مهنة التمريضبين سندان التشجيع ومطرقة التحديات

  • 9/20/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق: محمد الماحي مهنة التمريض من أسمى، وأشرف، وأنبل المهن الموجودة في عالمنا اليوم، ولكنها في الوقت نفسه، من أكثر المهن التي تتعرض للإجحاف، والظلم، خاصة في المجتمعات المحافظة، وتوجد أحكام مسبقة على العاملين فيها تسببت بعزوف الشباب، من الجنسين، عن دخول المجال الذي أثبتت الأزمة الصحية التي تجتاح العالم مدى الحاجة إليه، وتسبب النقص الحاد للعاملين بازدياد الوفيات بتأثير فيروس كورونا، مع تفشي الجائحة التي أعادت الاعتبار للعاملين في هذه المهنة، ومنحتهم الأوسم، بعدما نالهم الكثير من النظرات الدونية، ومعها موروثات ثقافية جعلت من التمريض مهنة تعاني الأمرّين: نظره ظالمة، ومعاملة قاسية.تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن العالم سيكون بحاجة إلى تسعة ملايين عامل، وعاملة، إضافيين في مجالي التمريض، والقبالة، إذا ما كنا نصبو إلى تحقيق التغطية الصحية الشاملة بحلول عام 2030. لذلك أعلنت عام 2020 السنة الدولية لكادر التمريض والقِبالة، وانضم إلى الجهود التي تبذلها منظمة الصحة العالمية وشركاؤها، الاتحاد الدولي للقابلات، والمجلس الدولي للممرضين والممرضات، ومنظمة التمريض الآن، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، من أجل الاحتفال على مدى عام كامل، بعمل كوادر التمريض والقبالة وتسليط الضوء على الظروف الصعبة التي يواجهونها، والدعوة إلى زيادة الاستثمارات في القوى العاملة في مجالي التمريض والقِبالة.وفي إطار تعزيز جاذبية مهنة التمريض نظمت وزارة الصحة ووقاية المجتمع مؤتمر «الابتكار في التمريض» لاستعراض أحدث الابتكارات التمريضية وتعزيز أهمية الدور الحيوي للابتكار في الرعاية التمريضية ومواكبة الاتجاهات العالمية والممارسات القائمة على الأدلة والبراهين، دفعة قوية وبعد أن استطاعت الإمارات الحد من تأثيرات الفيروس التاجي الغادر، تلقى قطاع التمريض في الدولة دفعة قوية إلى الأمام مع صدور السياسة الوطنية للتمريض، والاستراتيجية الوطنية لتعزيز جاذبية مهنتي التمريض والقبالة «خارطة طريق إلى 2023»، التي تعد الأولى من نوعها في دولة الإمارات.وتهدف الاستراتيجية الوطنية إلى زيادة أعداد المواطنين والمواطنات الراغبين في الالتحاق بهذه المهنة، وتحسين البرامج الأكاديمية التمريضية، ورفع جودة الخدمات التمريضية وخدمات القبالة في الدولة، من خلال خمسة محاور استراتيجية تشمل الحوكمة، والتشريعات المهنية الفعالة ونظام إدارة القوى العاملة في مهنتي التمريض والقبالة، لضمان تخطيط وإدارة القوى العاملة التمريضية، وفقاً للاحتياجات والأولويات الصحية الوطنية، كما تشمل محاور الاستراتيجية أيضاً الجودة والابتكار في التعليم والتطوير المهني لإعداد وتأهيل كوادر تمريضية، وقابلات ذات كفاءة عالية والبحث العلمي والممارسة المبنية على الأدلة.وعن المساعي التي تتبعها وزارة الصحة لتعزيز جاذبية التمريض لدى المواطنين، قدمت عدداً من المنح الدراسية في تخصصات التمريض ضمن عدد من جامعات الدولة، وتتكفل بالرسوم الدراسية والمواصلات والسكن، إضافة إلى تقديم حوافز مالية شهرية للطلبة لتوطين المهنة من خلال تشجيع الطلاب، والطالبات، على الالتحاق بها، للمساهمة الفاعلة في تقديم رعاية صحية متميزة للمرضى. الصورة السلبية وأوصى خبراء في القطاع الصحي خلال حوارهم مع «الخليج»، بضرورة تبني أساليب جديدة تشجع الشباب الإماراتيين على الالتحاق بمهنة التمريض، إضافة إلى أهمية وضع الاستراتيجيات الخاصة بتشجيع الممرضات الإماراتيات للانضمام إلى الدورات والبرامج المتخصصة بالتمريض، مثل العناية المركزة، وعناية حديثي الولادة.