واصلت العملة التركية تراجعها التدريجي إلى مستويات قياسية منخفضة، أمس الأربعاء، متأثرة بالتوقعات بأن يُحجم البنك المركزي عن رفع أسعار الفائدة لكبح الخسائر في وقت يبدو فيه أن التوترات مع اليونان ومخاطر فرض عقوبات من الاتحاد الأوروبي تنحسر.والليرة من أسوأ العملات أداء هذا العام، بانخفاضها 22%، نظرًا لبواعث القلق حيال تناقص احتياطيات تركيا من النقد الأجنبي وأسعار فائدة حقيقية أقل من الصفر بكثير. وبلغت العملة حوالي 7.7 ليرة للدولار، لتفقد نصف قيمتها في أقل من ثلاث سنوات. بدأ التراجع عندما أوقدت أزمة عملة في 2018 شرارة ركود اقتصادي أنهى سنوات من الازدهار تحت الرئيس رجب طيب أردوغان.وتوصل تقرير إلى أن الاقتصاد التركي يقترب من الانهيار، وأن سعر صرف العملة الوطنية «الليرة» ينخفض حرفيًا إلى أدنى مستوى تاريخي يومًا بعد آخر، ومن دون توقف.ولفت التقرير في ديباجته إلى أن انهيار الليرة التركية ليس ناجمًا عن هجوم من قبل المضاربين، ولكنه انعكاس للوضع الحقيقي للأمور.ورصد الخبير إيغور نيديلكين، أن سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار هوى بالفعل منذ بداية العام بنسبة 30٪، وفيما لا يُعد تخفيض قيمة العملة بالنسبة للدول المصدرة بالأمر الحرج، روسيا على سبيل المثال، بل هو عكس ذلك تشجعه السلطات أحياناً، فضعف العملة بالنسبة لتركيا التي تعد مستوردًا خالصًا، يشبه حبل المشنقة حول العنق.وقال التقرير في هذا السياق: «كلما ارتفع سعر الصرف، زادت الأموال المطلوبة لدفع ثمن الواردات، وكل انخفاض في الليرة يمثل ضربة موجعة جديدة. لم تصبح الأحداث في الاقتصاد التركي أخبارًا ملحوظة، ربما يرجع ذلك فقط لأن كوارث أخرى طغت عليها هذا العام».ولفت الخبير إلى أن السلطات التركية لم تتخذ أي تدابير لاستقرار سعر الصرف، مشيرًا إلى أنها «رفعت أسعار الفائدة بين البنوك إلى 1000٪، ونفذت تدخلات، واستخدمت المقايضة، وما إلى ذلك. كل هذا، يعطي في أحسن الأحوال نتيجة قصيرة الأجل. على سبيل المثال، تمكّن البنك المركزي التركي في الصيف من تجميد سعر صرف العملة الوطنية لفترة قصيرة، ولكن في الخريف استمر السقوط بقوة متجددة.وسجّل نيديلكين أن تركيا ببساطة ليس لديها الحجم المطلوب من العملة. إذا كانت احتياطيات البنك المركزي في بداية العام حوالي 75 مليار دولار، فهي الآن 45 مليار دولار فقط، وكما لاحظ خبراء وكالات التصنيف، فإن جميع هذه الاحتياطيات تقريبًا هي احتياطيات للبنوك التجارية، ولم يتبق أي شيء للجهة التنظيمية نفسها (البنك المركزي).وأشار التقرير على أن تركيا لديها احتياطيات كبيرة جدًا من الذهب. إلا أن احتمالية أن تواجه البلاد أزمة أكثر خطورة في ميزان المدفوعات، ما قد يؤدي إلى اضطرابات حادة في النشاط الاقتصادي، وزيادة تدهور الوضع، مرتفع للغاية.
مشاركة :