تدور أحداث الرواية حول شقيقاتٍ خمس كرديات، تضطرهنَّ أهوال الحرب إلى النزوح من منازلهنَّ التقليدية في القرية الجبلية كيت أندرسون، كاتبة ومعلمة وناشطة في مجال الإغاثة، قضت أربع سنوات بين الشعب الكرديِّ، وإعجابًا منها بشجاعتهم في مواجهة التحولات الحضارية العنيفة؛ بدأت في جمع وكتابة القصص التي تصور حياتهم. وفي هذا الكتاب، كتبت عن قصة خمس شقيقات نشأنَ في أوقات عصيبة، قصتهنَّ هي مزيج مُركَّب من حياة العديد من النساء الكرديات التي عرفتهنَّ. الكاتبة نفسها أمٌّ لأربع بنات وتسعة أحفاد، وتؤمن بأنَّ النساء في كل مكان يشكلنَ عالمهنَّ بالشجاعة نفسها التي بلورتها في هذه الرواية. تدور أحداث الرواية حول شقيقاتٍ خمس كرديات، تضطرهنَّ أهوال الحرب إلى النزوح من منازلهنَّ التقليدية في القرية الجبلية؛ تنضم اثنتان منهنَّ إلى الميليشيات تقاتلان دفاعًا عن هويتهما الوطنية، وواحدة تهاجر إلى أمريكا، أمَّا الاثنتان الآخريان فتتزوجان زواجًا تقليديًّا، حيث تواجه كل واحدة منهما مصيرًا مختلفًا تمامًا. تصبح الشقيقة الصغرى طبيبة تعود إلى منزلها لمساعدة الناس. تعكس الرواية القيم الكردية بما فيها من الشجاعة وشرف العائلة، وإخلاص الشقيقات بعضهنَّ لبعض حفاظًا على سائر الأخوات وهنَّ يكافحنَ من أجل البقاء على قيد الحياة في عالم سريع التغير. المقدمة تحلق الطائرة في سماء شرق حدود تركيا الممتدة، عبر النافذة تلقي رويا نظرة على الأرض وتضاريسها، فتعجب كيف تبدو الجبال مختلفة من الأعلى! الجبال هي صديقة الأكراد الوحيدة كما يقول المثل الكردي. إبَّان الحرب، عندما كانت مقاتلةً في حرب العصابات دفاعًا عن حبيبتها كردستان، كانت تلك الجبال صديقة وعدوة لها، لقد نشأَت في الجبال، والتي وإنْ كانت حصنًا منيعًا يخبّئ المقاتلين ويحميهم، إلا أنَّ الحياة فيها يمكن أنْ تكون شديدة القسوة. ما زالت مأخوذة، وتتساءل كيف حلَّقت الطائرة في أقل من ساعتين 2000 كلم عابرة جبال تركيا الوعرة الممتدة! تذكرَت تلك التدريبات القاسية، وتيارات رياح العواصف المريرة، والمسافات التي كانت تقطعها سيرًا على الأقدام في الجبال. كانت تتذكر وهي ترتجف، تلك الليالي الطويلة في الكهوف الجليدية. وبتأثر عاطفيٍّ شديد، تذكرَت ذلك الهواء البارد النقي، والسماء الزرقاء العالية التي تمتد على مساحات واسعة، والرعد فوق الأنهار الجبلية، وضوء الصباح الذي يلمس القمم العالية فتلمع ببريق وردي وذهبي. مرة أخرى شعرَت بالألم للرفاق الذين سقطوا، وشعورها بالوحدة في ساعات المراقبة الليلية، تذكرت تلك الصداقات الحميمة الدافئة حول ضوء النيران مساءً، وفرحة العثور على الحب. كان منظر الجبال يحيي داخلها ذكرياتها العتيقة عندما شاركَت في حرب عصابات ضد الجيش التركي. كانت تلك الأوقات صعبة، وتحمل الكثير من المعاناة؛ فالكثير قد ماتوا. ولكن في السنوات الأخيرة، أصبحت النزاعات متفرقة حيث انتقلت وتركزت في شرق تركيا، في المنطقة التي يسميها أهلها الأصليون باسم كردستان. لم تكن كردستان، وما كانوا أكرادًا؛ فقد حظرت الحكومة التركية استخدام هذه الكلمة ولغتهم ولباسهم الأصلي، وكذلك الفولكلور التقليدي من غناء وموسيقى. ليسوا أكرادًا، على حد قولهم، ولكنهم أتراك الجبل. حسنًا، ربما كان معظم الناس