يسعى قصاب شاب مولع بمهنته منذ صغره إلى إدراج فن القصابة الفرنسي ضمن قائمة اليونسكو، محاولا حشد مؤيدين من خلال التنقل بين المدن والأرياف لتعريف مربّي الماشية والجزّارين والطهاة بمبادرته. باريس- أدرك فيكتور دوما وهو في سن الخامسة، أنه سيكون قصّابا، وبعد 15 عاما، صمّم الشاب على إدراج “فن” تقطيع اللحم “بالطريقة الفرنسية” ضمن قائمة التراث غير المادي للبشرية التي تعتمدها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو). لكن كيف يمكن أن يكون سكين الجزار أداة لعمل فني؟ وكيف يمكن اعتبار الذبيحة المعلّقة بالخطّاف المتدلي من السقف تراثا؟ أما القصاب الشاب دوما (21 عاما)، فلا يشك للحظة في أن مهنته هي كذلك. وقال الشاب العشريني “أحبّ هذه المهنة. لقد كانت دائما تستهويني. إنها تعني لي الجمع والتقاسم”. وتابع أنه عندما كان طفلا، في مزرعة والديه في جبال منطقة ليون، كان نحر هذه البقرة أو ذبح ذلك الخروف مرتبطا بالمناسبات السعيدة، وكان الجيران يساعدون العائلة، فيما كان هو يشارك وتُسنَد إليه بعض المهام. فيكتور دوما يقوم بأصعب عمليات القصابة في عشر دقائق على الأكثر فيكتور دوما يقوم بأصعب عمليات القصابة في عشر دقائق على الأكثر وفي الخامسة عشرة، عندما شاء معلّموه توجيهه إلى الاستمرار في التعليم الأكاديمي والانتقال إلى الصف الأول الثانوي، اتخذ قراره وفرض خياره، وهو دراسة القصابة. وهكذا، تعلم التقنية والدقة والسرعة، فبات اليوم يقوم بأصعب عمليات القصابة في عشر دقائق على الأكثر. ويجول دوما منذ عام، في مختلف أنحاء فرنسا، حيث يلتقي مربّي الماشية والجزّارين والطهاة وحتى العاملين في مجال الدباغة. ويسعى إلى أن يُبرز “الصورة الجميلة للمهنة والمنتجات الجيدة والتعريف بالأسلوب الفرنسي في القصابة”، وحشد الدعم. وأوضح أن فكرة تقديم ترشيح القصابة إلى “اليونسكو” خطرت على باله “خلال بطولة العالم لتقطيع اللحم عام 2018 في أيرلندا”، حيث حلّ ثالثا ضمن فئة المبتدئين. وتبيّن لدوما عندما رأى طريقة عمل المرشحين الآخرين المتنافسين، أن “لفرنسا أسلوبا خاصا في تقطيع اللحم”، ولاحظ كذلك أن “الجميع كان ينظر إلى المرشحين الفرنسيين”. وأشار إلى أنه “في ذبيحة بقرة مثلا، يمكننا استخراج نحو 40 قطعة، في حين أن آخرين لن يعطوا الذبيحة القيمة نفسها.. ولن يقتطعوا منها سوى خمس أو ست قطع” مختلفة. ويأمل في أن ينضمّ فن القصابة على الطريقة الفرنسية إلى عدد كبير من الممارسات الثقافية أو الحرف التقليدية المدرجة ضمن التراث العالمي الثقافي غير المادي. ويساهم التقدير الدولي لحرفة أو مهارة معينة في حماية الثقافات المهددة جرّاء العولمة. غير أن دوما لا يرى أن القصابة الفرنسية في خطر، بل بالعكس، إذ يقول إن “الناس سيحتاجون دائما إلى تناول الطعام، وأكثر فأكثر باتوا يهتمون بالنوعية، وهذا ما لوحظ خلال مرحلة الحجر”. ويرفع تفاؤل دوما معنويات العاملين في هذه المهنة بعد الضغوط التي باتوا يتعرضون لها من حركة الطعام النباتي الصرف “فيغن” ومن الناشطين في مجال الدفاع عن الحيوان أو عن البيئة والمناخ. فرنسا ويلاحظ المدير العام للاتحاد الفرنسي للقصابة باتريك جيمونيه الذي يدعم ترشيح دوما أن “ثمة قسما متطرفا في حركة الفيغن يسعى إلى فرض التوجه إلى منتجات صناعية تماما، كاللحوم الاصطناعية أو الكيميائية”. أما دوما، فيعتبر أن لا شيء يساوي “لذة” تناول لحم حيوان رُبّيَ في مزرعة عائلية. ويستعد الشاب الفرنسي لبطولة العالم التي تقام في مدنية ساكرامنتو الأميركية في ولاية كاليفورنيا سنة 2021، ولكن هذه المرة ضمن فئة القصابين الشباب. وأكد ماتيو بيكور الذي يدير منظمة “كولتور فياند” أن دوما “يمثل القصابين الذين يتكيفون مع الرغبات ومع المواسم”. ويرى دومينيك لانغلوا، رئيس “انتربيف” (التي تجمع مربي المواشي والقصابين)، أن “فن القصابة الفرنسي مشهور في دول كثيرة”، مضيفا “في الصين التي دخل اللحم البقري الفرنسي سوقها أخيرا، طُلِبَ منا تنظيم دورات تدريبية”. ويحيي لانغلوا مبادرة دوما “الجميلة”، معربا عن استعداده “لدعم حملته على مدى سنوات، إذا اقتضى الأمر”. Previous
مشاركة :