وطالبوا بضرورة العمل من أجل تعزيز الاستراتيجيات الخاصة برعاية برامج دراسة البكالوريوس، والماجستير، في التمريض للإماراتيين من الجنسين، والسعي نحو تبديد الصورة السلبية المحيطة بمهنة التمريض، من خلال تسليط الضوء على الدور الإنساني المهم الذي يقوم به العاملون في مهنة التمريض، وأن المجتمع الإماراتي في حاجة ماسة لوجود كوادر إماراتية شابة تعمل في هذه المهنة المهمة. عوامل تشجيعية يقول الدكتور نواف سلطان النعيمي اختصاصي الطب النفسي بمستشفيات شركة «صحة»، إن مشكلة التمريض لا تقتصر على دولة بحد ذاتها، بل هي مشكلة تعانيها كل الدول، بسبب زيادة الطلب على خدمات الرعاية الصحية التي يعتبر التمريض العمود الفقري لها، وتوحيد آلية التدريس والتدريب الخاصة بمهنة التمريض في الدولة من خلال المؤسسات الطبية والأكاديمية المعنية ضرورة أساسية، وأن تتضمن هذه الآلية عوامل تشجيعية عدة، تكون قادرة على استقطاب أكبر عدد ممكن من الشباب المواطن، وأن تتضمن كذلك حلولاً حقيقية لمواجهة التحديات التي تعانيها مهنة التمريض في الدولة.وطالب بضرورة الاهتمام بالتطور الوظيفي والمهني للكادر التمريضي، وتخصيص ميزانيات مالية لهذا الغرض بهدف تشجيع الممرضين على الاستمرار في هذه المهنة والتميز والابتكار في أداء مهامهم، وكذلك توفير برامج ترفيهية وصحية للممرضين، وتوفير بيئة عمل مناسبة لهدف التخفيف من ضغوط العمل التي يتعرضون لها. الحوكمة التشاركية وأكد الدكتور إسماعيل الرمحي استشاري طب الطوارئ، أهمية إدماج الممرضين من خلال مبدأ الحوكمة التشاركية وأن يقوم الممرض بدوره في إبداء الرأي بكل ما يخص المريض، باعتبار أنه الشخص الأكثر قرباً من المريض، ويتابع حالته ويعرف كل تفاصيلها، والعمل على تغيير السياسات والأنظمة المتعلقة بمهنة التمريض من أجل تحقيق رعاية تمريضية متميزة.وأوضح أن أهم التحديات التي تواجه الممرضة المواطنة هي البيئة العربية التي تضم تقاليد عائلية واجتماعية أغلبها صارمة، تجعلها لا تستطيع القيام بالتزاماتها الوظيفية التي تتطلب في كثير من الأحيان الاضطرار للوجود في الدوام أوقات عمل طويلة، وفقاً للحالات المرضية المسؤولة عنها.وأضاف أن هناك توجهاً حكومياً يضم خطة حقيقية لاستقطاب أكبر عدد من الشباب المواطنين، من خلال توفير سبل عدة للتشجيع والدعم، مشيرة إلى التوجه نحو تطبيق استراتيجية تخصص مهنة التمريض، بحيث نجد ممرضة متخصصة بكل مجال طبي.ويتفق الدكتور خالد حمد طبيب الطوارئ مع ما سبق، ويضيف إليه: إن من أبرز المشاكل التي تواجه هذا القطاع الحيوي والإنساني، هو نقص عدد العاملين فيه من المواطنين والمواطنات وعزوفهم عن العمل في القطاع بسبب ثقافة المجتمع والعادات والتقاليد، وضعف العائد، أو المحفزات المادية، ونظام العمل الذي يتطلب الدوام بنظام المناوبة حسب مقتضيات العمل.وأشار إلى وجود برامج متنوعة تستهدف استقطاب شريحة مهمة من المواطنين والمواطنات ممن لديهم الرغبة، ويملكون الخبرة في العمل بمجال التمريض. ظروف اجتماعية وأجمعت عدد من الممرضات المواطنات «امتلاكهن الإصرار والعزيمة على ممارسة مهنة من أشرف المهن وأقدسها»، مؤكدات مواجهتهن بعض الصعوبات، وبخاصة المتعلقة بالتقاليد والثقافة المجتمعية، ومن أبرزها مسألة المناوبات الليلية، وعبرن عن رضاهن الوظيفي، رغم ضعف المقابل مقارنة ببعض الأعمال والوظائف الأخرى، وحرصهن على تشجيع المواطنات على الانضمام والعمل بهذه المهنة. وأبدين شجاعة في اعتزازهن بالمهنة، وحرصن على تقديم النصح والإرشاد، وتغلبن على الظروف الاجتماعية والتقاليد واستطعن إقناع الأهل بهذه المهنة الصعبة التي تحتاج إلى نظام يتناوبن خلاله العمل بالفترات الصباحية، والمسائية.