون الطفل ناقلاً للفيروس، وهنا يأتي دور الأهل إلى جانب فريق المدرسة بالتأكيد على التزام الأطفال بالإجراءات الاحترازية كغسل اليدين ولبس الكمامة والحفاظ على التباعد، والتخلص من الكمامة بالطريقة الصحيحة، وتبديل الزي المدرسي مباشرة فور العودة للمنزل، والتخلص من الحذاء في الخارج.وتشدد على ضرورة أخذ لقاح الإنفلونزا الموسمية والذي سيتوفر في المراكز الصحية منذ بداية شهر أكتوبر / تشرين الأول، حيث ستكون حاجته ملحة لهذا العام مع وجود فيروس كورونا، ومع تشابه الأعراض بين الفيروسين قد يتسبب ذلك في نوع من الخوف والذعر بين الأهالي، لكن التحقق عبر إجراء الفحص سيكون الفيصل، ولا صحة لما قيل عن عدم جدوى اللقاح، لافتة إلى أنه في حال إصابة الطفل بكورونا يجب التوجه للطبيب الذي عالجه لقياس الأجسام المناعية المضادة، والتأكد من وجودها.وتحذر من استخدام كمامات n95 للأطفال لكونها تتسبب في نقص الأكسجين لكونها لا تتناسب معهم، فيما لا يمنع من استخدام الكمامات القماشية في المدارس على الرغم من أن الكمامات الجراحية هي الأفضل، لكن يجب تدريب الأطفال على ارتدائها بالطريقة الصحيحة، وينصح الطفل بارتدائها طيلة الوقت في المدرسة، لافتة إلى توقعات بوجود صعوبة في التزام الأطفال بها، ويجب على الأهل عدم التخوف من ارتداء الكمامة الجراحية، فهي لا تتسبب في نقص الأكسجين ولا دراسة علمية تثبت صحة ذلك. أبحاث عالمية وعن الأبحاث العالمية التي أجريت لمعرفة إمكانية عدوى الأطفال بالفيروس، يوضح الدكتور حسام التتري استشاري طب الأطفال والأمراض المعدية بمركز القلب الطبي في العين، أن الحقائق العلمية حول العالم تشير إلى أن أقل من 2% من المصابين «بكورونا» هم من الأطفال، كما أن فرص نقل العدوى من الأطفال للكبار أقل بخمسة أضعاف من احتمالية أن ينتقل من الكبار للأطفال، وتعتبر أعراض الإصابة بالفيروس لدى الأطفال أقل شراسة مقارنة بأعراض الإنفلونزا، ففي كندا 10% من المرضى الكبار ادخلوا المستشفى، فيما كانت نسبة الأطفال 1.5%، أما الكبار الذين توفوا في المستشفى، فنسبتهم 8%، فيما بلغت لدى الأطفال 0.1% وهي أقل من المتوفين بالإنفلونزا، وفي الولايات المتحدة الأمريكية مقابل كل 20 بالغاً أدخل طفل واحد للمستشفيات. وبذلك نخلص إلى أن الفيروس غير قاتل بين الأطفال، ولا يؤدي لدخول المستشفى، ونسبة وفيات الأطفال في حوادث السير أكثر بكثير مقارنة مع الإصابة بالفيروس، لافتاً إلى أن احتمالية انتقال الفيروس عبر الكتب الدراسية ضعيفة جداً بحسب التقديرات العالمية، كما أن أغلبية الأطفال دون سن 18 عاماً لا تظهر عليهم أعراض الإصابة.ويتابع: أرى أن تحصيل الطفل أقل في التعلم عن بعد مقارنة بالمدرسة، لما توفره من سمات الذكاء الاجتماعي والتفاعلي، ومهارات التواصل والتعلم التي ستكون أفضل في المدرسة في ظل تواجد الإجراءات الاحترازية ومراعاة التباعد، كما أن مضار جلوس الطفل في المنزل والتعلم عن بعد تكمن في التعلق بالأجهزة اللوحية، وهو ما يسبب زيادة التوتر عند الأطفال واضطرابات النوم، وآلام الرقبة والرأس والظهر وقلة الحركة والنشاط البدني، وعدم التعرض للشمس، وبالتالي نقص فيتامين «د»، وبذلك فإن مضار عدم الذهاب إلى المدرسة قد تكون أكثر خطورة من الإصابة بالفيروس، وبالطبع هناك حالات خاصة يجب معها البقاء في المنزل كالذين يعانون حساسية مفرطة وأمراض الجهاز التنفسي. تعزيز مناعة الأطفال وعن تعزيز مناعة الأطفال تقول الدكتورة نوال الكعبي استشارية الأمراض المعدية ورئيس اللجنة الوطنية السريرية لفيروس كورونا والمدير التنفيذي للشؤون الطبية بمدينة الشيخ خليفة الطبية: لا توجد طريقة محددة لتعزيز مناعة الأطفال، لكنْ هناك عديد من الممارسات المتعلقة في هذا الشأن، منها المحافظة على الغذاء السليم والمتوازن الخالي من الأصباغ والمواد المصنعة كالخضراوات والفاكهة، والمحافظة على التطعيمات التي تمنع بعض الأمراض التي يمكن أن يتعرض لها الطفل، كما يجب تعليم الأطفال كيفية حماية أنفسهم من الفيروسات والعدوى، كأهمية التباعد الجسدي ولبس الكمامة وغسل اليدين وعدم لمس أي شي في الأماكن العامة، والنوم المبكر، حيث تتجدد خلايا الجسم خلال النوم المبكر، واكتمال تطعيم الأطفال.