من المؤكد أن خدمة الاشتراكات الجديدة (آبل ون) Apple One ستمنح مستخدمي أجهزة آبل فرصة للاشتراك في معظم الخدمات بسعر واحد لتوفير بضع دولارات، لكن مع ذلك؛ يبدو أن الأمر قد لا يلقى ترحيب من الجميع وبالتحديد خدمة بث الموسيقى (سبوتيفاي) Spotify التي انتقدت آبل بشكل قوي وإتهمتها بالاحتكار وتقويض المنافسة والاضرار بخدمات بث الموسيقى.هل تقوم آبل حقًا بممارسة الاحتكار ومناهضة المنافسة عبر خدمة Apple One؟ بعد وقت قصير من إعلان آبل عن خدمة (Apple One) الجديدة يوم الثلاثاء الماضي، قامت سبوتيفاي بانتقاد الخدمة واصفة إياها بأنها مناهضة للمنافسة ودعت المنظمين للنظر في خدمة آبل الجديدة وتأثيرها على المنافسة. وأضافت في بيان نُشر في موقع CNN: “مرة أخرى، تستخدم آبل موقعها المهيمن وممارساتها غير العادلة لإلحاق الضرر بالمنافسين وحرمان المستهلكين من خلال تفضيل خدماتها الخاصة، ندعو سلطات المنافسة إلى التصرف بشكل عاجل لتقييد سلوك آبل المضاد للمنافسة الذي إذا تُرِك دون رادع، فسوف يتسبب في ضرر لا يمكن إصلاحه لمجتمع المطورين ويهدد حرياتنا الجماعية للاستماع والتعلم والإنشاء والتواصل”. وهذا الأمر بحسب الخبراء يمكن أن يؤثر بالفعل على المنافسين ومن ثم حجة سبوتيفاي صحيحة وادعاءها حول أن آبل تضر بالمنافسين أمر واقعي، فبالنظر إلى خدمة آبل الجديدة نجد أن المستهلك يمكنه الاشتراك في العديد من خدمات آبل المختلفة ومن ضمنها خدمة (آبل ميوزيك) Apple Music في حزمة واحدة بسعر أرخص، مما يجعله يصرف النظر تلقائيا عن خدمات الجهات الخارجية، مثل: سبوتيفاي. ومن ثم نجد أن احتجاجات سبوتيفاي قد تكون مشروعة بما يكفي لجذب انتباه منظمي مكافحة الاحتكار، لكن وفقًا لأستاذ القانون (تشيستوفر سايجر) فإنه يجد: “أن قانون مكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة وأوروبا معقد للغاية وسيكون لدى شركة سبوتيفاي طريق طويل للغاية للحصول على ما تريد”. ويضيف سايجر: “في كل من أوروبا والولايات المتحدة، هناك بالتأكيد قوانين موجودة يمكن بموجبها مقاضاة محتكر لربط أو تجميع خدمات مختلفة معًا، ولكن بموجب قانون الولايات المتحدة بشكل خاص، فمن الصعب للغاية إثبات أن الربط أو التجميع التي تقوم بها شركة آبل غير قانوني”.ولكن هل هناك أي خطأ في تجميع الخدمات؟ لتتغلب على سبوتيفاي على شركة آبل وتفوز بشكوى مكافحة الاحتكار في حالة رفعتها للمنظمين يجب أن تثبت أمرين ضروريين للغاية: أولًا: أن آبل لديها حصة كبيرة في السوق – أكثر من 30% – في أي من الخدمات المجمعة، ولكن نظرًا إلى أن خدمات آبل لا تزال متاحة بشكل فردي خارج الحزمة، فإن المنظمين سيضطرون على الأرجح إلى إثبات أن آبل قد جعلت تسعير الحزمة مقنعًا للغاية لدرجة أن المستهلكين سيرغبون بالتأكيد في شراء الحزمة، حتى لو لم يهتموا بالضرورة بجميع الخدمات فيها. ثانيًا: تثبت أن آبل تجعل حزمة من حزم الاشتراكات المتاحة في الخدمة رخيصة للغاية حتى يختارها المستهلكين، وفي هذه الحالة أن تنظر المحاكم إلى خدمة (Apple One) بأنها تقتل المنافسة من خلال تقديمها سعر أرخص من منافسيها وهو أمر غير قانوني بالتأكيد. ولكن قد تخسر سبوتيفاي القضية لأن آبل يمكنها نشر خدمتها الجديدة من خلال نظام التشغيل iOS الذي يعمل به حوالي مليار هاتف ذكي حول العالم، حيث تقوم آبل بتثبيت خدماتها سابقًا في هواتف آيفون، ومن خلال تقديم حزمة يمكن أن توفر أموال المستهلكين في تلك الخدمات المثبتة سابقًا، يقول الخبراء أن آبل يمكن أن تجعل اختيار خدماتها أسهل وأكثر إقناعًا من تثبيت تطبيق منافس. ونظرًا إلى أن آبل تتحكم في نظام التشغيل iOS من خلال تقديم حزمة من هذه الخدمات، فإنه سيجعل من السهل جدًا استخدام تطبيق بث الموسيقى الخاص بها Apple Music مما سيؤثر بشكل كبير على باقي تطبيقات بث الموسيقى وبشكل أكثر تأثيرًا في تطبيق سبوتيفاي. كما نجد أن العديد من الخبراء القانونين يتفقون بأن أي خدمة توفر أموال المستهلكين في الولايات المتحدة بشكل خاص غالبًا ما تنجح في إسقاط قضايا مكافحة الاحتكار، وإذا كان ذلك أفضل للمستهلكين فإن فوز سبوتيفاي في المحاكم الأمريكية قد يكون صعبًا بعض الشيء، بعكس الاتحاد الأوروبي الذي لديه قوانين صارمة في مكافحة الاحتكار، وهذا يفسر سبب قيام سبوتيفاي برفع شكاواها إلى المفوضية الأوروبية أيضا.
مشاركة :