يريدون الآن السلام والأمان فقط. ربما كانوا على استعداد ليكونوا أتراك الجبل. كانت تتساءل عن رفاقها القدامى أين هم الآن؟! العديد منهم قد قُتلوا! إنها تعلم أنَّ العديد من الأكراد منتشرون في جميع أنحاء العالم، بعضهم، مثلها، قاتلوا في وقت ما من أجل الاستقلال الوطني، كانوا أمة بلا أرض تضمهم، ولأجل هذا كان القتال، لكنهم كانوا قليلين جدًّا، وضعفاء، لا طاقة لهم بالدول الحديثة القوية التي تقع على حدود قَسَّمت أراضي أجدادهم. إنهم بدائيون جدًّا وقَبَليون أيضًا، ومنقسمون، والقتال كان شديد الصعوبة، وكل الاحتمالات مؤلمة. تلك الذكريات كانت أكثر وضوحًا بكثير من ذكريات طفولتها المبكرة، كما لو كانت ذكرياتها قد اختفت باكرًا مع قريتها الجبلية العالية سيجاكسا التي قصفها الجيش التركي منذ فترة طويلة. صُدمت من اعتقادها أنها قد نسيت، وأخذت تسترجع ذكرياتها عن سيجاكسا؛ منازلها التي تميل إلى اللون البني، ويحيط كل منها جدار من الطوب الطين، وأحواض الزهور الزاهية، لكل منها سقف مسطح، تظلله أشجار الفاكهة والجوز، تقام عليه الكثير من الأعمال المنزلية، في فصل الشتاء الأسطح المستوية تدفئها الشمس الساطعة، وفي الصيف تبردها النّسائم التي تهب من الجبل. تنشر هناك الأصواف المجزوزة لتجف بعد الغسيل، حيث تتجمع النساء يغزلنَها ثم ينسجنَ على النول الخشبي الكبير. وهناك يتم تعليق سلاسل من الخضراوات، وباقات من الأعشاب لتجف، في حين تم تقطيع والبصل الطازج والطماطم لإعداد السلَطة أو الصلصة. وهناك الحبوب المطحونة، والدجاج منتوف الرّيش، وقطع اللحم المُعَدة. وتحت الستائر الظليلة تتجمع النساء ويتجاذبنَ أطراف الحديث وهنَّ يحتسين الشاي قبل العودة إلى مهامهنَّ اليومية. كانت تفكر إذا كانت الأمور قد ظلت هي نفسها كما كانت في طفولتها وصباها؟ لكنها تشعر بحنين جارف. الحياة في القرية يمكن أنْ تكون آمنة وجميلة، ولكنها مقيدة بقواعد صارمة للغاية؛ ورغمًا عنها لا تستطيع كسر تلك القواعد، وهذا هو السبب في انضمامها إلى الثوار، لأنها لو بقيت، لربما قُتلت على يد عائلتها أو أجبروها على قتل نفسها. كم هي الحياة صارمة في القرى القديمة!. نشأت رويا في سيجاكسا، وهي الابنة الكبرى في عائلة كردية كبيرة، بحنين الحب المختلط بالألم تذكرتهم، خصوصًا والدتها آیسل، والعمة كادر، والأخوات أليف، وسونغول، وعلياء، وسكينة. لقد تُوفيت آیسل، وسونغول، وعلياء، وكذلك والدها وعدد من إخوتها الذكور. كان من عادتها أنْ تتسامى على أحزانها، وتفكر في الأمور السعيدة. سرعان ما ستعود إلى الوطن، أو على الأقل إلى مدينة وان، حيث ستلتقي كادر، التي راسلتها لفترة طويلة، كما ستحضر حفل زفاف سكينة، وهو الذي عادت من أجله. ولأنها قد انضمت إلى الجيش المتمرد فقد تم نفيهم من موطنها الحبيب وعائلتها كل هذه السنوات الطويلة. الآن فقط، وبجواز سفرها الأمريكي الثمين، يمكنها العودة إلى هذه الأرض، إنها لا تزال تحبها. لكنها تغيرت كثيرًا الآن، وتعرف أنَّ الجميع يجب أنْ يكونوا قد تغيروا أيضًا. كانت خائفة مما ستجد لدى عودتها. وأي شيء سوف تكون هي نفسها؟ ماذا عن عائلتها، وإخوتها، هل تغيروا كثيرًا بعد رحيل عدد منهم؟ وهل الحياة الأسرية الدافئة التي تفتقدها بمرارة لا تزال كما هي؟!.
مشاركة :