وتشير إلى أن الأطفال معرضون للإصابة بفيروس كورونا مثلهم مثل بقية أفراد المجتمع، لكن ما تمت ملاحظته خلال الحالات التي عولجت والتقارير العلمية، أن أغلبية الأطفال يصيبهم الفيروس بدرجة أخف، فقد لا تكون لديهم أعراض أو تكون بسيطة للغاية مقارنة بالبالغين وكبار السن، وأغلبية الأطفال يختفي لديهم الفيروس خلال أيام قليلة من ظهوره، بخلاف البالغين الذين يحتاجون إلى أسابيع لاختفائه، موضحة أن ذلك يحدث بحسب مستوى المناعة، ورد فعل الجهاز المناعي عند الطفل، والتي تكون أقل من البالغين، فرد فعل المناعة عند الطفل ليست بقوة الكبار، وهو ما يفسر تدهور حالة الكبار من الفيروس نتيجة لرد الفعل القوي للجهاز المناعي لديهم، لذلك يقوم الأطباء حاليا بتثبيط مناعة المريض كإجراء علاجي لكي يتحسن.وتضيف: أكسبت الفترة الحالية بحكم ما نعيشه للأطفال، مهارات الوقاية والحفاظ على الصحة، وباعتقادي أن هذه السلوكيات ستستمر بين أفراد المجتمع نظراً للحملات المكثفة التي تقوم بها الجهات المعنية بالدولة، للتوعية بماهية الفيروس وكيفية الوقاية منه، ولاحظنا كأطباء أن نسبة الإصابة بالفيروسات الأخرى مع الاهتمام بالتنظيف والتعقيم انخفضت كثيراً، لكن يبقى لفيروس كورونا خصائص مختلفة عن بقية الفيروسات بأن قدرته على الانتشار أكبر. نبذ الشائعات من جانبها، تشير الدكتورة زينب الجباس اختصاصية طب الأطفال في أبوظبي، إلى الدور الكبير الذي تقوم به الأسرة لتطبيق وترسيخ الإرشادات الصحية لدى كل أفراد الأسرة بمن فيهم الأطفال، وأهمية اختيار المصادر التثقيفية الصحيحة والموثوقة للمعلومات، التي تتعلق بفيروس كورونا وعدم الانصياع وراء الشائعات وتناقلها بين أفراد الأسرة، والعمل على نبذها، والابتعاد عن المعلومات المغلوطة، التي قد تزيد من حالات القلق والخوف غير المبرر بين أفراد المجتمع وقد تنتقل بدورها للأطفال، كل ذلك يسهم في نشر الخوف.وتؤكد أهمية الجلوس مع الأبناء والتعرف إلى أفكارهم ومعلوماتهم المناسبة حول المرض وفقاً لفئتهم العمرية بهدف تصحيح المفاهيم المغلوطة لديهم في ظل الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي، والحديث معهم بالأسلوب المناسب لأعمارهم، والعمل على طمأنتهم وتعريفهم بالإجراءات الوقائية والاحترازية، التي تتخذها مختلف الجهات الصحية، وتشجيعهم على اتباع إجراءات الوقائية، بما فيها غسل اليدين باستمرار بالماء والصابون أو بالمطهرات التي تحتوي على الكحول، وأهمية عدم تبادل الأغراض الشخصية مع الآخرين. أسئلة عديدة ويلفت الدكتور ناصر النواصرة اختصاصي طب الأسرة في أبوظبي، إلى الجهود المستمرة التي تقوم بها كل الجهات الصحية لرفع الوعي والتثقيف الصحي بالفيروس الذي لا يوجد حتى الآن أي علاج أو لقاح له، حيث تبقى الرعاية المكثفة وعلاج الأعراض هي الطريقة الرئيسة للتعامل معه، مشيراً إلى أن كثيراً من الآباء خلال الفترة الماضية تعرضوا للعديد من الأسئلة الموجهة إليهم من الأطفال حول المرض وأسبابه ومدى خطورته وكيفية الوقاية منه، وهي أسئلة تتطلب منهم إجابات منطقية وصحيحة بعيدة عن التهويل والتخويف الذي تنشره بعض وسائل الإعلام، ويتم تناقله بين الناس دون الرجوع إلى المصادر الرسمية لمثل هذه المعلومات.وطالب الجهات الصحية في الدولة، بأن تستفيد من عودة الطلبة للمدارس خلال فصل الدراسي الأول، عبر إجراء الكثير من الاستبيانات التي تسهم في تحديد ملامح الفيروس ومدى تأثيره في الأطفال، خصوصاً أن الدراسات المتعلقة بهذا الشأن حول العالم ما زالت قليلة جداً، وزيادة عمل البرامج التوعوية الموجهة للأطفال، خصوصا مرحلة رياض الأطفال والحلقة التعليمية الأولى، وذلك باستخدام أدوات جاذبة بصرياً وسمعياً كالرسوم المتحركة مثلاً، التي تشرح لهم عملية التعقيم وغسل اليدين الصحيحة، وارتداء الكمامات، فالبيئة العامة والمدارس هي أكثر الأماكن التي تنتشر فيها الجراثيم والأمراض المختلفة، بسبب طبيعة تصرف الأطفال وعدم اهتمامهم بالنظافة وغسل الأيدي، وهو ما يتطلب التوعية المستمرة.

مشاركة :