رفضت المحكمة الاتحادية العليا، طعن متهم ضد الحكم بحبسه ستة أشهر وتغريمه 20 ألف درهم ووقف رخصة قيادته ثلاثة أشهر، بتهمة قيادة مركبة تحت تأثير المخدر، والتعدي على شرطيين، ورفضت ادعاءه المرض النفسي، مؤكدة توافر العناصر القانونية لارتكابه الجريمة. وكانت أجهزة الشرطة، ألقت القبض على المتهم أثناء قيادته مركبته على طريق عام، وهو تحت تأثير المؤثرات العقلية، ولم يطع توجيهات الشرطة، واعتدى على عنصرين منها، وقاومهما وهددهما، وأتلف مركبة مملوكة للشرطة، وتمت إحالته إلى النيابة العامة التي بدورها أحالته إلى المحكمة مطالبة بمعاقبته. وقضت محكمة أول درجة بحبسه ستة أشهر، وتغريمه 20 ألف درهم، وأمرت بإيقاف العمل برخصة قيادته لمدة ثلاثة أشهر، تبدأ بعد الانتهاء من تنفيذ العقوبات الصادرة بحقه، وأيدتها محكمة الاستئناف، ولم يلق الحكم قبولاً لدى المتهم فطعن عليه، على سند أن الحكم دانه بأسباب عامة ومجملة، دون بيان الأدلة التي استند إليها، والتفت عن دفاعه بانتفاء القصد الجنائي لديه في جريمة التعدي، لأنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه. ورفضت المحكمة الاتحادية العليا طعن المتهم، مبينة أنه يشترط لتوافر حق الدفاع الشرعي المنصوص عليه في المادة (56) من قانون العقوبات أن يكون هناك خطر حال من جريمة على النفس أو المال، وأن يتعذر الالتجاء إلى السلطات العامة لدفعها، وألا يكون أمام المدافع وسيلة أخرى لرفع الخطر، وأن يتناسب الدفاع مع الاعتداء. وأكدت توافر العناصر القانونية لإدانة المتهم، مشيرة إلى ما أقر به المجني عليهما بمحضر جمع الاستدلالات وأمام المحكمة، وما أقر به المتهم في تحقيقات النيابة العامة من أنه أتلف زجاج سيارة الشرطة، واعتدى على المجني عليه الشرطي، ورفض الركوب في دورية الشرطة. ولفتت إلى تقرير المختبر الجنائي، الذي أكد أن المتهم كان متعاطياً مؤثرات عقلية أثناء قيادته لمركبته، مؤيدة ما انتهى إليه حكم الاستئناف بأن جريمة الاعتداء قائمة في حق المتهم، ومن ثم فلا محل لقيام حالة الدفاع الشرعي. ورداً على دفاع المتهم بشأن ادعائه بأنه يعاني مرضاً نفسياً يفقده القدرة على التحكم في تصرفاته، حسب ما تثبته المستندات الطبية التي تقدم بها، أكدت المحكمة أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير حالة المتهم العقلية، ومدى تأثيرها في المسؤولية الجنائية من الأمور الموضوعية، التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها، وهي غير ملزمة بندب خبير أو اتخاذ إجراء معين، مادامت أقامت قضاءها على أسباب سائغة، ولا عليها من بعد أن تتبع الدفاع في كل منحى أو مسلك، ما دام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لما أبداه المتهم من دفوع وطلبات، كما أن المرض العقلي الذي تمتنع به المسؤولية الجنائية هو الذي يترتب عليه فقد الإدراك أو الإرادة أو الاختيار، والمرض النفسي ليس له هذا التأثير، وقد يكون باعثاً على الجريمة، والأصل أن البواعث ليست من عناصر الجريمة، وسائر الأمراض والأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه لا تعد سبباً لانعدام المسؤولية، خصوصاً أن المتهم لم يدفع بانعدام المسؤولية لجنون أو عاهة في العقل، وهو مناط الإعفاء من المسؤولية، كما أنه لا تأثير للاستفزاز أو الغضب في إثبات توافر نية الاعتداء أو نفيها، مما يتعين رفض طعنه.
مشاركة :