بيروت – قال الرئيس اللبناني ميشال عون، الاثنين، إن بلاده ذاهبة إلى جهنم إذا لم تُشكل حكومة جديدة فيها، وذلك مع تداعي الجهود الفرنسية للحث على تشكيل الحكومة. وردا على سؤال عن الاتجاه الذي سيسير فيه لبنان إذا لم يتفق القادة المنقسمون قال عون “طبعا إلى جهنم"، أي أنّ الوضع في لبنان سيتدهور أكثر. وأكد عون أن بلاده تواجه أزمة في تشكيل الحكومة مقترحا إلغاء نظام المحاصصة الطائفية في الوزارات الرئيسية، قائلا إنه “مع تصلّب المواقف لا يبدو في الأفق أي حل قريب لتشكيل الحكومة لأن كل الحلول المطروحة تشكل غالبا ومغلوبا”. ومازال تشكيل الحكومة اللبنانية عالقا بسبب تمسك الثنائي الشيعي المتمثل في “حزب الله” وحركة “أمل” التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري بحقيبة المالية، التي تضمن لهم التحكم في مسار الحكومة القادمة، في حين يضغط المجتمع الدولي لتشكيل حكومة مغايرة لنهج المحاصصة الذي درجت عليها التشكيلات السابقة في البلاد. ولم تلح إلى حد الآن أي بوادر حلحلة حقيبة المال التي يتشبث بها الثنائي الشيعي رغم كل الاقترحات الهادفة لإنهاء الخلاف، من بينها الاقتراح الذي قدمه جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر، وصهر الرئيس ميشال عون، بالقيام بتجربة توزيع الوزارات المعروفة بالسيادية على الطوائف الأقل عددا وبالتحديد على الدروز والعلويين والأرمن والأقليات المسيحية. وقال ميشال عون، في هذا السياق، إنّ “الدستور لا ينصّ على تخصيص أي وزارة لأي طائفة من الطوائف أو لأي فريق، كما لا يمكن منح أي وزير سلطة لا ينص عليها الدستور”. وكرّس اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية عام 1989، معادلة اقتسام السلطة على أساس المحاصصات التي توزع المناصب الرئيسية بين المكونات الأساسية الثلاثة، المسيحيين والسنة والشيعة. وأضاف عون في خطاب تلفزيوني، نشر حساب الرئاسة على تويتر مقتطفات منه، “مع تصلّب المواقف لا يبدو في الأفق أي حل قريب"، موضحا أن رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب قد أجرى “أربع زيارات ولم يستطع أن يقدم لنا أي تصور أو تشكيلة أو توزيعا للحقائب أو الأسماء. لم تتحلحل العقد بعد”. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قد أمهل زعماء لبنان حتى نهاية شهر أكتوبر لبدء تطبيق إصلاحات، قائلا إن المساعدات المالية ستحجب عن البلد وسيفرض عليه عقوبات إذا شكل الفساد عقبة في طريق الإصلاح. وقال الرئيس اللبناني “تشاورنا مع إيمانويل ماكرون بشأن الوضع القائم، لكن نحن من يشكل الحكومة وليس الرئيس الفرنسي”. ورعت فرنسا في التاسع من أغسطس مؤتمراً دولياً لدعم لبنان بعد أيام على انفجار مرفأ بيروت تعهد خلاله المشاركون بتقديم أكثر من 250 مليون يورو لمساعدة اللبنانيين، على أن تقدم برعاية الأمم المتحدة وبشكل مباشر للشعب اللبناني، من دون أن تمر بمؤسسات الدولة المتهمة بالفساد. زيارات لم تثمر حكومة جديدة زيارات لم تثمر حكومة جديدة ودعا رئيس الوزراء اللبناني المكلف مصطفى أديب، في بيان، الإثنين، الأطراف السياسية في البلاد، إلى تسهيل تشكيل حكومة اختصاصيين قادرة على إخراج البلد من أزماته وإعادة الثقة. وحذر أديب، وهو سني يدعمه رؤساء وزراء لبنانيون سابقون منهم سعد الحريري، من أن أي "تأخير إضافي يفاقم الأزمة ويعمقها، ويدفع الناس نحو المزيد من الفقر، والدولة نحو المزيد من العجز". وفي 31 أغسطس الماضي، كلف عون، أديب بتشكيل حكومة تخلف سابقتها برئاسة حسان دياب، التي استقالت في العاشر من الشهر نفسه، بعد ستة أيام من انفجار كارثي في مرفأ العاصمة بيروت. وتزامن التكليف مع زيارة أجراها الرئيس الفرنسي إلى بيروت، بمناسبة ذكرى مئوية لبنان الكبير، والتي حصل خلالها على تعهدات من القوى السياسية بتشكيل حكومة كفاءات خلال أسبوعين. ويخشى لبنانيون من محاولة حزب الله وحلفاؤه استغلال فترة انشغال واشنطن بالانتخابات الرئاسية، لفرض حكومة على شاكلة حكومة حسان دياب المستقيلة، ما يعمّق العزلة الدولية على لبنان ويعزز حالة اللا استقرار في البلاد. وتزداد معاناة لبنان، الذي يبلغ عدد سكانه ستة ملايين نسمة، بفعل الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الفساد الحكومي وسوء الإدارة على مدى سنوات، مما أدى إلى انهيار العملة وارتفاع معدل البطالة بشدة وسقوط الكثيرين في براثن الفقر. وتفاقمت أزمة البلاد الاقتصادية والاجتماعية بعد انفجار بيروت المدمر والذي أدى إلى مقتل العشرات وتشريد الآلاف، فضلا عما خلفه من دمار كبير في البنية التحتية للعاصمة اللبنانية.
مشاركة :