نشرت مجلة هارفارد للأعمال أخيراً دراسة مفادها أنه بعد اجتماع مئة مدير تنفيذي لأهم شركات الأعمال في أميركا. اتضح أن 85 في المئة من شركات الأعمال تعمل خططاً للتغيير على مستوى الفرد والمجتمع، سواء على المدى القريب أو البعيد، لكن 15 في المئة فقط، من ينجح منها في تنفيذ تلك الخطط.مما استدعى سؤالنا التالي: لماذا التغيير صعب. ولماذا يتمسك الفرد - وبالتالي المجموعات في البيت والعمل والشارع والسوق - بالروتين المعتاد، و رغم الانفتاح على مواقع التواصل والأفكار الجديدة، نجد تخوفاً كبيراً وتردداً في ما يخص التغيير، مما يعكس انخفاض درجة الثقة بالنفس والقلق من الفشل والمغامرة، والاستعانة لما هو معروف وموجود ومعهود ومعتاد. التغيير السياسي يبنى غالباً على:أسس جديدة، عمليات وأدوات وتكنولوجيا مختلفة، كما تركز كبريات الشركات على أنماط مختلفة من السلوك، طرق التدريب والمهارات المغايرة لما هو موجود. سواء بالطلب من الموظف تقديم أفكار جديدة، تحفز تلك المقابلة لها لدى الزبون أو المشتري/ المستهلك. لكن ما يغفله هؤلاء هو: حالة «التعود الأخلاقي» من الأفكار والشعور لدى الفرد، وغالباً من هنا تنشأ حالة المقاومة للتغيير.حيث المعتقدات الثابتة وأنماط السلوك المتوارثة عن قناعات يصعب الحياد عنها، المغروسة عميقاً في الإدراك وتمتد جذورها للاوعي، التي من شأنها تحديد نظرتنا لأنفسنا والآخر والعالم من حولنا. كل ما سبق يصب في ما يسميه علم النفس الحديث بـ«المناعة ضد التغيير». وأميل لتعبير: مناعة ضد التطور/ التحرر/ التخلص من المنظومة القديمة التي لقنت الفرد أفكاراً قديمة ضد إرادته وذكائه وحريته وتحقق هويته وإبداعه، وحشرته في علب فكرية قاتمة... قيدته وكبلته وقتلت كل إمكانية فيه لتحقيق ذاته، كما هو يرى وليس كما يرى «المجموع»: القطيع، التراث؛ توجه المجتمع التقليدي. لذا أرى أن أي نظرية تغيير/ تطوير، لابد أن تكون موجهة للإنسان، لـ«عقله وإرادته وقلبه»؛ كي يكون ذكياً، حراً، شجاعاً.
مشاركة :