مسجد عمرو بن العاص.. المعمار يحكي التاريخ

  • 8/1/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لا يروي تاريخ مسجد عمرو بين العاص، تاريخ تحفة معمارية إسلامية تعد واحدة من أبرز المعالم الإسلامية في مصر وحسب، وإنما يسرد تاريخاً طويلاً مرت به الدولة الإسلامية، وكان هذا المسجد بمثابة وثيقة عليها، إذ يعد المسجد أول مسجد بني في مصر، وأول مسجد بني في إفريقيا بأكملها، وكان شاهداً على مراحل مفصلية من عمر بناء الأمة الإسلامية وتمددها في القارة الإفريقية. لذلك لا يمكن النظر إلى المسجد بشكله المعماري القائم على سلسلة من الأقواس، والمآذن التي تعكس المراحل المعمارية التي ينتمي إليها هذا المسجد، إذ تروي دائرة التوثيق الأثري في مصر أن المسجد أنشأه عمرو بن العاص سنة 21 هجرية - 642 ميلادي بعد فراغه من فتح الاسكندرية ويعرف بتاج الجوامع والجامع العتيق وكان وقتئذ مشرفا على النيل، ووقف على تحرير قبلته جمع من الصحابة رضي الله عنهم. وتؤكد الوثائق حول المسجد أن مساحته كانت وقت إنشائه 50 ذراعاً في 30 ذراعاً وله ستة أبواب، وظل كذلك حتى عام 53ه / 672م حيث توالت التوسعات فزاد من مساحته مسلمة بن مخلد الأنصاري والي مصر من قبل معاوية بن أبي سيفان وأقام فيه أربع مآذن، وتوالت الإصلاحات والتوسعات بعد ذلك علي يد من حكموا مصر حتى وصلت مساحته بعد عمليات التوسيع المستمرة نحو أربعة وعشرين ألف ذراع معماري، وهو الآن120 في 110أمتار ( أي نحو 13200 متر مربع ). يؤكد ذلك العلاقة التي كانت تربط المساجد بالسلطة الحاكمة والمرحلة المعمارية التي شهدها التاريخ الإسلامي، إذ لم يكن للمسجد أكثر من مئذنة، ومع تحول العمارة الإسلامية وانفتاحها على ثقافات جديدة ظهرت فكرة تعدد المآذن، وظهر معها تغيرات كثيرة فصار للمسجد أربع مآذن و بنيت له طلة في اتجاه القبلة، وأصبح له صحن مكشوف وفرشه بالحصير، ونقش اسمه عليه، وأضيف له رحبة في الناحية الشمالية الغربية، وضم الطرق الفاصلة بين بيوت عمرو بن العاص وعبد الله بن الزبير، كما تغيرت زخرفة جدرانه وسقوفه. ليس ذلك ما يكشفه تاريخ المسجد، فالذي يعود إلى سيرته يجد واحدة من الملامح التي تبين مكانة المساجد في الدولة الإسلامية حيث كانت تتساوى مع مكانة الدولة ذاتها من حيث ضرورة الحفاظ عليها، فيذكر المؤرخون: انه في عام 564 ه إبان الحملة الصليبية على بلاد المسلمين، تخوف المسلمون من احتلال مدينة الفسطاط التي فيها جامع عمرو بن العاص، فعمد الوزير الضعيف شاور إلى إشعال النيران فيها، لعجزه عن الدفاع عنها، فاحترقت المدينة، وتخرب جامع عمرو بن العاص، واستمرت النيران 45 يوماً تتأجج في الفسطاط وتأتي على ما فيه، إلا أن بطل تحرير بلاد المسلمين من الصليبيين صلاح الدين الأيوبي، بدأ مرحلة إعمار المسجد من جديد بعد تلك النكبة المهولة، فأصلح منه عام 568 ه كثيراً، وأعاد بناء صدر الجامع والمحراب الكبير، وكساه بالرخام، ونقش عليه نقوشاً حسنة ، منها اسمه.

مشاركة :