اختتمت في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، ورشة أصول كتابة المقال والقصّة الخبرية، التي نُظّمت افتراضيّاً ضمن برنامج مخبر الإبداع الأدبي، وقدّمها الإعلامي المصري محمد عبدالمقصود، واشتملت على تكريم الأمين العام للاتحاد الدكتور محمد بن جرش وعدد من الكتاب المشاركين في الورشة. وقال بن جرش، في الندوة التي لقيت حضوراً فاعلاً، وتطرّقت إلى الترابط الكبير بين الفنون والأجناس الصحفيّة السائدة، وأوجه التطوّر الحاصلة، إنّ الاتحاد يقدّر عالياً تواصل المشاركين وحرصهم على المشاركة في مختبر الإبداع الأدبي الذي يعد من أهم البرامج التي يطرحها الاتحاد ضمن مبادرة تمكين الكتاب الشباب، نحو استفادة مأمولة ضمن برنامج المختبر الذي ارتأى الاتحاد أن يكون منصّةً معرفيّةً لجيل الكُتّاب الشباب، ولكلّ الأجيال المبدعة من مختلف الحقول والتخصصات. وعرض عبدالمقصود لأهمّ الفروق الحاصلة بين القصّة الخبريّة والأدبيّة وفن كتابة المقال الذاتي، والخيوط الرفيعة الفاصلة بينهما، قارئاً معايير السرعة والسبق في الأخبار ومعايير الإدهاش بتصوّر الفن الصحفي الملائم لهذا الموضوع أو ذاك. كما تحدث عن معيار الزمن، والأسلوب اللغوي المعتمد في كتابة القصة الأدبية بغية التأثير في المتلقي وتقنية «أنسنة» الأشياء والمواضيع في القصّة الخبرية للتأثير على الرأي العام، واستعادة مواضيع سابقة بأساليب جديدة. وحذّر عبدالمقصود من أن يطغى الأسلوب الأدبي على الفحوى الخبريّة داخل المادة، اعتماداً على أنّ هناك «داتا» لا بدّ من وجودها في القصّة الخبريّة، مناقشاً فكرة أنّ «الإنسان» هو المرتكز الرئيس أو الغرض الأساسي لكتابة القصّة الخبرية. وناقش عبدالمقصود مواضيع أنسنة المكان والمحتوى والجمال الحاصل في الكتابة، وملامح كلٍّ من القصّة الخبريّة والأدبيّة، وقال إنّ المعلومات التي نستند إليها في كتابتنا يجب ألا تكون محض خيال، بل حقيقيّة، مناقشاً أسلوب الوصف القصصي وحوار الشخصيّات والاستناد إلى آرائهم، وهدف التأثير المرجو في الرأي العام من خلالها، وضرب أمثلةً مما نشرته الصحف والوكالات من قصص كان لها حضورها الكبير والواسع، متطرقاً إلى موضوع المصداقيّة من عدمها في الكتابة، وهدف تحريك الوجدان العام للمجتمعات في العالم. وتحدث عن بنية القصّة الخبرية والأدبيّة ومقوّمات كلٍّ منهما، والتفاصيل والمعلومات التي تشدّ من أزر هذين اللونين، نحو التأثير الإيجابي، متناولاً طول المادة المكتوبة والتي ينبغي ألا تصل إلى حدّ إشعار القارئ بالملل، انطلاقاً من أنّ مسألة الإطالة دائماً ما تكون غير محمودة العواقب. وشرح عبدالمقصود مفهوم التحيّز في نقل الرأي، وإغفال الجوانب الأخرى لصالح هذا الرأي، لافتاً إلى موضوع متعلق بذلك هو «التضليل»، مبيّناّ أنّ ثمّة اختلافاً في هذه المواضيع، مع تأكيده حياديّة الخبر وعدم ظهور ذاتّية صاحبه، وكذلك عدم الإخلال بالثوابت. وقال: ليس الموضوع انحيازاً في كتابة القصّة بقدر ما هو نوع من أنواع الإحساس الوجداني بما اخترت أن يكون محوراً لقصّتك الخبريّة للتأثير على القرّاء، ولكنّه أشار أيضاً إلى مشكلة الانجراف وراء الرأي الخاص فتنحرف القصّة عن مسارها الموجّه للمجتمع، مؤيّداً ومضات الكاتب واستعارة الخيال المبني على أرض الواقع، لأنّ الكتابة الصحفيّة لا بد أن يراعي المشتغلون فيها عدم الخلط بين الأجناس المنتمية إليها. ولفت إلى سيطرة ألوان صحفيّة معيّنة في أوقات ومراحل معيّنة، فقد يكون هناك رواجٌ للقصّة الخبريّة مثلاً، في أوقات الأزمات والنكبات والحروب، وقد يبرز في أوقات معيّنة المقال، وقد يشتهر كتاب القصّة الخبريّة فتضطر الوكالات والمواقع الشهيرة إلى استعارة هذه القصص من أصحابها لأنهم محترفون فيها، باعتبارها تستلزم وقتاً وجهداً ذهنياً وماديّاً، مدللاً بأمثلة من الواقع المعيش. ومن الصحافة الإماراتيّة استعرض عبدالمقصود مع المشاركين نماذج من كتابات القصّة الخبريّة في رسائل الكتاب وأساليب تشويقهم وتقنيات السرد والمعلومات وعنصر التكثيف واللغة الجميلة التي لا تلغي المعلومة في نهاية المطاف. إلى ذلك، كرّم الدكتور محمد بن جرش المشاركين في الورشة.
مشاركة :