فاطمة البلوشي بمدينة خليفة الطبية، تطالب بضرورة تغيير الأفكار السائدة بأن مهنة التمريض مقتصرة على النساء فقط، لافتة إلى أهمية تثقيف الأطفال والشباب حول أهمية مهنة التمريض، ودراسة هذا التخصص.ودعت الشباب للانخراط في مهنة التمريض، وإحداث فرق في هذا النوع من الرعاية في المجال الصحي، مشيرة إلى أن الشباب بحاجة إلى فهم حاجة الدولة للمزيد من الكوادر التمريضية من المواطنين الذكور، وتحمّلهم المسؤولية في ذلك.وتقول أسماء درويش المسماري الممرضة بمستشفى الشيخ خليفة: للممرضات دور محوري في أي فريق صحي، إذ يتولين مسؤولية تعزيز صحة الأفراد والوقاية من الأمراض والعلاج. وهن جزء لا يتجزأ من الفرق المهنية الصحية القريبة من المجتمع، ودورهن أساسي في تطوير نماذج جديدة للعناية الصحية الاجتماعية، ودعم جهود الدولة للوقاية من الأمراض والترويج لصحة الإنسان. وعبرت عن رضاها الوظيفي رغم ضعف المقابل مقارنة ببعض الأعمال والوظائف الأخرى، وحرصت على تشجيع المواطنات على الانضمام والعمل في مهنة التمريض أما الممرضة فاطمة المعمري، فترى أن واقع التمريض في الإمارات حالياً مقارنة بالسنوات الماضية تحسّن بصورة كبيرة نظراً لوجود محفزات عدة منحت للدارسين والدارسات للمهنة من قبل المؤسسات الصحية والتعليمية، وتشجيع القيادة الرشيدة للانخراط في هذه المهنة النبيلة، وتوفير الكليات ومدارس التمريض، حيث توجد حالياً 4 كليات في القطاع الحكومي، وكلية في القطاع الخاص على مستوى الدولة، والتي يمنح معظمها الفرص للدراسات العليا والماجستير في التمريض، وتخصصاته، إضافة إلى امتلاك الممرضات الإماراتيات في المؤسسات الصحية الإصرار والعزيمة على ممارسة مهنة من أشرف المهن، وأقدسها، رغم مواجهتهن بعض الصعوبات، وبخاصة المتعلقة بالتقاليد والثقافة المجتمعية، ومن أبرزها مسألة المناوبات الليلية. مستشفيات تسجل زيادة في المواطنين سجل عدد من المستشفيات، زيادة في أعداد المواطنين الذين يتقدمون للعمل كممرضين على المستويين المبتدئ، والمتقدم، بعد أن طرح عدد من المستشفيات مجموعة من الأدوار التمريضية الجديدة، إذ أدخلت إلى الدولة، ولأول مرة، وظيفة الممرض الممارس، ومساعد الطبيب، ليشق بذلك مساراً واضحاً للتقدم الوظيفي في مجال التمريض. فهذه الأدوار المتقدمة تسمح للممرضين بتولي مسؤوليات أكبر في المستشفيات نمقارنة مع تلك التي كانوا يتولونها سابقاً، ليصبحوا بذلك أكثر انخراطاً في عملية رعاية المرضى للأمراض المعقدة، والإدارة الطبية، وإدارة المستشفى.وعبّر مديرو المستشفيات عن تفاؤلهم بأن تصبح المستشفيات، من خلال تعزيز المسار الوظيفي المتاح للممرضين في الدولة، قادرة على جذب المزيد من المواطنين الإماراتيين إلى هذه الأدوار الرئيسية، وعلى دعم استدامة قطاع الرعاية الصحية في الإمارات العربية المتحدة من خلال ضمان توفير العدد الكافي من المتخصصين في التمريض. 4 مبادرات تطلقها «صحة» اطلقت شركة أبوظبي للخدمات الصحية «صحة»، أربع مبادرات لتشجيع المواطنين على الالتحاق بتخصصات التمريض، ورفع نسبة التوطين في هذه المهنة، شملت خلق بيئة جاذبة للعمل تشعر الممرض بأهميته، وإيجاد سلم وظيفي واضح بالنسبة للعاملين في قطاع التمريض، والتأكيد على أن الممرض يقوم بدور مهم في القطاع الصحي، إضافة إلى إطلاق حملات في المدارس والجامعات لتشجيع الطلاب على الانخراط في مهنة التمريض، مشيرة إلى أن نسبة المواطنين العاملين في مجال التمريض في إمارة أبوظبي تبلغ 1%.

مشاركة :