سوسن دهنيم من الطبيعي اختلاف وجهات النظر لدى الناس في شتى أمور الحياة. ومن الطبيعي أن يؤمن شخص بما لا يؤمن به غيره، بل وبنقيض قناعات غيره.وقديماً قيل ولا يزال:«اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية»، لكننا نرى، ونقرأ، ونعيش، عكس ذلك اليوم؛ فواقعنا، للأسف الشديد، يشهد على انعدام الود مع اختلاف الرأي، فضلاً عن انعدام كثير من الأخلاقيات في بعض ما يكتبه مَن هم محسوبون على قادة الرأي في المجتمع.اليوم صارت منصات التواصل الاجتماعي مكبّاً لكل النفايات من القول، والفعل. صارت بوقاً صدئاً ينعق فيه كثيرون ضد من لا يتوافقون معهم سياسياً، أو فكرياً، فنجد جيوشاً إلكترونية كثيرة تتحارب فيما بينها بلغة سوقية تصدم قارئها حتى يكاد يخجل من نفسه لأنه تابع فلاناً، أو أعجب بمنطق فلان، قبل أن يتصدر مشهداً للدفاع عن وجهة نظره، أو دولته، أو طائفته، أو قادته السياسيين.سقط كثير من «المثقفين» في هذا الفخ، وتمادوا كثيراً في دفاعهم هذا، وفي هجومهم ضد من لا يتوافق مع توجهاتهم، حتى وصل بهم الأمر إلى تشويه السمعة، والحديث عن الشرف، والعرض، وسط ذهول كثير من متابعيهم ممن لم يتوقعوا وصولهم إلى هذا المنحدر، فيما صفق لهم آخرون أعجبوا باللغة الهجومية، و«التطبيلية»، والسوقية، كأن العقل قد غاب عن كل هذه الصراعات الوقتية.من حق أيّ شخص أن يمتدح من يحبهم، ويجمّل صورة بلاده، وقادته، ويظهر مآثر سياسييه، وجميل أفعالهم، ومن حق أي فرد أن يدافع عن دينه، وطائفتهن وقبيلته، وجماعته، لكن من أين جاء بحق تشويه صورة الآخر كي يجمّل نفسه؟ من أين جاء بالجرأة التي تجعله حارس الجنة والنار، وقاضي الشرف؟ هل نحن بحاجة اليوم إلى مواثيق شرف تضعها الرقابات التي كنا ضدها طوال الوقت كي ينتبه كل من يستخدم هذه المنصات لما يكتب، ويراجع نفسه قبل أن ينتقده غيره بسبب أسلوبه في الدفاع، أو الهجوم؟ هل نحتاج دائماً أن نذكّر بأخلاقيات ديننا ورسولنا، صلى الله عليه وآله وسلم، في التعامل مع من يختلف معه في الرأي والمعتقد، بل ومن يتهجم عليه قولاً، وفعلاً؟ هل هذه الأخلاقيات والممارسات تخدم بالفعل أية رسالة، أو هدف، أم أنها تأتي بردود فعل تنسف كل ما أريد بها؟نحن بحاجة حقيقية إلى مراجعة ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي، وإيقاف متابعة كل من يستخدم ألفاظاً وأفعالاً لا تتناسب وثقافة التسامح، لتؤكد لنا أن اختلاف الرأي صار يفسد الود، ويفسد القضية. sawsanon@gmail.com
مشاركة :