الحديث عن الشعر بشكل عام حديث ذو شجون والخوض في الكتابة عنه يجعلنا أمام أفق واسعة وطرق طويلة ومتشعبه. لذلك لعلي أحاول التطرق بالحديث بشكل مختصر حول جانب بسيط من جوانب الحركة الشعرية وعلى وجه الخصوص الشعر النبطي او الشعر الشعبي كما يسميه البعض وسوف أقوم فيما يلي بالتحدث عن الجماليات التي يجب أن يحرص الشاعر على توفرها في قصيدته حتى لايقع في النمطية وتأتي قصيدته تقريريه خاليه تماما من الصور الشعرية والجمل البلاغية والأفكار المبتكره وبالتالي تصنف في قائمة قصايد النظم ذات الطابع الذي عرف بعباراته المستهلكة وكما يقول الشاعر : *إذاالشعر لم يهززك عند سماعه* *فليس خليقا أن يقال له شعر* لذلك أؤكد انه لا بدّ من الإشارة إلى أنَّ الصورة الشعريّة مُرتبِطة بالخيال؛ فهي وليدة خيال الشاعر وأفكاره؛ إذ يتيح الخيال للشاعرالدخول خلف الأشياء واستخراج أبعاد المعنى؛ لأنَّها طريقته لإخراج ما في قلبه وعقله إلى المحيط الخارجيّ ليشارك فكرته مع المتلقّي؛ لذلك ينبغي أن يكون الشاعر صاحب خيال واسع؛ لكي يتمكّن من تفجير أفكاره وإيصالها إلى المُتلقِّي ولعلي ومن باب الايضاح بشكل أكبر أقوم بالاستدلال ببعض الأبيات التي تحمل مواصفات الشعر الحقيقي لما تحمله من صور شعرية فاخرة لنقف على هذة الصورة الشعرية الرائعة للشاعر الكبير مساعد بن ربيع الرشيدي يرحمه الله وهو يقول : _عمهوجة" قّل الكلام بثغرها يكفيك عشر سنين ماتسمع الهرج كن الحَمار الي يشع بنحرها حبات رمان" تساقط على ثلج_ لعلك عزيزي القاريء تشاهد جمال التصوير بعناية فائقة ودقة متناهية ولك أن تتخيل جمال المنظر لحبات الرمان فاقعة الاحمرار عندما تتساقط على بياض الثلج رحم الله الشاعر العذب *مساعد* *الرشيدي* ولا بد من الإشارة إلى أن الجماليات لاتنحصر في الصور فقط بل هناك العديد من الجوانب الآخرى التي يجب على الشاعر ان يجعلها حاضره في نصوصه الشعرية الرمز أو الإيحاء: هو لفظ قليل يشير إلى معانٍ كثيرة أو عميقة، وهو استخدام إشارة أو صور محددة؛ للتعبير عن عواطف وأفكار مجرّدة، أي أنّ هناك تبادلاً بين الكلمة وما ترمز إليه، كقول محمود درويش: "يطير الحمام"؛ ليرمز إلى السلام المَفقود في وطنه. والحقيقة النصوص الشعرية الجميلة كثيرة جدا ولايمكن استعراضها في مقال واحد ولكن نحن نحاول بقدر المستطاع في كل مقال تناول بعض إبداعات الشعراء ومن الابيات التي استوقفتني لجمالها ابيات للشاعر المبدع *أحمد* *الذبياني الجهني* حيث يقول : *كل ما مرت من المنشأ سحابه* *أستشف أخلاقك أطهر من بردها* *كيف لاوانتي من أحفاد الصحابه* *نادره ما كل من يبحث وجدها* *هي ربيع القلب هي نشوة شبابه* *راحتي ما بين منكبها و يدها* لاحظوا كيف استطاع الشاعر بذكاء اقتناص هذه الصورة البديعة ليرسم منها إبداااااع يطول الحديث عنه فالشاعر هنا استحضر كل دواعي الجمال فعليك أن تتخيل عزيزي القارئ جمال اللحظة حينما تهطل تراتيل المطر لتضفي جمال على النفس قبل الأرض ومما لاشك فيه أنها لحظة فائقة الجمال تجعلك تتذكر حينها كل لحظات الجمال السابقة وتشاهد أمام ناظريك صورة الحبيب الذي تتمنى لو كان بجانبك ليشاركك هذه اللحظة الجميلة ويتجاذب معك أطراف الحديث وتغمركما السعادة والنشوة ثم يقوم الشاعر بطريقة احترافية بتسطير شهادة سامية لمحبوبته الغايبة مؤكدا بأن أخلاقها أطهر من ماء المزن بربكم اي أخلاق تلك التي تشبه طهر ماء المزن وهذا غاية الروعة والإخلاص ثم يواصل شاعرنا كيل المديح لمعشوقته وفي الوقت نفسه يقوم بالتوضيح عن الأسباب التي جعلتها تبلغ كل هذا السمو من الأخلاق كيف لا وهو يقول *كيف لا وانتي من أحفاد الصحابه* ثم يؤكد في شطر العجز بأنها فوق هذا وذاك دره نفيسه من الصعب العثور عليها وهو يقول : *نادره ماكل من يبحث وجدها* ثم يختتم ترنيمته الفريدة من خلال إبراز مكانتها الرفيعة لديه وهي بكل تأكيد جديرة بتلك هذه المكانة بعد أن تجمعت بها كل هذه الصفات وبالتالي لايلام شاعرنا على هذا العزف الشجي الذي جرح نياط قلوبنا ولانملك الا ان نقول رفقا ابا ناصر بمشاعرنا. ولعلي قبل الختام أصافحكم بزهرة جميلة من بستان الشاعر المبدع والرائع *مدغم أبو شيبة* حيث يقول : على قطار الصبا مرت عجاف السنين يذكرك بالخير يازهرة سنين الصبا عيني تبي شي .. ياعيني وش اللي تبين وقلبي يبي شي .. ياقلبي وش اللي تبا نشدت هدهد سبا عن عودت الراحلين قال انتظر لين ياتيك الخبر من سبا الارض في عين غير المهتوى ماتزين لو انها جنةٍ خضرا تصير شهبا آتمنى أن أكون أستطعت من خلال هذا السطور تقديم مايحوز على شيئا من رضاكم واستحسانكم وهذا كل مانصبوا إليه ودمتم جميعا بحفظ الله ورعايته،،
مشاركة :